- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
تسرّب الأسئلة.. وزارة التربية حصة من؟
بقلم: أحمد فاضل
شغلت قضية تسريب الأسئلة الامتحانية لمادة الرياضيات حيزاً كبيراً في المجتمع العراقي، خلال الأيام القليلة الماضية، وسط اتهامات لجهات عدة يقال إنّها هي التي تسببت بخروج النماذج في ساعات الفجر الأولى لتذهب إلى أبناء المسؤولين المتنفذين في الدولة. لكن كلّ ما قيل بقي في جانب الإدانات وفقا للميولات السياسية أو الحزبية أو حتى المذهبية.
هناك من رمى بتهمة تسريب الأسئلة على أفراد عائلة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، حيث تم نشر صور لحفيده "يوسف"، وهو عمل قامت به جيوش الأحزاب التي تعمل بالضد من المالكي ونفوذه، بينما قامت الأخيرة برد التهمة نحو التيار الصدري والمدراء العامين التابعين له في تربية الرصافة الثانية التي ثبت عليها الأمر، بعد تحقيق أجراه جهاز الأمن الوطني، لكن دون الإفصاح عن المسؤولين الذين تم اعتقالهم بعد أقلّ من 24 ساعة على الحادثة وتأجيل الامتحان إلى إشعار آخر، بحسب ما أعلنته وزارة التربية.
وسط ذلك، لم يسأل أحد من الأساس عن الجهة التي تقع وزارة التربية ضمن نفوذها وحصتها في قسمة الوزارات، فبين من يقول إنّ الوزارة تابعة لحزب عزم برئاسة مثنى السامرائي، وبين التيار الصدري، وبين حزب الدعوة، لكن الأقرب كما تشير دلائل سابقة هو حزب عزم الذي يرتبط اسمه منذ البرلمان السابق بترشيح الوزيرة السابقة سهى خليل، حين كان عزم يضم خميس الخنجر، الذي يتزعم تحالف "السيادة" اليوم.
المستغرب حقيقة، أنّ الحادثة ليست الأولى من نوعها، بلّ هي سيناريو يعاد سنويًا، لكن في نطاق محدود يشمل خواص المسؤولين والسياسيين من طبقة الزعماء، دون وجود حلول جادة حتى مع قطع خدمة الإنترنت في الأعوام السابقة.
كما إنّ ما حصل هذه المرة هو تسريب للنماذج الأساسية والاحتياط، ما اضطر الوزارة إلى إلغاء الامتحان في اللحظات الأخيرة قبل الموعد، عقب ضجة أثارتها شهادات عن خرق مماثل وقع في امتحان اللغة الإنجليزية.
ربما سيكون من الأفضل توجيه جهاز أمني بحماية مقار التربية واللجان الامتحانية في السنوات المقبلة لمدة شهر كامل، يبدأ لحظة بدء وضع أسئلة الامتحانات لحين الانتهاء منها، فضلاً عن قطع خدمة الإنترنت ومنع أجهزة الاتصال في مقار اللجنة المختصة بالأسئلة. كما يجب أن تنقل الأسئلة إلى المديريات والمدارس تحت حماية مشددة لمنع أي خرق محتمل. قد يكون ذلك أشبه باعتقال مؤقت للجان وتقييد صارم للنماذج الامتحانية، لكن يمكن اعتباره الحل الأمثل لوقف المهزلة التي تقع في كلّ عام.
إنّ واقع التعليم المتردي في العراق لا يحتمل فسادًا لصالح أبناء المسؤولين على حساب الفقراء من التلاميذ، في ظل أرقام مرعبة تشير إليها تقارير دولية عن فشل العملية التعليمية في البلاد، في حين تنشغل وزارة التربية بكتابة بيانات الوعيد ردًا على هذه المعلومات ضمن سياسة التعمية على حجم الكوارث في مدارس ومؤسسات تخرج آلاف "الأميين" الجدد في كلّ عام تحت سقوف مهترئة وفق أنظمة تعليم بدائية.
كل ذلك وأكثر يوضح حجم الكارثة في التربية التي باتت حصة سهلة وفريسة للنفوذ السياسي في كل حكومة، ويحظى مسؤولوها ووزراؤها بالحصانة مهما كان حجم المصيبة التي يرتكبونها.. وزارة تحتاج اليوم إلى 9 آلاف مبنى مدرسي على أقلّ تقدير لاستيعاب أعداد الطلبة المكدسين في ظروف بائسة، مقابل أموال هائلة تنفق سنويًا من خزينة الحكومة ومنح المنظمات الدولية دون شيء يذكر.