بقلم: سامر الياس سعيد
لفتَ أنتباهي تصريح المدرب الإيطالي كارلو انشيلوتي عشية انتهاء مباراة فريقه ريال مدريد حينما نجا من صحوة فريق نادي تشيلسي الإنكليزي في مباراة دور رُبع النهائي من دوري أبطال أوروبا لاسيما حينما ربط المدرب المذكور عودة فريقه للبطولة المفضّلة للفريق الإسباني بالسحر الخاص الذي يمتاز به ملعب (سانتياغو برنابيو).
حيث قال أن أجواء ملعب برنابيو الساحرة لعبت دوراً كبيراً في شحذ همم اللاعبين، موضّحاً في السياق ذاته أنه ليس بمقدوره الحديث عمّا جرى في تلك الليلة، مكتفياً بالاشارة الى أن سحر الملعب ساعد اللاعبين على عدم الاستسلام كونه كان بعيداً عن الاعتقاد بأن لاعبيه استسلموا وأن الأمور انتهت بالنسبة لهم، لكن عاد ليشير إلى أنّ سحر ملعب الفريق حفّزهم وساعد على منح الفريق بأكمله جُرعة الطاقة للعبور الى المربع الذهبي.
إن خبرة وتجربة مدرب بقامة انشيلوتي التي قاربت على الأربعين عاماً لا تأتي هكذا جزافاً أو اعتباطاً خصوصا وان الملعب الخاص بالريال لعب دوراً مهماً باضافة جرعة طاقة للاعبي الفريق وخرجوا من عنق زجاجة الهزائم وعادوا من بعيد ليؤكدوا أنهم بالموعد.
وربما أن المصادفة البحتة ألقت بظلالها على هذا المحور، فبينما ضَمِنَ الريال تأهّله للدور نصف النهائي من بطولة دوري أبطال أوروبا حدثت واقعة مقاربة لغريمه برشلونة، لكن بتفاصيل مُخدشة حينما قاطعت جماهير الفريق مباراة فريقه الذي يلعب هذا الموسم في الدوري الأوروبي في اليوم التالي حينما واجه منافسه آينتراخت فرانكفورت الألماني والذي نجحت جماهيره باختراق ملعب (الكامب نو) وأبرزت جهودها بمؤازرة فريقها، فساهمت معه لأن يواصل مسيرته في البطولة، قاطعاً مشوار الفريق الإسباني الذي واجه موسماً غير مستقرّ بالمرّة، وظهرت تجلّياته في المباراة التالية التي خاضها في إطار الدوري الإسباني حينما عجز عن منافسة فريق قادش والذي نجح بتحقيق هدف الفوز اليتيم.
نعم للملاعب سحر خاص يمكن أن يوظّفه أي فريق لصالحه، ويمكن أن نؤكّد أفضلية الجمهور والأرض في إضافة جرعات من الطاقة المضاعفة للفريق، ويثيرا الحماسة لدى اللاعبين ليستعيدوا نغمة الفوز والابتعاد عن المستويات المهزوزة التي يمكن أن يحظى بها الفريق في لحظات انكسار محدّدة.
في هذا الجانب استذكر جانباً ممّا حظي به منتخبنا الوطني في استعادة تلك الأجواء من سحر الملاعب واستطاع أن يعود من بعيد ليسهم بابعاد شبح هزيمة أو انكسار حظي به منذ دقائق المباراة الأولى، فانتصر على تلك الأحداث واللحظات التي واجهها، وفي ذاكرتي وهج منبعث من مباراة المنتخب المذكور ضد المنتخب الأردني في إطار الدورة العربية التي جرت في الأردن عام 1999 حينما عاد المنتخب برباعية مدهشة برغم أن أجواء ذلك الملعب لم تكن مواتية للمنتخب ولاعبيه ومدربه الكابتن ناجح حمود، لكن الفريق انتصر برباطة الجأش التي امتلكها ليكسر هزيمة قاسية برباعية أعادت المنتخب برمونتادا مثيرة ما زالت راسخة في الأذهان لا تفارقها البتة!
ومع أن المنتخب لم يحظ بأي مشوار من محطّات خوضه للمنافسات المختلفة من أن تسهم أجواء الملاعب التي خاض على أديمها مبارياته، فيمكن القول بأن سحر الملاعب منوط بفرق ومنتخبات محدّدة تستطيع تأطير انجازها في هذا الخصوص، وأن تسهم بتوظيف تلك الأجواء كعامل مساعد في تحقيق النتائج الإيجابية والتي لطالما حُرمت منها منتخباتنا وفرقنا مراراً، لذلك تبقى للملاعب طقوسها وكواليسها التي تمنح أي فريق الجرعة المناسبة من أجل المضي بعيداً أو على الأقل التحليق في أجواء الفوز والانتصار المطلوب.