بقلم: د. عماد عبد اللطيف سالم
العراق سينما والفِلْمُ المعروض الآن بنجاحٍ ساحقٍ، على شاشاتِ تاريخٍ طويلٍ من الصُبّيرِ والرملِ واللغوِ، والأبلِ الفارّةِ من الثكنات، لن يكون طويلاً كفلمٍ هنديّ، تتّمُ فيهِ فبركةُ النهاياتِ الحزينةِ، و تلفيقُ النهاياتِ السعيدة .
وهذا الفلمُ، أيضاً، لن يكون قصيراً.. كفلمِ اللقطةِ الواحدة.
ولكنّهُ فلمٌ مُعَقّدٌ بعض الشيء.
و العراقيّونَ لا يُحبّونَ الأفلامَ المُعَقَدّة.
و يكرهونَ النهايات المُلفقّة، لأنهم يعتقدون أنّها ليست نهايات.
لقد سبقَ لهم اختبار المقدمات والنتائج، من تفاصيل تاريخهم الخاص، طيلة قرونٍ مريرة.. وهم على يقينٍ تام بأنّهُ بعدَ كلّ نهاية، سيبدأُ تاريخٌ كاملٌ من الأسى العراقيّ الطويل.
هذا ماتعلّمتُهُ من العيشِ هُنا لأكثر من سبعينَ عاماً.. شاهدتُ فيها الكثيرَ من الأفلام الرديئة، و ذرفتُ فيها مع أقراني، الكثيرَ من الدمعِ الرخيص .
وهكذا ..
وكما يحدثُ كلما تمَّ عرضُ فلمٍ جديدٍ على شاشةِ هذا الوطن المُلتَبِس.. سيغادرُ العراقيّونَ الصالةَّ، وهُمْ يتجادلونَ حولَ السبَبِ وراء هذا الأستثمارِ السيّءِ، والدائمِ، لثمنِ التذكرة.
هذه التذكرة التي يرتفع سعرها منذ تموز 1958، لتبلغ الكلفةُ ذروتها في أيلول 1980، وكانون الثاني 1991، وشباط 2006، وحزيران 2014، وتشرين 2019.. ومع ذلك فإننا نستمّرُ في دفع فاتورتها باهظةُ الكلفةِ صاغرين.. رغم أن الأفلام المعروضة تزداد سخافةً وبؤساً، منذ ذلك الحين .
في نهاية المطاف قد يقرّرُ الجمهورُ الغاضِبُ والمُحبَطُ حرقَ الصالةِ بأوراق التذاكر باهظة الثمن .
عندها لن تكون هناك صالةُ عرضٍ واحدةٍ، على امتداد هذا العالم الفسيح، تقبلٌ أن تعرِضَ فلم "العراق" الطويل، والمُعقّد.. والسيّءِ الصيت .
وعندما لا يكونُ هناك فلمٌ.. لن تكونَ هناكَ صالة..
وسيموتُ "المُمَثِّلونَ" جميعاً.