تسعى الامانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة الى اعادة الق وعبق السجاد اليدوي الشرقي المهدى اليها منذ قرنين من الزمان واقل من ذلك، عندما استقطبت فنيين ماهرين ومختصين باعمال الريافة لهذه التحف النفيسة والاثرية والتاريخية يعملون على مدار السنة، وتسعى لافتتاح معرض للسجاد اليدوي القديم ليطلع الزائرين عليه.
نفائس عالمية
وقال معاون رئيس قسم المخازن امجد حيدر حسن المحنا لوكالة نون الخبرية ان "العمل في مخزن السجاد بدأ في العام 2004 ووجدنا طريقة الخزن غير صحيحة وتأثر الكثير منه واصيب بعضه بالضرر بسبب طريقة الريافة التي نفذها روافون عراقيون غير متخصصون بهذا العمل بعدما اعتمدوا على طريقة اقتطاع اجزاء من سجادة لاصلاح اخريات فاتلف عدد من السجاد وهو خطأ فادح لان السجاد اليدوي القديم يعد ثروة وتراث وتاريخ وبالاخص نوع السجاد المسمى مشهد ولدينا منه خمس سجادات لا يوجد مثيلها في العالم حيث تستخدم فيه نقشة (اموغلي) وهي بصمة مشهدية ونقشة تعد الاغلى في العالم"، مستدركا " قد توجد منها في بعض الدول الان هذا الحجم الكبير الذي يكون قياسه 24 مترا او 32 مترا طولا وعرضا لا يوجد في العالم كونها مهدات الى العتبة الحسينية المقدسة وعلى قياسات خاصة فيها، وقد باشرنا بالحفاظ عليها باستخدام الطريقة اليابانية التي استخدمت منذ سبع سنوات وتعد افضل طرق الخزن وتعتمد الترتيب واحدو تلو الاخرى وبشكل مستقل لا اتصال بينها بعد لفها بانابيب بلاستيكية او خشبية تحتوي على مادة المقوى بداخلها ومواد عازلة للحوامض وخلال لف السجادة توضع بها مواد طاردة للحشرات وتغلف بقماش الكتان وتعلق في الرفوف كل واحدة معزولة عن الاخرى، لمنع انتقال اي اصابة بين السجاد بالحشرات او غيرها واستخدم قماش الكتان لانه مكون من مادة سليلوزيةلا تقدر الحشرة على هضمها ويمنع الحاق الضرر بالسجاد".
طرق الخزن
واضاف المحنا ان "الملاكات العاملة في مخازن السجاد اتخذت اجراءات اخرى منها تغيير البيئة فيزياويا عبر تغيير درجات الحرارة (20 ـ 21) مئوية ودرجة الرطوبة (45 ــ 55) مئوية وهي كفيلة بأن تجعل حشرة العثة في حالة سبات على ضوء دراسات علمية اعتمدناها وفق الطريقة اليابانية في الخزن، لان نشاط هذه الحشرة تتصاعد في شهري نيسان وحزيران وتضع الحشرة الواحدة (300) بيضة وتعد خطرة جدا والقضاء عليها صعب جدا، وهذه الطريقة معتمدة الآن في اليابان والعتبتين المقدستين الحسينية والعباسية فقط، ومن الطرق الاخرى للمحافظة على السجاد اليدوي الشرقي هي طريقة (التقليب) اي فتح السجادة وفحصها والتأكد من عدم اصابتها بشيء"، مبينا ان "السجاد القديم الذي يهدى الى العتبة الحسينية المقدسة لا يدخل الى المخزن الا بعد ان تجرى عليه فحوصات حسية تتضمن التأكد من عدم وجود حشرة او بيضة او يرقة داخل السجادة وتعرض الى اشعة الشمس وازالة الغبار المتراكم عليها وارسالها الى الغسل بطريقة خاصة وعاملين ماهرين استقطبوا من ايران للمحافظة على الوانها، وتعقيم ارضية المخزن باستمرار اسبوعيا كون المختصين بالسجاد يعتبرون السجاد اليدوي الشرقي القديم كائن حي لانه مصنوع من الصوف وهي مواد بروتينية تتغذى عليها الحشرة، وتعاقدنا مع فنيين مختصين منذ العام 2005 يقومون على مدار العام بصيانة السجاد اليدوي الشرقي القديم وهم متخصصون بغسل السجاد وريافته واصلاح الاضرار ورغم الجهود التي يبذلونها الا ان العمل يعتبر بطيء نسبيا لانه عمل يدوي وعدد السجاد كثير جدا وصناعة السجادة اليدوية الشرقية الواحدة تستمر من (10 ــ 12) عاما ".
معرض للسجاد
واوضح ان "علماء الآثار عرفوا السجادة اليدوية بانها رقعة وخملة والرقعة هي الخيوط الافقية المسماة بـ (السدة ) واخرى عرضية تسمى بـ (اللحمة) وهي تشكل ما يسمى كليم او كمبار اي بدون خملة التي هي عبارة عن العقد المصنوعة من خيوط الصوف او الحرير والمعروف منها نوعين العقد الفارسية والتركية فتكتمل السجادة بصناعتها، وتعتمد السجادة اليدوية على عدد العقد كلما كثرت زادت تألقا، اما في السجاد الصناعي فتسمى بالشانه وتصنع من خيوط النايلون وهي اهداب تخرج من القاعدة بدون تدخل يد الانسان"، مشيرا الى ان " السجاد الموجود في مخزن العتبة الحسينية المقدسة يعد من السجاد النفيس القوقازي الذي مضى على صناعته (200) سنة ولدينا سجاد عبارة عن مجموعة متكاملة (سيت) يصل عمره (150) سنة وهكذا انواع اخرى نزولا تصل اعمارها الى قرن من الزمن، ويعد السجاد اليدوي الشرقي القديم المخزون لدينا الاكثر بين مثيله الموجود في العالم، ولدينا نية لافتتاح معرض للسجاد واقترحنا هذا الامر على المتولي الشرعي الشيخ عبد المهدي الكربلائي وواعدنا بتخصيص قاعة لنا لهذا الغرض في صحن العقيلة زينب (عليها السلام) بعد الانتهاء من انجاز اعمال المشروع "، مشيرا الى ان " انواع الاضرار التي تصيب السجادة هي تمزق السجادة نتيجة مؤثر خارجي ويمكن ترميمها، واصابة السجادة بالفطريات نتيجة تعرضها للرطوبة مما يؤدي الى تهرئ السجادة وتآكلاه وهي حالة تسمى (الدامج) وهي خطرة جدا وتعالج لكن بصعوبة بالغة، وكذلك احتراق السجادة لاسباب عدة وهي ترمم ايضا، واضرار اخرى تلحق بالسجاد نتيجة تقادمه وهناك من يعيد اصلاحه، وهنا اتفق علماء الآثار على ان اصلاح السجاد القديم الذي مر عليه قرون من الزمن يجب ان يكون ظاهرا ومعروفا انها رممت في الجزء المتضررمنها للحافظ على تاريخها، لكن هواة وتجار السجاد يعيدون ترميمها باستخدام محلول قشور الجوز الخضراء المسمى (الديرم) وهو يعيد اللون القديم او استخدام محلول برمنكنات البوتاسيوم وهو يعيد الخيط الى لونه الاصلي لكن الخيوط اختلفت ولم تصبح أثرية".
فنيين متخصصين
من جانبه قال مسؤول فريق عمل الروافين محمد ابراهيم من مدينة تبريز لوكالة نون الخبري ان "عملنا يقتصر على حفظ وادامة السجاد المهدى الى مرقد الامام الحسين (عليه السلام) منذ مئات السنين وكانت تحت اقدام زواره ونحن هنا لنديمها ونحافظ عليها ونرمم ما تضرر منها، مبينا اننا (23 ) روافا متخصصين بمختلف الاعمال التي تتطلبها عمليات صيانة وادامة السجاد اليدوي القديم، ومثلا لدينا ثلاث من العاملين مختصين فقط بغسل السجاد القديم وهي عملية فيها اشياء وطرق خاصة بغسل هكذا سجاد، واخرين يعملون على حافات السجاد وآخرون على الثقوب او الضرر الحاصل داخل جسم السجادة وهناك من يرمم السجاد الجديد ايضا"، لافتا الى ان " بعد سقوط النظام المباد والى اليوم عملنا على ادامة السجاد بعد خزنها بطرق صحيحة حيث وفرت العتبة الحسينية افضل طرق الخزن لها، ولا يوجد هناك ضرر من الحشرات التي تؤدي اضرارها الى مساحات كبيرة من السجاد المخزون، واكثر الاضرار التي تصيب السجاد القديم اليدوي ناتج عن حالات خاصة مثل التمزق او الثقب او وقوع الماء عليها وهو ضرر يقع في جزء من السجادة".
خيوط والوان
ولفت ابراهيم الى ان " السجادة تحتاج من (10 ــ 20) لون من الخيوط في عمليات صيانتها وادامتها ولذلك نحدد ما نريد من اللون والنوع والموديل ومن ثم نبدأ بريافتها ولا نجعل اي اثر على ان السجادة تمت ريفاتها او ادامتها وكأننها جديدة"، مشددا على ان " ما خصصته العتبة الحسينية المقدسة من مخازن تعتبر نموذجية وفيها كل متطلبات واجواء الخزن الصحيح للسجاد القديم والجديد حيث وجدنا السجاد مخزون على السطح ومعرض لكثير من العوامل الجوية وقمنا بجمعها واجرينا عليها عمليات كثيرة وحاليا تعتبر افضل فترة للمحافظة على السجاد النفيس القديم والجديد"، مؤكدا ان (98%) من السجاد الذي كان مطمورا تحت التراب تمت اعادته كما كان مميزا وكنا لا نعرف الوان السجاد من كثرة تراكم التراب عليها، لان السجادة التي يكون عمرها مئة او مئتين سنة تحتاج الى دقة وحذر بالعمل فيها كما يتعامل الشاب مع شخص طاعن بالسن ويحتاج الى رعاية خاصة، ومثل هذا السجاد يعتبر ثروة وتراث وتاريخ لان نوعياتها لا توجد حاليا منها في العالم وهي نادرة، وهي موضع تبرك كونها فرشت في مرقد الامام الحسين (عليه السلام) وكانت تحت اقدام زواره ، ولا يوجد شيء اثري بقي على حاله في العتبة الحسينية المقدسة اكثر من السجاد اليدوي القديم وانا اعتبر ان الحفاظ على هذا السجاد اهم من الحفاظ على عيوني، لان البناء القديم المتهالك يمكن اعادته لكن السجاد من الصعب اعادته كما كان اذا تهالك".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- "بحر النجف" يحتضر.. قلة الأمطار وغياب الآبار التدفقية يحاصرانه (صور)
- فاطمة عند الامام الحسين :حاصرتها الامراض والصواريخ والقنابل.. العتبة الحسينية تتبنى علاج الطفلة اللبنانية العليلة "فاطمة "
- العتبة الحسينية اقامت له مجلس عزاء :ام لبنانية تلقت نبأ استشهاد ولدها بعد وصولها الى كربلاء المقدسة