بقلم : عبود مزهر الكرخي
واقعة كربلاء تخطيط بشري أم ألهي؟؟؟
في الواقع هذا السؤال يثار دوماً وخصوصاً بين المتحاورين بين الفرق الإسلامية المختلفة ، وكان الفرق تتبنى أتجاهين مختلفين :
الاتجاه الأول : هو أن خروج الأمام الحسين(عليه السلام)كان بتخطيط بشري.
الاتجاه الثاني : هو أن نهضة الحسين وخروجه كان بتخطيط إلهي.
ولا بأس ونحن نعيش هذه الأيام الحزينة المؤلمة ،ونستذكر ما مر على اهل البيت(ع) من أهوال وفجائع لا مثيل لها في تاريخ البشرية
والحقيقة أن هذين الاتجاهين هي تمثل نظريتين مختلفين جمله وتفصيلاً ، والمقصود من هذا السؤال هو نقاش نظريتين مطروحة على الساحة الفكرية النظرية والساحة التاريخية ؛ وسوف نناقش هذين الاتجاهين أو النظريتين وبشكل مفصل.
الاتجاه الأول : هو أن خروج الأمام الحسين(عليه السلام)كان بتخطيط بشري.
وقد ذهب هذا الفريق إلى التخطيط لواقعة كربلاء كان بشرياُ ، حيث أن الأمام الحسين(عليه السلام) ، بعد أن رأى عدم لياقة يزيد للحكم وقيادة الأمة الإسلامية لفجوره وفسقه وتضييعه للشريعة وعدم مبالاته بمصالح العباد والبلاد، لهذا خطط للقيام بالنهضة والثورة ضد الفاجر والحاكم يزيد المعطل لحدود الله وشرائعه ، وحسب قناعاته الفكرية وحساباته المادية ، وبالتالي يقوم بثروته ضد الطاغية يزيد ، وبالتالي استلام الحكم والسلطة ، وقيادة الأمة والتي كان تؤدي الى خطته على هذا الأساس ، والذي شجعه وصول كتب أهل الكوفة إليه(ع)ان اقدم علينا فانا لك جنود مجندة، لهذا لم يسمع كلام ناصحيه كابن عباس وأخيه محمد بن الحنفية بعدم الخروج او الذهاب الى اليمن،
واستمع لكلام ابن الزبير بالثورة والخروج على يزيد، ونتيجة ذلك ان حصلت معركة غير متكافئة القوة -بعد تفرق من كان معه-
انتهت بقتل الامام الحسين (ع)وخاصته وسبي حريمه وعياله...
وهكذا انتهت واقعة كربلاء التي خطط لها الامام (ع) لتسلم القيادة والحكم ، في نظر أصحاب التخطيط البشري للواقعة.
ولا بأس أن نعرج على من يتبنى هذا الاتجاه أو الراي من القدماء والمحدثين.
حيث يرون هؤلاء العلماء والكتاب في محاولات معاوية توريث الحكم إلى ابنه الفاجر يزيد وبالتهديد والترغيب هي مخالفة واضحة لمنهج الإسلام في الخلافة الراشدة ، ومع ذلك فإنه لم يهتم بالخروج على معاوية؛ نظراً لمبايعته له بالخلافة، فظل على عهده والتزامه. ولكن بعد موت وهلاك معاوية تغير الموقف ، فالحسين لم في عنقه بيعة توجب له السمع والطاعة ، والدليل على ذلك هو محاولة والي المدينة الوليد بن عتبة ومعه الوزغ ابن الوزغ مروان بن الحكم أخذ البيعة من الحسين وحتى بالقوة ، وحتى قطع راسه وهذا ما أشار اليه مروان إلى والي المدينة بذلك ، ولكن والي المدينة رفض هذا الرأي ، ومن هنا خرج الإمام الحسين(عليه السلام) وعبد الله بن الزبير من المدينة إلى مكة ، من دون أن يأخذ بيعة الأثنين.
والحقيقة أن موقف الإمام الحسين وفتواه ضد الحكم أتخذ مرحلتين :
الأولى : هو مرحلة عدم البيعة ليزيد ، وخروجه من المدينة والذهاب إلى مكة ، وفي مكة يؤسس الأمام الحسين(عليه السلام)موقفه السياسي من حكم يزيد ، وعلى ضوء النظرة الشرعية له من حكم يزيد ، فهو يرى أن عدم جواز البيعة ليزيد ، ويرجع ذلك إلى سببين ، فعلى الصعيد الشخصي " فإن يزيد لا يصلح خليفة للمسلمين؛ نظراً لانعدام توفر شرط العدالة فيه، كما أن الحسين أفضل وأحق منه بمنصب الخلافة؛ فهو أكثر منه علماً، وصلاحاً وكفاءة وأكثر قبولاً لدى الناس من يزيد، أما الصعيد السياسي لانعدام شرط الشورى، والاستئثار بالسلطة للحكم الأموي، والذي يخالف المنهج الإسلامي في الحكم، ولم يغب عن الحسين – رضي الله عنه – قول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية»، ولكن فهمه لهذا الحديث أنه في حق من كان صالحاً للخلافة وأهلاً لها، وكان عن شورى المسلمين.
وعدم مبايعة الحسين ليزيد كانت تعني عدم إعطاء الشرعية للحكم الأموي وهو أمر كان الأمويين يحرصون عليه أشد الحرص، وقد كتب يزيد إلى واليه في المدينة بأخذ البيعة من الحسين وابن عمر وابن الزبير، وأن يأخذهم بالشدة حتى يبايعوا، وفي نفس الوقت فإن عدم البيعة يسهل له حرية العمل السياسي، واتخاذ القرار الذي يراه مناسباً لمقاومة الحكم الأموي " 0(1).
والحقيقة هذا الاتجاه فيه من الغموض الشيء الكثير حيث يدس السم في العسل كما يقال حيث ورد فيه وبالحرف الواحد هذه العبارة(" فإن يزيد لا يصلح خليفة للمسلمين؛ نظراً لانعدام توفر شرط العدالة فيه، كما أن الحسين أفضل وأحق منه بمنصب الخلافة) وهو يبين أن نهضة الحسين وما جرى في كربلاء هو بمثابة عداء شخصي وتنافس بين الشخصيتين وأنه صراع من اجل الحكم فقط ليس إلا ، وهو يجرد كل ما قام به من نهضة التي هدفها تصحيح مسيرة الإسلام والرسالة المحمدية وانحرافها عن ديننا الحنيف وأن مسألة خروج الحسين هو فقط من أجل الحكم والثورة ضد يزيد ، ليؤكد هذه الحقيقة في أخذ البيعة ليزيد بالاستناد إلى حديث الرسول (– صلى الله عليه وسلم -: { من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية }، ولكن فهمه لهذا الحديث أنه في حق من كان صالحاً للخلافة وأهلاً لها، وكان عن شورى المسلمين .
وهو يشير بإشارة لا تخلو من الدهاء والخبث بأن الإمام الحسين(عليه السلام) ، قد عمل بهذا الحديث وبفهم خاطئ ، وأن الإمام(عليه السلام) كان لديه جهل قاصر في هذا العمل وما قام به(حاش لله)وأن خروج الحسين(عليه السلام)كان من اجل طلب الخلافة وأنه أحق بالخلافة من يزيد. ليقتصر من خروج في هذا الأمر فقط.
وهذا ما هو مجانبة للحقيقة وهو فهم قاصر ولا يمت إلى الحقيقة بأي شكل من الأشكال ، والتي سوف نستعرض كل الآراء والاتجاهات في خروج الأمام الحسين(عليه السلام(في اجزائنا القادمة أن شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1 ـ مأخوذة من مقال بعنوان(حقائق غائبة حول استشهاد الحسين وأحداث كربلاء .د. علي الصلابي. موقع الجزيرة. مدونات. منشور بتاريخ 23/9/2018.
أقرأ ايضاً
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- ماذا بعد لبنان / 2
- الرسول الاعظم(صل الله عليه وآله وسلم) ما بين الاستشهاد والولادة / 2