حجم النص
بقلم:عباس الصباغ
يتحاشى اكثر المتصدين للاقتصاد ، الحديث عن مستقبل الاقتصاد العراقي والتطرق الى مواضيع مثل : (ماذا لو نضب النفط ؟ ) والى (ماذا لو اتجهت الدول المستهلكة للنفط الى الطاقة البديلة ؟) ، وتكاد تخلو الادبيات الاقتصادية العراقية من تلك المفاهيم في حين بدأ العالم يتجه نحو الطاقة المتجددة الارخص تكلفة والاكثر امانا ، وتناسى الجميع بان للنفط عمرا افتراضيا لايتعدى الستين سنة القادمة مايجعل الاجيال اللاحقة في حيرة من امرها اذا توجّه العالم الى مصادر اخرى للطاقة غير النفط وهو متوقع في اي وقت ، فالدول ذات الاقتصادات الناجحة لاتعتمد على مبدأ (اصرف مافي الجيب يأتيك مافي الغيب) ولاتترك اقتصادها عرضة للهزائز والمفاجآت ومزاج السوق ومناخ الاحتكارات بل تبرمج كل ذلك وفق خارطة طريق تكون محسوبة الجدوى ولكل الاجيال . نضوب النفط او تحوّل الدول المستهلكة للنفط نحو الطاقة المتجددة (النظيفة) هو امر حتمي وهو ماتعمل عليه الكثير من الدول حاليا ويجب ان يؤخذ ذلك بالحسبان ، فبحسب اخر احصائية اذ يقدّر احتياطي النفط العراقي ب(150 ) مليار برميل واحتياطي الغاز ب(280ترليون م3) فلابد اذن ان يخرج العراق عن هذا الاطار الذي اصبح برميل النفط لاعبا اساسيا في الدخل القومي وبنسبة (95%) منه وليس من غيره ، كما بقي الاقتصاد العراقي مرتهنا بسوق النفط التي تديرها اوبك المرتبطة بشكل مباشر بالسياسات الاقتصادية للدول الكبرى والكارتلات العملاقة المسيطرة على السوق. للشروع في تأمين مستقبل الاجيال اللاحقة يجب السعي لتأسيس صندوق سيادي نفطي لاستيعاب الفوائض المالية المترتبة عن بيع النفط وامتصاص تذبذباته ان وجدت وتوظيفها في تحقيق التنمية المستدامة ، فضلا عن استثمارها في الخطط والمشاريع الاستراتيجية ، والخطوة الاكثر اهمية هي التحوّل الى اقتصاد السوق وتغيير السياسات المالية التي سار عليها الاقتصاد العراقي من عقود مضت ونبذ النهج الاشتراكي والريعي اللذين مازال اقتصادنا متمسكا بهما وادّيا الى نتائج كارثية ، فلم تتوفر نخب اقتصادية تكنو قراط تأخذ بالاقتصاد العراقي نحو آفاق اقتصاد السوق قبل ان تضيع الامكانات المادية الهائلة التي يتمتع بها العراق هدرا بسبب الفساد وسوء الادارة و التخطيط. فيتحتم على مبرمجي الاقتصاد العراقي ان يسعوا في مسارين استراتيجيين لامناص عنهما : الاول تأسيس صندوق نفطي سيادي عراقي ، والثاني هو تنويع مصادر الدخل القومي للقطاعات غير النفطية مع الاخذ بفكرة ان النفط ثروة قابلة للنضوب في اي وقت كواقع حال وسينتهي هذا الدور ضمن افق ستين سنة لامحالة وان العالم سيتجه لامحالة نحو الطاقة المتجددة (النظيفة) كبديل عن الطاقة الاحفورية في اي وقت متوقع وبدون هذا التوجه يبقى مصير الاقتصاد العراقي مجهولا .
أقرأ ايضاً
- مستقبل البترول في ظل الظروف الراهنة
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- الضرائب على العقارات ستزيد الركود وتبق الخلل في الاقتصاد