بقلم: إياد الصالحي
لم يعد الوقت يُسعف الجميع لتقييم وضع المنتخب بعد أن سلّم الهولندي ديك أدفوكات مدرّب منتخبنا الوطني لكرة القدم المنديل الأبيض بيد عدنان درجال رئيس اتحاد الكرة في ظرفٍ عصيبٍ، هارباً بجلدهِ قُبيل بدء بطولة كأس العرب التي وعد الجماهير بالظهور فيها بمستوى أفضل، وربّما يقصد مشاهدته لها من تلفاز بيته مُجنبّاً أياه نحس حيرته وشرود ذهنه !
بين اعتذار أدفوكات عن مواصلة رحلته مع الأسود، وبين انطلاق مباراتهم أمام عُمان أسبوعاً واحداً، تورّط الاتحاد كعادته في قرارٍ ثانٍ واضعاً ثقته هذه المرّة بالمدرب المساعد المونتينيغري زيليكو بتروفيتش ليس لأنه يمتلك سيرة تدريبية لافتة، بل لمعايشته المنتخب منذ التاسع من آب الماضي برفقة المدرب المُنكسِر، وهي واحدة من عشرات الملاحظات التي تُدين تعاطي رأس الاتحاد مع واقعية المنتخب فنياً وإدارياً بقناعة مُنتحِر، وكأنّ بطولة العرب طوق النجاة له إن لم تكمل غرقه تماماً، وإلا بعض المنتخبات المشاركة كلّفت ملاكات بديلة لتمثيل أوطانها !
لنسلّم بحديث غانم عريبي عضو اتحاد الكرة الذي تنوّع في الحقائق الغائبة عن الجمهور، وأقسم بغلاوة ابنه طالباً بعفوية ومصداقية لا شكّ فيهما، أن يُمهِل الإعلام الرياضي اللجنة التنفيذية للاتحاد عاماً واحداً للحُكم على نتائج عملها، برغم اعترافهِ أنه يُعارض بعض القرارات الفنية والإدارية، ولن يسمح بتمرير أمور غير مقتنع بها، وسيقف لها بالمرصاد في الاجتماعات القادمة.
صراحة لا شأن لنا بخيارات الاتحاد ورؤاه صوب طبيعة عمل الملاك التدريبي للمنتخب الوطني، لكن مَنْ يستشير زيليكو إذا ما أرادَ إتخاذ قرار ما أثناء سير المباراة ؟ المدرب رحيم حميد لم يُثبت استحقاقه للبقاء طوال السنين المارّة بدلالة استبدال أكثر من ملاك تدريبي كان جزءاً من فشله معاً، وترقّب الجميع القرار الأنجع هو استبداله بمدرب مستشار خاض تجارب كثيرة في المنطقة الفنية ويحرص على قيمة وجود اللاعبين الأفضل في المباراة لا أن تتم مجاملة علاء عبدالزهرة في أوقاتٍ متأخّرة بذريعة توظيف خبرته بينما الحقيقة هي زيادة عدد مبارياته الدولية على حساب تضاؤل فرص أنقاذ المنتخب في وقت نزولهِ !
ألحقوا مدرّبين طموحين غير يائسين ويفقهون بعلم كرة القدم من نواحي عدّة وليست لديهم طموحات القيادة أو الاستيلاء أو احتكار القرار الفني، ألحقوهم بالدوحة، ينصحون بآراء ضرورية لمعالجة ثغرة في جانب ما أو تعزيز الشقّ الهجومي في توقيت مثالي أو إجراء تبديل ذكي ومفاجىء ومؤثّر في تغيير النتيجة، ولدينا عديد المدرّبين الأكاديميين من غير المتواجدين مع المنتخب الوطني بصفة مدرب أول خلال السنين الخمس الأخيرة في الأقل !
مُشكلتنا الأساسيّة مع المدرّب الأجنبي ضُعف خبرة الملاكات الوطنية العاملة معه، والأدهى أنها تتمتّع بمزايا نجاحه وتهرع بعيداً عن فشله لحماية نفسها من النقد الغاضب ولا تتحلّى بالشجاعة لمواجهة الناس !
اتحاد الكرة واجه كل هذه السلبيات دفعة واحدة منذ تولّيه المسؤولية في أيلول الماضي، ولهذا يبدو أنه قرّر خوض التجريب في كل مفاصل المنتخب الوطني على صعيد المدرّب والإداري والإعلامي والمُحلّل والطبيب والمعالج واللاعب أيضاً مُردّداً عبارة (الجود من الموجود) وكأنّ منظومة اللعبة خلت من الكفاءات داخلياً وخارجياً، لأن (الموجود) هُم الأقرب بتوصية من متنفّذين سواء في الاتحاد أو خارجه وما أكثرهم، وسنبقى ندفع الثمن في كل بطولة، ولن نعثر على المفقود الحقيقي المتخصّص الماهر بشهادات نجاح سابقة.
باستثناء قطر، المنتخب المستعدّ لاعتلاء صدارة المجموعة الأولى في كأس العرب حسب تحضيره العالمي في الأشهر الماضية، فإنّ عُمان والبحرين هُما الأشرس تنافساً للأسود على البطاقة الثانية، ولديهما حسابات قديمة مع كرتنا لم تتم تسويتها كلّها، وفي ظلّ تواجد زيليكو - كانت آخر مهامه قيادة النادي الكرواتي (أنتر زابرسيك) عام 2020 وهبط به إلى دوري الدرجة الثانية، ومدرب وطني لم يُحسِن المساعدة على انتقاء اللاعب المُناسب بدلالة مهازل تصفيات المونديال حتى الآن، سيبقى تشاؤمنا قائماً في المونديال العربي بانتظار قرارٍ حكيم !
أقرأ ايضاً
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القنوات المضللة!!
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!