حجم النص
بقلم:حسن الهاشمي
أكاد أجزم ان الحياة بحلوها ومرها بغثها وغثيثها بقضها وقضيضها بسقمها وسليمها تمضي علينا وتأخذ منا تلك المآخذ علّنا نطأطأ لأقدارنا خاضعين، ولكن الكثير منّا يدقّ سمفونيته غير عابئ بما يحدث حوله، نعم انه مهوس بألحانها لما فيها من تنويع وادمان، يردد ما يردده العازفون وينساق مع جوقتهم بكل شغف وجنون.
ليته يعلم أنها محطات تحلية وليست محطات تخلية، أن يتحلى بالصبر والأناة والرجحان، ليرتدي ذلك الثوب الناصع البياض المرصّع باللؤلؤ والمرجان، خالعا عن نفسه كل تلك الأوساخ والبلى والأدران.
ليته يعزف لجراحه وليس على جراحه؛ ليعيدها عيدا وليس وعيدا.
ليته يخرج من جوقة المطبلين الى فتية الطالبين؛ ليريح بها ويستريح.
أن تكون عازفا مع العازفين ليست هي الثيمة العليا التي تطلبها في صخب الالحان، فانك بعزفك تلك السمفونية ستزيد وجعك وجعا وجرحك نزفا بل تكاد تحفر في أخاديدها حفرا تخال أنك تحسن صنعا، ولكنّك بعد الإفاقة تراك تندب حظك العاثر بنزيف لا ينقطع وجرح لا يندمل ووجع فيه بداية ولكنه بنهايات سائبة توردك موارد التيه والغفلة والبطلان.
أن تغنّي على ليلاك وتعزف على محيّاك وتطرب على بلاياك، هو الذي يرفع رأسك وثناياك... شامخا على من عاداك، ذليلا على من والاك.
دع عنك ترهات العازفين الذين يكيدون بك كيدا... فكد بهم كيدا، بحصافك ورزانك وما تحمله من رباطة جأش وقوة شكيمة تستطيع بها أن تتخطى الرقاب بخطوات واثقة بعيدا عن وثبة الواثبين الذين لا يحصدون من طيشهم الا عارا ولا من نزغهم الا بعدا ونفورا.