لا يشبه وضع قضاء الفاو في محافظة البصرة وضع اي مدينة اخرى فهي عانت من ويلات الحروب العبثية للنظام المباد والدمار، ثم العطش والملوحة التي حولت مناطقهم الى بقطة يصعب العيش بها، وكان لهم مع كل فصل صيف جولة من المعاناة المريرة، حيث ترتفع الاملاح وتشح المياه التي هي اصلا لا تصلح للاستخدام البشري، وتهالكت محطة تحلية الماء هناك حتى باتت اسما على اثر ومرت عليهم تسع سنوات عجاف، وجاء الخلاص على ايدي العتبة الحسينية الانسانية الرحيمة لتعيد تأهيل هذا المشروع ومشاريع اخرى اعادة الحياة لاهالي هذا القضاء وغيرهم.
انسانية وانفاق
عملا برسالتها الانسانية باشرت العتبة الحسينية المقدسة بتأهيل وصيانة محطات المياه في محافظة البصرة ومنها محطة تحلية مياه الفاو بسبب شحة المياه وارتفاع اللسان الملحي، بهذه المقدمة تحدث المهندس المنفذ للمشروع علي حسين الموسوي لوكالة نون الخبرية مؤكدا ان "ملاكات العتبة الحسينية المختصة استملت تأهيل المحطة التي كانت متوقفة منذ العام 2011 ومتهالكة وباشرت فيه في العام 2019 بكلفة بلغت اكثر من اربعة مليارات ومئتان واربعة وثلاثون مليون دينار، وقد سددت الحكومية المحلية الدفعة الاولى من تكلفة المشروع فيما تكفلت العتبة الحسينية المقدسة بتسديد باقي المبلغ من اموالها الخاصة لغاية اكمال المشروع بنسبة 100 بالمئة وقد شهدت اعمال التأهيل والصيانة جهودا استثنائية بسبب جائحة كورونا من خلال استمرار توفير الماء لاهالي القضاء بحسب المواصفات القياسية العالمية المعتمدة وباستخدام احدث التقنيات في مجال تصفية المياه"، مبينا ان " المحطة تتغذى من مصدرين هما شط العرب والقناة الاروائية وتتوفر فيها ثلاث محطات رفع ابتدائي سعة المضخة 400 متر مكعب في الساعة ومنصة سحب على شط العرب بواقع 5 مضخات بسعة ضخ تصل الى 400 متر مكعب بالساعة.
معاناة مريرة
لا يمكن تصور معاناة اهالي الفاو وخاصة في فصل الصيف حيث يحاصرهم العطش والماء المالح، هكذا يصف مهند جابر احد سكنة قضاء الفاو وضع الاهالي لمدة تسع سنوات عجاف، ويضيف في حديثه لوكالة نون الخبرية بالقول ان " الاملاح تصعد من مياه الخليج بشكل مباشر كوننا نعيش مجاورين لها، وكنا نشتري الماء من صهاريج اهلية تبيع الخزان سعة الف لتر بعشرة الاف دينار لا يكفي اكثر من يومين، وكانت تستنفذ ميزانية العائلة ويصل الصرف بين (50 ــ 100) الف دينار بالشهر الواحد، وكانت تحصل ازمات متكررة فتهرع اليات بلدية البصرة او الجيش العراقي لانقاذ الناس من الموت عطشا، ووصل الحال الى ان تترك 20 بالمئة من العائلات القضاء وتذهب الى مناطق اخرى او محافظات اخرى وخاصة العائلات التي كانت تعمل بالزراعة حيث كان القضاء مشهور بزراعة النخيل وكثير من المنتجات الزراعية، وعددهم بالالاف لان حقولهم تحولت الى ارض جرداء ومواشيهم نفقت وارزاقهم وقفت".
يد الحياة الرحيمة
ويكمل ابو احمد "كنا نعاني لمدة تسع سنوات من الموت البطيء ووقعت مشاكل كثيرة بين الاهالي بسبب عدم كفاية ما تنقل الصهاريج الحوضية من مياه لسد حاجاتهم بل وصل الامر الى نشوب عراك ونزاعات وتزاحم على التزود بالماء، لان الماء المالح لا يصلح للشرب او الطبخ او غسل الملابس والاواني والبيوت بل ان اطفالنا تتشقق جلود وجوههم بسب استعمالهم للماء المالح، وما ان سمع الاهالي بتبني العتبة الحسينية المقدسة لاعادة تأهيل مشروع التحلية الذي اصبح اسم اثر على حتى استبشر الجميع خيرا، كيف لا وهي يد الحياة الرحيمة على كل العراقيين، وفعلا بعد اكماله على الفور تدفقت المياه الصالحة للشرب الى القضاء".
55 الف نسمة
اكثر من خمسة وخمسون الف نسمة هو عدد نفوس قضاء الفاو، وما ينتجه مشروع تحلية المياه الذي نفذته العتبة الحسينية المقدسة اعاد الحياة لنا بهذا الوصف تحدث المواطن احمد الكعبي لوكالة نون الخبرية وقال ان "الماء الحلو اصبح يسد حاجتة الاهالي بل يفيض عنها، وقد تسبب بتخفيض الملوحة من الاسالة واصبح صالحا للغسل بمختلف انواعه الاجساد والاواني والملابس والبيوت وقلل الحاجة الى شراء الماء بنسبة كبيرة جدا ومكن العائلات من توفير المبالغ التي كانت تصرف شهريا على شراء المياه وانفاقها في احتياجات اخرى، والمحطة تزود القضاء عبر تجيهز خزانات اسالة الماء بالماء الصافي ويجهز الاهالي بالماء بشكل مباشر من انابيب (شمعات) يمكن لاي شخص التزود منها، واعادت العتبة الحسينية المقدسة بهذا المشروع المبارك الذي نفذت باعلى مستويات التقنية والجودة الحياة للقضاء واهله، واعاد هذا المشروع العائلات التي تركت القضاء سابقا بسبب العطش والملوحة بل التحقت حاليا عائلات من مناطق اخرى رغبة في الزراعة والعيش هنا".
هذه الوفرة من المياه جعلت اهالي القضاء يهرعون لتقديم خدمات اخرى يقول عنها الكعبي، ان "زيارة الاربعين تنطلق من منطقة رأس البيشة في قضاء الفاو وتسير مئات الاف من الزائرين وتنصب مئات المواكب وتستمر لايام عدة وتستضيف بيوتها المئات من المشاية وهؤلاء جميعا اصبحوا يستفيدون من المياه التي وفرتها العتبة الحسينية المقدسة عبر هذا المشروع الذي اعاد الروح لعائلات تعيش في منطقة تعد من اقسى المناطق بمناخها".
قاسم الحلفي ــ البصرة
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- 400 مليون دولار خسائر الثروة السمكية في العراق
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- "بحر النجف" يحتضر.. قلة الأمطار وغياب الآبار التدفقية يحاصرانه (صور)