بقلم: د. بشار قدوري
لا تتفاجأ من النظر لجانبي طريق السريع لمنطقة الدورة فإنك ستجد بانوراما مجزرة النخيل .
فمن السبب في ذلك ولماذا يقبل الفساد على اقتطاع وتجريف البساتين وتقطيعها وتوزيعها والعمل على تزوير سنداتها، ومن ثم تحويلها إلى محطات وقود، انتشرت بدلا من بساتين النخيل في تلك المنطقة الزاهية بالخضرة، والتي كانت حزام بغداد الأخضر التي تفوح منه رائحة القداح والطلع.
عندما كنت أتطلع لوجود حزام أخضر لبغداد العاصمة واستمتع بمنظرها الزاهي في السابق استغرب اليوم بوجود المحطات الوقودية ومخازن التجارة والصناعة والاستثمار، غير المدروس والتقطيع السكاني بدون خدمات وبدون تخطيط عمراني.
أين أمانة بغداد؟
أين وزارة الزراعة؟
أين وزارة البيئة عما يحصل من تجريف؟
أين النزاهة وأصحاب القرار أين نواب وممثلو منطقة الدورة؟!.
هل استحكم الفساد حلقاته حتى انقطع صوت الرجاء في انقاذها ومافيات والعصابات تستحوذ على اراضي سريع الدورة لأجل المال السياسي الفاسد؟
وهل أصبح المستثمر على حساب الشجر والبشر؟
وقد أوصانا رسولنا الكريم (ص) بالنخيل والشجر، وألا نقطع شجرا ولا نكسر لينه واسمى النخلة بصفة العمة للبشر فقال علية الصلاة والسلام وعلى آل بيته الكرام: (أوصيكم بعماتكم خيرا).
النخيل الذي تجمل وتبارك به العراقيون بيوتهم قبل بساتينهم ووصفت ثمراته بأم البركة فلا يخلو من ثمارها بيتا، وكثير من العراقيين يتغزلون بها وجمالها واليوم لا نستطيع التفاخر بأننا بلد النخيل الأول في العالم، بعد أن تراجع العدد إلى 17 مليون نخلة وكانت محافظة بغداد بالمرتبة الثانية في عدد النخيل.
نجد التاريخ الإسلامي يتكلم عن النخيل حيث سُمِع الأصمعي مراراً يردد: سمعت هارون الرشيد يقول: نظرنا فاذا كل ذهب وفضة على وجه الأرض لا يبلعان ثمن نخيل البصرة. هذا بعض ما وجدناه في التراث القديم حيث كان ذلك في غابر الزمان وسالف الأيام، ولكن الحديث يجرنا إلى الماضي القريب نسبياً، حينما بدأ انتشار تلك الثمر في بلدان تقرأ عنه في الكتب الدينية ولا تعرف عنها الا القليل ولم تذوق لذة طعمها وحلاوته.
وفي التاريخ الحديث نجد (انجهولت) أحد الرحالة الأوروبيين يذكر عنها عند حلوله البصرة في 1866: أن بدأ بارسال كمية من التمور إلى أوروبا .
وكذلك قول القنصل الفرنسي (فوتنيه) في البصرة عام 1833 يقول: ترسو كل سنة في نهر البصرة (شط العرب) نحو مئة وخمسين سفينة شراعية منها للعرب ومنها من تحمل العلم الإنجليزي لتنقل التمر، وهو عماد الثروة الرئيس للبصرة في العقد الأول للقرن التاسع عشر.
هذا موجز عن تاريخ النخيل في العصور لكن في هذا الوقت المعاصر لم نجد عصابة تقوم بمجزرة النخيل، مثل ما يحصل اليوم فمن السبب في ذلك ومن الذي قام بتجريف والذبح والقتل العمد... للحديث بقية.
أقرأ ايضاً
- مجزرة المعمداني.. مصداقية النظام العالمي في حماية الأمن الإنساني على المحك
- مجزرة زاخو ومسؤولية العالم
- استفتاءٌ على موتنا والنخيل