بقلم: إياد مهدي عباس
على الرغم من أن دستور العراق الجديد الصادر في 2005 نص في مادته الأولى إن (نظام الحكم في العراق هو نظام برلماني ديمقراطي قائم على التداول السلمي للسلطة عبر آلية الاقتراع الحر) إلا أن البعض يرى أننا ما زالنا بعيدين عن مبادئ العمل الديمقراطي الحقيقي.
بالرغم من مرور ما يقارب العقدين من الزمن على التجربة الديمقراطية في العراق، وذلك بسبب ابتداع مفاهيم دخيلة على النظام الديمقراطي، كالمحاصصة والتوافق وتقاسم السلطة بين المكونات السياسية وعدّها جزءا لا يتجزأ من النظام الديمقراطي الجديد، فكانت هذه المفاهيم سببا في تعطيل دور البرلمان الرقابي وانحراف مسيرة التحول الديمقراطي في العراق عن مسارها الصحيح، لأن الديمقراطية بمفهومها البسيط تعني كل عمل جماعي يهدف الى تفعيل رأي الأغلبية عبر آلية الاقتراع الحر والوصول الى رؤية وطنية ناضجة تسهم في بناء المجتمع، عبر تطوير مساراته السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهي مسيرة طويلة من التراكم الثقافي القائم على احترام خيارات الأغلبية، وفق ما تفرزه صناديق الاقتراع في العملية الانتخابية، وليس الهدف من الديمقراطية خلق طبقة سياسية مترفة تحظى بحماية برلمانية تجعلها في منأى عن المساءلة القانونية.
فالديمقراطية حسب منظور الشعوب المتقدمة هي بمثابة عقد اجتماعي يسير عليه المجتمع ضمن أجواء بيئية مهيأة ثقافياً لقبول الفكر الديمقراطي. لذلك نرى هذه الشعوب اليوم تمارس حقها في اختيار من يمثلها بحرية مطلقة وفي أجواء سياسية هادئة، ايماناً منها بأهمية العمل الديمقراطي في بناء الأوطان وتلبية متطلبات الشعوب في التقدم والازدهار.
إن تجربة التحول الديمقراطي في العراق ما زالت تجربة غير ناضجة بسبب افتقارها الى ثقافة العمل الديمقراطي الحقيقي وبسب تمسك البعض بالثيوقراطية (الحكم الديني) ومحاولة دمجها بالنهج الديمقراطي، ما زاد في المشهد السياسي العراقي إرباكاً وتعقيدا فانعكس ذلك سلبا على مسيرة التحول الديمقراطي في العراق بعد زوال الديكتاتورية منه.
بينما يرى البعض الآخر ضرورة أن تكون هنالك مراجعة حقيقية للعملية السياسية في العراق، والقيام باستفتاء شعبي يكون بمثابة تقييم للمرحلة السابقة، من اجل الوقوف على أهم سلبيتها والقيام بمحاولات جادة، لتصحيح مسارها الديمقراطي من خلال تشخيص مواطن الخلل فيها وتنقيتها من الشوائب الدخيلة عليها، لأن البقاء على نمطية هذه التجربة التي لم تحقق أهدافها في التحول الديمقراطي السليم والبناء، هو استمرار لضياع الوقت وتبديد في ثروات الشعب ونهب مقدراته، وكذلك سبب في تأخر البلاد عن ركب التقدم العالمي.
أقرأ ايضاً
- العراقيون يفقدون الثقة في الديمقراطية
- أعراض مرض الديمقراطية تسبق اغتيال ترامب
- السجنُ لايشبه أيَّ عالم آخر