- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
بعد وفاة العقل الأدبي والشعري العراقي "مظفر النواب".. الأدب والثقافة والتعليم في العراق إلى تراجُع !
بقلم: زينب زكي غائب
كم من المحزن أن نكتب عن رحيل أيقونة أدبية وشعرية عراقية، لطالما نحن العراقيين كنا ومازلنا نتغنى بشعرائنا المخضرمين والمعروفين، كنا نشعر بفخر بأن العراق لديه عقول شعرية وأدبية والتي من خلاله لايمكن أبداً شعور بالخوف على الشعر العراقي، ولكن قبيل أيام ودعنا تاريخ أدبي عراقي عظيم، وكم هي من صدمة فكرية في تاريخ العراق بأكمله، ومن هنا مات العراق بموت مظفر النواب، وليس من الغريب أن نرى بعده إنهيار في الثقافة العراق الأدبية وأن يفرز الشارع العراقي بما يسمونهم بالشعراء اليوم.
لطالما كانت أرض الرافدين حضناً دافئاً لإحتواء الشعراء والمثقفين في الحقبة الماضية من الزمن حتى إن كنا دائما نفتخر عندما يتم إخبارنا الشاعر الفلاني "عراقي".
شعراء العصر القديم والحديث كانوا هم النافذة التي من خلالها يتم دخول شعاع الشمس إليه وكانوا هم العين التي يتطلع الشعب العراقي من خلالها الى العالم الخارجي وهم كانوا اللسان العراقي المثقف .
ها قد بدأ العراق بخسارة شعراؤه واحد تلو الأخرى ليتم طوي صفحة الثقافة العراقية، وبعدها ليتم إنهيار صرح عراقي عظيم، فالبيئة العراقية الحالية أصبحت شبه مستحيلة لإنتاج شاعر أو أديب يكون على قدر مسؤولية واعية مما يحدث حوله ليّصور الأحداث وفق منهجه.
فالعراق بدأ بدفع ثمن غالٍ، ففي كل رحيل شاعر أو أديب، يتراجع العراق خطوة الى الخلف ليدّب الجهل في كل أرجاء العراق، الجهل في التعليم والجهل في التربية والجهل في المصداقية والجهل في العلوم وفي كل شئ.
تراجع العلم والتعليم في العراق بعدما كان العراق عاصمة الثقافة وتراجعت الأخلاق التعليمية حتى بتنا نرى المعلمين يتفوهون بالعبارات النابية وأمام أنظار الجميع كما رأينا معلم يتفوه بالعبارات الفاحشة في وسائل التواصل الاجتماعي، وتراجعت التربية التعليمية، وآخره كان طلاب ينهالون بالضرب على طالب آخر بالعصي في محافظة كركوك وتحديداً في جامعة الكتاب، تراجع العلم ودبّ التخلف في عقول الأغلبية، فالشهادات تُباع وتُشترى أو حتى يُمكن الحصول عليها إن كنت منتمياً إلى حزبٍ ما دون جُهدٍ دراسي، وانتشر بما يسمونهم بالشعراء على نطاق واسع وشعرهم بعيد كل البعد عن المنطق والثقافة والأدب وأقرب مايُمكن تسميته "كلمات سوقية" تكاد أن تتصور نفسك في مقهى شعبي، وأخيراً وليس آخرا، غناء إحداهنّ بالذوق "الكاولي" وسط شارع المتنبي في بغداد كما انتشر في وسائل تواصل الاجتماعي مؤخراً بعدَ إن كانَ هذا الشارع المنفذ الثقافي لمحافظة بغداد، وبالإضافة الى ذلك كما رأينا على مواقع تواصل الاجتماعي ترك جثة إحداهنّ وذكرت المصادر بأنها دكتورة طب الأسنان في إحدى طرق عامة دون حراك من قبل المواطنين خوفاً من العادات والتقاليد، هل يُمكن تصور ذلك؟!
قُتلت الثقافة في العراق بعد رحيلكَ ياشاعر العراق ، مرِضَ العراق من بعدكَ ولن يستعيد عافيته ، بُترت إحدى يداهُ ، وبُهتت لمعة العراق الأصيلة ، رحِل جمال الأدب برحيلك يامثقف العراق "مظفر النواب".
قُتلت الثقافة في العراق ، ورحل معها كنز أدبي عظيم ورحلَ الجمال برحيل شعراء أرض الرافدين " مظفر النواب " " بدر شاكر السياب" ، " أبو طيب المتنبي" وغيرهم من عظماء الشعر.
دُمرت مكانة الشعر والنثر ، رغم وجود جيل جديد يتطلع الى الثقافة الجديدة ولكن أسمحوا اي أن أقول " مهما بلغت الذروة وبِلا مُنازع ، لن ولم يصلوا يوماً إلى عرش محمد مهدي الجواهري والمتنبي.
يقول الشَّاعر العباسي الذي وُلد في القرن العشرين محمد مهدي الجواهري رحمه الله : فأعدْ على بغدادَ ظلَّ غمامة باللُّطف تنضح والنَّدى والسؤدد. بالكرخِ بغدادٌ تتيهُ، وكوفة ، بالمسجدين، وبصرةٌ بالمِربدِ.
كما قال الشاعر الراحل مظفر النواب:
واول عشق أزور
تراب التي أرضعتني عشقاً بدون حدود
فصار العراق بدون حدود
فكل النجوم عراق
وكل النخيل عراق
لم تمُت يا مظفر النواب طالما هناك إرثك باقٍ ، فأنت رمز وصوت العراق والحياة وتبقى حياً في ذاكرة مَنْ يُريد زرع الوجدان في نفسه.
وهل من المُنصف مقارنة شعراء اليوم بشعراء الأمس؟!
أقرأ ايضاً
- التعدد السكاني أزمة السياسة العراقية القادمة
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!