بقلم: علي حسين
في شتاء العام 2017 أخبرنا النائب آنذاك محمد الحلبوسي أنّ العراق بحاجة إلى وزراء يحملون لمسات عشائرية، في ذلك الوقت لم يكن الحلبوسي يحلم أن يصبح رئيساً للبرلمان، ولم يكن يدور في ذهنه أنه سيضع قواعد جديدة للديمقراطية العراقية.
فقد كان يرى أن الوزراء التكنوقراط خدعة وأن هذه الصفة لا تمنح الوزير الخبرة والكفاءة، ما لم يحصل على صك مصدّق من إحدى الكتل السياسية! فنحن مجتمع حزبي وقبائلي، لامكان فيه لمتخصص ربما لا تعرف من هو رئيس عشيرته، وهذا أمر معيب!.
منذ أن قررت النائبة عالية نصيف استخدام الأحذية بدلاً من الكلمات في مخاطبة زملائها داخل جلسة البرلمان، ونوابنا الأفاضل السابقون منهم واللاحقون، مصرون على تحويل قاعة البرلمان إلى سوق تعرض به أصناف الشتائم وعبارات من عينة "نسحقكم ونسحلكم".
وكان آخرها المشهد الكوميدي لرئيس البرلمان محمد الحلبوسي وهو يعلن حرمان النائب باسم خشان من حقوقه داخل قبة البرلمان ، فلن يسمح له الاشتراك في اللجان البرلمانية، ولن يُسمع منه شيئا، ما لم يقدم الاعتذار ويطلب الصفح من رئيس عشيرة مجلس النواب.
هكذا تحولت الديمقراطية في العراق من ممارسة حضارية تستند على القانون، ووسيلة لخدمة الناس إلى قرارات كوميدية، لتكتب في النهاية شهادة وفاة للعراق الجديد وتخرجه من التاريخ المتحضر لتضعه في قاع الهمجية والتخلف والعصبية القبلية، عروض ملت منها الناس، لأنها تحولت شيئاً فشيئاً من مباراة في السياسة إلى مقاطع كوميدية رخيصة في صالات عرض من الدرجة الثالثة، ليتحول مجلس النواب الذي أراد له العراقيون أن يكون مكاناً يجتمع فيه ذوو الكفاءات والخبرات والطاقات الخلاقة إلى سوق مناكفة وعرض سيئ للعضلات وفجاجة في العمل السياسي، مما أدى إلى غياب القضايا التي تهم الشعب ليحل محلها صراع من أجل الاستحواذ على ما تبقى من امتيازات، مضحكات ديمقراطية أضرت وتضر بالحرية والعمل البرلماني، وسياسة تحولت من خطاب طائفي مقيت إلى مرحلة الشتائم واللكمات والركلات.
هل أجرم باسم خشان حين اعترض على قرارات الحلبوسي، إلا يحق لنائب او مواطن ان يسأل رئيس البرلمان من اين لك هذا ؟، أما وأنها حربٌ ضد كل صوت ينتقد البرلمان وفرقته، فهذا أمر يدل على بؤس الديمقراطية النيابية، ولهذا يمكنك القول عزيزي القارئ ان ما يدور داخل قبة البرلمان هو حربٌ ليست من أجل المواطن، وانما الغرض منها افتراس الوطن.
داخل قبة البرلمان لا فرق بين جماعة حكومة الاغلبية وجماعة حكومة الشراكة، هم يختلفون في درجة قربهم من المنافع وليس في درجة قربهم من الناس.