تربية الطيور في المنازل عادات اتخذها العرب لجمالها وأصواتها ولتعدد فوائد تربيتها، وقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله \"اتخذوا في بيوتكم الدواجن يتشاغل بها الشيطان عن صبيانكم\"(1)، ويذكر الإمام أبو عبد الله الصادق (عليه السلام) الحمام فيقول \"اتخذوها في منازلكم فإنها محبوبة لحقتها دعوة نوح (عليه السلام) وهي آنسُ شيء في البيوت\"(2).
كما قد ورد إن البعض من الأئمة (عليهم السلام) والصالحين كانوا يجنون الطيور الداجنة في بيوتهم، أما موضوعنا عن تربية طيور الحمام على سطوح البيوت فقد فيذكر ابن قدامة في المُغني إن \"مَن اتخذ الحمام لطلب فراخها أو لحمل الكتب، أو للأنس بها من غير أذى يتعدى إلى الناس، لم تُرد شهادته، وأما ما ورد عن بعض الفقهاء من عدم قبول شهادته، فإن ذلك على وجه السفه وقلة المروءة، وتضمن أذى للجيران، على دورهم، ورميه إياها بالحجارة..\"(3).
وللعرب تاريخ طويل حافل مع الحمام خصوصا الزاجل فكانوا أوائل الأمم التي عرفت أهمية هذا الطير، ووضعت الكتب والدراسات في طبائعه وأمراضه وعلاجه.
يقول سامي الحسني لموقع نون إن \"الحمام الزاجل سيد الحمام في الدنيا بدون منازع لما لديه من غريزة حب لموطنه والعودة إليه مهما بعدت المسافات الشاسعة التي يقطعها في إيصال الرسائل وما يؤديه من خدمات جليلة في تاريخ الحروب ونقل أخبارها إلى العواصم والأمصار\".
[img]pictures/2011/06_11/more1307180329_1.jpg[/img][br]
فيما يبين الأستاذ البيولوجي (أحمد جدوع) لموقع نون إن \"الحمام الزاجل ما يزال موضع اهتمام علماء الأرصاد للاستفادة من قدرته على توفير النفقات التي تتطلبها الأجهزة الحديثة مثل الأقمار الصناعية والرادارات والطائرات وأجهزة الكشف بالأشعة تحت الحمراء، إذ تستطيع حمامة واحدة من الزاجل بجهازها الملاحي الفريد أن ترشد بحاستها التي لا تخطئ إلى الكثير مما تبحث عنه مع توفير الكثير من النفقات التي ترصد لعمل تلك الأجهزة\".
الطير الزاجل كان تتخذه العرب سابقا للمراسلة أما اليوم مع موجة التكنولوجيا الحديثة فلم يعد بالحاجة إليه سوى للمراهنات التي تجري عادةً بين مربي الحمام، وهناك أنواع أخرى عديدة يقوم بتربيتها على سطوح المنازل إما للأنس ولقضاء بعض الأوقات، أو اتخاذها مهنة لكسب المال، وقد عرف العديد من الشخصيات المثقفة والمربية في المجتمع بتربيتهم للحمام على بيوتاتهم.
من جهة أخرى ينتشر في الأحياء السكنية وفي أرجاء المدن من يربي الحمام؛ ولكن يؤخذُ على أخلاقهم وحياتهم.
فيقول الحقوقي عادل فوزي لموقع نون \"الصفير والأصوات العالية والكلام البذيء والحوارات السوقية التي يندى لها الجبين وغير ذلك من المشاكل التي تخدش الحياء العام ولا يتقبلها الإنسان، جميعها انتقادات وضعها عامة الناس في بيئة تكون نوعا ما منغلقة على ناسها فلا يود الكثير الوقوف معهم أو تبادل أطراف الحديث، بل وتعدى ذلك لأجازة العادات القديمة عند العراقيين على عدم مصاهرتهم، أو الأخذ بشهادتهم، وقد عرف ناس هذه البيئة في اللغة الدارجة بـ(المطيرجية)\".
في كربلاء اتخذها هؤلاء من جني الطيور هواية وملهاة يأنسون بها ويقتلون أو يقضون بتربيتها أوقاتا كبيرة، ومنهم من ولع في تربيتها حتى صار مدمنا عليها بولع شديد، فكانت السطوح العالية مأواهم وخاصة (البيتونة) وهذا ما تتحرز منه أغلب العوائل ويسبب لهم الحرج من الظهور فوق سطح البيت لقضاء بعض الحوائج اليومية كنشر الملابس أو ما شابه ذلك.
يقول الحاج محمد الخباز لموقع نون \"لقد كانت اغلب البيوت الكربلائية تصنع الدبس والمعجون وكذلك قلائد بعض الخضار للتجفيف في على السطوح الغافية على المحبة والسلام، لكن السطوح ليس عليها من خمار يمنع استراق النظر ممن يجنون الطيور على سطوح منازلهم\".
وتابع الخباز إنه \"في العرف الذي فرضه أهلنا في العراق سابقا إن شهادة المطيرجية لا يؤخذ بها ولا عتب عليها وهي باطلة ومسوغهم بهذا هو إن المطيرجي يكثر من الأيمان والقسم كذبا وبهتانا في سبيل ملكية طير يدعي أنه صاحبه\".
فيما يبين الأستاذ عباس الخفاجي \"ليس كل مَن جنا الطيور نائيا عن الأخلاق أو غير محترم في الشارع، فالكثير منهم يجني البعض منها في بيوتهم تفاؤلا للخير والبركة وهو لا يجعل من شخوصهم اثر تربيتهم الطيور سخرية للآخرين\".
ويضيف الخفاجي \"النظرة السلبية الشمولية على من يجني الحمام فوق سطوح المنازل جاءت بناءً على ما تعكسه أخلاق أغلب هؤلاء على المجتمع، أثر الأخطاء الكثيرة والفضائح التي تجدها بينهم\".
-------------------------------------------
(1) {البحار ج73 : ص163}
(2) {الوسائل ج8 : ص378}
(3) ابن قدامة في المغني جزء14/156-157.
تحقيق: حسين النعمة
موقع نون خاص
أقرأ ايضاً
- فرع كربلاء لتوزيع المنتجات النفطية: الخزين متوفر والمولدات الاهلية تتسلم كامل حصصها من الكاز هذا الشهر
- تحول إلى محال تجارية.. حمّام اليهودي في كربلاء (فيديو)
- مكونة من ستين منسفا وصينية.. سفرة طعام طويلة على طريق الزائرين في كربلاء المقدسة (صور)