- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
العراق والنفط .. و السلعُ "البائرةُ" في السوق
بقلم: د. عماد عبد اللطيف سالم
هل تعرفونَ حجم الإمكانات الإقتصادية، والموارد الهائلة (غير النفطيّة) في العراق؟
هل تجدونَ أنّ من الضروي إعادة سردها عليكم .. وأن أعرِضَ لكم معها أحزاننا التي لا تُحصى ولا تُعَدّ.
نحنُ بلدٌ "نفطيّ" .. لأنّنا (حاكمينَ ومحكومين) .. كسالى.. وعاجزون .. وحمقى.
نحنُ بلدٌ "ريعيّ" (أي طُفيليّ)، لأنّهُ لا يوجدُ ماهو أكثر سهولةً من "رضّاعة" النفط.
تُمسِكُ الشركات الأجنبية، والمستوردونَ بهذهِ "المَمّية"، وتضعُ "حُلمتها" في أفواهنا، ونحنُ مُستَلقون على قفانا، و"نرضعُ" منها أبداً.. دون كللٍ أو مَللٍ.. ودون عمل بطبيعة الحال.
وحتّى هذا النفط "الغالي" الآن، والذي يسبحُ العراقُ بإحتياطياته الهائلة (حيث آخر برميل نفطٍ يتمّ استخراجهُ في العالم، هو برميلٌ عراقيّ) .. حتّى هذا النفط الذي يتمُّ تهديدنا بانتفاء الحاجة له و "نومه" على قلوبنا الخامدة بعد سنوات قليلة، لا تعرفُ "دولتنا" الرشيدة، ولا حكوماتها المُتعاقبة العديدة، ولا وزراءها الجهابذة البواسل، كيف يقومون باستخراجه على نطاقٍ واسع، وتصديرهِ على نطاقٍ أوسع، والتحكّم بـ"حصّة" أكبر من سوق استهلاكه في العالم.. ولا يعرفونَ كيف يمكنٌ للعراق أن "يركل" السعودية، وروسيا، ودول الأوبك، ودول "خارج الأوبك" على مؤخرّاتها الفسيحة، ليتحوّل العراقُ "الضعيفُ" بالنفط، ومن خلالهِ، إلى قوّةٍ مؤثّرةٍ في الأسعار والسوق.
نحنُ لا نستطيعُ فعلَ ذلك، لأنّنا عاجزون عن ذلك (لأسبابٍ شتّى)، و الأسهل (والأسلمُ) بالنسبةِ لنا، أن نبقى "عبيداً" لسياساتهم، وكأنّنا صغارٌ، وقاصرين، وأتباع أذلاّء.
نحنُ (حاكمينَ ومحكومين) .. كسالى. . وعاجزون .. وحمقى .. ليس لأنّنا لا نعرفُ كيف نستخدمُ "نفطنا" لمصلحتنا، بل لأنّنا أيضاً نحرِقُ الغازَ "المُصاحِبَ" لاستخراجه، ونستوردُ حاجتنا إليه من "الآخرين".
نحنُ (حاكمينَ ومحكومين) .. كسالى .. وعاجزون .. وحمقى .. ليس بوسعنا فعلُ شيءٍ غير "التهديد" بإنعدام القدرة على دفع الرواتب (وهي ليست "رواتب" مدفوعة مقابل "نشاط" اقتصاديّ معلوم، بل هي "إعانات" لموظفين لاإنتاجيّة لهم، و "مِنَح" رعاية إجتماعية لجيوشٍ من العاطلين لا يجدون فرصةً للعمل في أيّ مجال، لأن لا "مجال" مُتاحٌ لهم، في أيّ مجال).
هذا العَرض ضروريّ لتذكير من سيكتب "البرنامج الحكوميّ" القادم، بأنّ النفط يمكنُ أن يكونَ عنصر قوّةٍ في الإقتصاد، فقط لمن يُحسِنَ التعاملَ معه (ولو لأربعِ سنينٍ قادمة)، قبل أن تتحقّق "النبوءة"، ويصبحُ النفطُ "مثلنا"، (ومثل العراق)، سلعةً "بائرةً" في "السوق".