بقلم: علي حسين
أرجوك عزيزي القارئ أن تحسب معي كم مرة ردد فيها ساستنا عبارة "حرمة الدم العراقي" وأضيف لها "الدم الشيعي حرام" فيما شدد البعض على ضرورة أن يتم الحفاظ على المتظاهرين.
وأتمنى أن لا يأخذك الظن بعيداً وتعتقد أن الحديث يتعلق بمتظاهري تشرين في بغداد والناصرية والبصرة والحلة والنجف وكربلاء.. وإنما، ياسادة، الحديث يتعلق بالتظاهرات الأخيرة.. وأتمنى عليك أيضا أن تعرف أن جنابي ليس ضد التظاهر والاعتصام، فهذا حق يمارسه كل عراقي يجد أن الديمقراطية التي تمنى لها أن تنمو نمواً صحياً، تحولت إلى ملعب للمناكفات والصفقات.
عجيبة أمور هذه البلاد التي يتحول فيها السياسي إلى مقاول ومحرض وفيلسوف في نفس الوقت، ففي لفتة كوميدية اكتشفنا أن النائبة عالية نصيف تريد أن تنافس الفيلسوف الألماني المرحوم هيغل. ففي تغريدة خفيفة ولطيفة كتبت فيلسوفة دولة القانون: "ما نحتاجه اليوم هو رئيس وزراء جدلي وليس حباب، وأن يكون صاحب قرار وشجاع، ويجب أن يكون عارفاً لقيمة المكون الذي خرج منه، وأن لا ينظر نظرة دونية للمكون الشيعي".
ثم تتوقف عالية نصيف قليلاً لتخبرنا من هو رئيس الوزراء الذي سيدافع عن المكون.. والمشكلة أنها لم تسأل نفسها، وماذا عن مكون كبير اسمه العراق، من سيهتم بأمره؟
إياك عزيزي القارئ أن تظنّ أنّ "جنابي" يهدف إلى السخرية من فيلسوفة دولة القانون، فالديمقراطية العراقية تقضي بأن يبقى المواطن العراقي متفرجاً، فيما جميع الساسة شركاء، يضمن كلّ منهم مصالح الآخر، حامياً لفساده، مترفّقاً بزميله الذي يتقاسم معه الكعكة العراقية في السرّاء والضرّاء.
من المؤكد أنّ كثيراً من العراقيين يشعرون بالحسرة وهم يشاهدون كل يوم أمماً وشعوباً كثيرة تتحرك لتعديل أوضاعها، أو تصحيح بعض الأخطاء في مسيرتها، إنّ ما يفرقنا عن هذه الأمم التي تسعى دوماً إلى تصحيح أوضاعها المتردية أنهم يملكون قوى حيّة وفاعلة للتغيير، في الوقت الذي لا تزال مدن العراق تعيش اوضاعا مأساوية، إلا أن مجلس النواب يرفع شعار لا أسمع، لا أرى.
اليوم لدينا إعلام يوجه أطناناً من تهم الفساد كل لحظة للعديد من المسؤولين كباراً وصغاراً، لكنّ معظمهم يطبقون نظرية اتركوهم يكتبون ويصرخون حتى لو كان الفساد مقروناً بوثائق، وبعض الفاسدين يتبجحون علناً بفسادهم.
والآن دعونا نتساءل: هل من أجل تغريدات عالية نصيف طالب العراقيون بالتغيير؟ أو من أجل ساسة ومسؤولين يحرصون على المنصب أكثر من حرصهم على دماء العراقيين ابتهج أهالي البصرة والأنبار والموصل وبغداد وميسان وذي قار بانتهاء هيمنة الزعيم الأوحد ليجدوا أنفسهم محاصرين "بتقلبات" حنان الفتلاوي وصولة مشعان الجبوري ومذكرات إبراهيم الجعفري عن الزهايمر؟!