بقلم: نوزاد حسن
قبل أيام أزيح الستار عن تمثال للفارابي في ساحة الوثبة تلك الساحة التي كانت مهملة ومنسية، ويبدو أن مزاجنا السياسي يتدخل كما في كل مرة ليجعلنا منقسمين الى درجة لا يمكن أن نتفق حول رأي مشترك.
البعض وجد أن هذه الخطوة هي خطوة مهمة وتزيد من جمالية العاصمة، آخرون انتقدوا رفع التمثال ورؤوا أن هناك مشاريع أهم كان يجب ان تأخذ طريقها للتنفيذ، ولعل أهم مشروع يحلم به البغدايون هو مترو بغداد، وقد انتقد البعض صراحة عجز الحكومات السابقة كلها عن عدم اقامة مترو يربط اجزاء العاصمة ببعضها، ويخفف من حدة الزحام الذي يعكر حياة المواطن كل يوم.
إذاً يحلم البغداديون بمترو يشبه ما شاهدوه أثناء سفرهم الى إحدى دول الجوار ممن لا يصلون في حجم ثروتهم ما يملكه بلدنا الغني، لذلك لم يكن تمثال الفارابي الا نقطة خلاف عبر كل طرف من خلالها عن وجهة نظره، لقد انقسمنا مرة اخرى، واختلفنا من جديد، وهذا الاختلاف كما أظن نتيجة من نتائج السياسة التي وقعت في أخطاء، وقضايا فساد خطيرة.
بكلمة أدق: الشعب ابن حكومته، أو ابن سلطته، فلا عجب إن اختلفنا عن أبسط الأشياء وهو تأهيل ساحة صغيرة بورود تحيط بتمثال لفيلسوف شهير.
لكننا في حقيقة الأمر لا نختلف بشأن تمثال الفارابي، وفائدته المباشرة في حياتنا الاقتصادية، إننا نختلف في قضايا أخطر يؤدي اهمالها الى إرباك حياتنا وطريقة تفكيرنا.
مثلا تقديم مصلحة الوطن على المصالح الشخصية او الحزبية، لقد انتقد الجميع مبدأ المحاصصة، لكن هذا المبدأ ما زال يسيطر على الحياة السياسية، وباعتراف كل القوى السياسية كانت المحاصصة سببا في تراجع الخدمات، وعدم تحقيق تقدم ملموس في حياة المواطن من خلال ايجاد فرص عمل له.
وبعد سنوات من هذا النهج السياسي القائم على المحاصصة بدأ المواطن يشعر بأنه يرفض اي اجراء تقوم به الحكومة، لأنه يرى فيه نوعا من هدر للمال العام او دعاية تستعرض بها هذه الحكومة او تلك عضلاتها في أنها تقدم انجازا يخدم المواطنين، بهذه الطريقة يفكر البسطاء دائما، وهم ينظرون الى تمثال الفارابي على أنه دخيل على حياتهم، ينظرون اليه بلا مبالاة.
أقرأ ايضاً
- من يُنعش بغداد ؟
- تركيا تحاور بغداد على احتلالها القادم
- هل تفكك زيارة أردوغان العقد المستعصية بين بغداد وأنقرة؟