بقلم : عبود مزهر الكرخي
في هذه الأيام انطلقت دعوة للجهاد الكفائي صدرت من بيت قديم ومتهالك يسكنه شيخ كبير عرف بتواضعه الشديد لصاحب هذا البيت والذي يعرفه العراقيين كافه بصمته وزهده لهذه الحياة والذي يقول أنه لا يريد من هذه الدنيا إلا أن يكون له قبر له في النجف فقط لا غير.
والذي كتب عنه أحد الصحافيين الغربيين حيث يقول الغرب عن هذه الشخصية وهي السيد علي الحسيني السيستاني من تحقيق الكاتب الصحافي رودنورد لاند، فبعض ما كتبه يجيب عن تساؤلاتنا:
"السيستاني يستقبل مئات الزوار يوميا عادة وهو جالس على وسادة رقيقة على أرض برانيته أو غرفة الاستقبال، مرتديا ثوبا رماديا رثا في الغالب، ومعتمرا عمامة سوداء كبيرة". يقول الكاتب ان الدكتور الربيعي عرض عليه الحصول على جواز سفر عراقي بعد سقوط نظام صدام، لكن اجابة السيستاني كانت ذات دلالة إذ قال: "دكتور ربيعي، ما الذي سأفعله به؟ أنني رجل لن يغادر إلا إلى قبره. لم أغادر النجف منذ 13 عاما. لماذا سأحتاج إليه؟".
فهذا الشخصية الفريدة من نوعها وهذا الشخص الكهل المتواضع وبكل معنى الكلمة والذي ورث الصمت والتواضع والزهد من أجداده الرسول الأعظم محمد(ص)وأمير المؤمنين (ع)والذي في كل خطاباته لم يعمل على الغاء أحد... ولم يحرض على الكراهية والذي يقول لمبغضيه واعداؤه (أنا أحبك)وكارهيه وأعداؤه ونعته بأبشع النعوت وأقذر العبارات ولكن لا يرد عليهم ترفعاً وعفة فهو يمتلك أخلاق الأنبياء والأئمة وهذا جاء نتيجة نسله الطاهر الطيب وعلمه وفقهه والتي لا ينكرها أحد ويقرها العدو قبل الصديق، وقد مرت على البيت الشيعي بعض هواجس الالغاء وعصفت رياح فتنة هنا واستقرت هناك، لكن الرجل طيلة حياته لم يكن له موقف متشدد، والذي كان يمتلك من الحكمة والرعاية الأبوية لكل العراقيين الشيء الكبير والتي لايمتلكها أحد غيره وبتقديري المتواضع.
وقد ذهب جمع من الأمريكان والغربيين يتساءلون: هل الرجل يبحث عن دولة ديمقراطية أم ثيوقراطية "دينية". استوقفتني هذه المرة مجلة "نيوزويك" إذ كتب أحد صحافييها المرموقين تقريرا عن السيد السيستاني وبالخط العريض طرح التساؤل ذاته:what sistani wonts " ما الشيء الذي يريده السيستاني. وطرح هناك خلاصة ما وصل إليه: "Ali sistani is the Mast powerful man in Irag". سؤال يتبادر للذهن هل السيستاني يبحث عن قصر منيف على ضفاف دجلة أو يتطلع إلى كرسي الحكم في العراق؟.
والحقيقة أن الشخص الكهل المنزوي في بيته المتواضع لا يريد ألا دولة في العراق يسود فيها العدل والمساواة يعيش فيها العراقيون وبمختلف أطيافهم بكل حرية وعدل بعيداً عن التناحر والاقتتال والعنف تأسياً بما يريد جده الأمام علي بن أبي طالب(ع)في تحقيق العدل والمساواة، ويضيف هذا الكاتب الغربي ليكتب عن السيد السيستاني فيقول " نفوذ السيستاني كبير وهو مبجل في جميع أنحاء العالم الإسلامي ويتعهد الشيعة بخمس أموال زكاتهم لمرجعهم الشخصي" ثم يقول: "ولم يكن لذلك أي اثر على حياة التقشف التي يحياها السيستاني. فهو نادرا ما يأكل اللحم، مصرا على وجبة الفلاحين المكونة من اللبن الرائب والارز. وحين مرض ذات مرة، كما يقول الشيخ الصغير "أحد اتباعه" جلب له أحد مساعديه عصير فواكه ليشربه فرفض وقال: "الناس لا يجدون ماء ليشربوه، وانت تجلب لي العصير؟ لا"، وحين تعطل مكيف الهواء في منزله، كما تقول رواية تردد في النجف جلب له اتباعه مكيفا جديدا غير مزعج. لكنه اصر بدلا من ذلك، على اصلاح المكيف القديم واعطاء الجديد لعائلة فقيرة. وحين سافر السيستاني "74 عاما"، إلى لندن لعلاج قلبه وضعته مؤسسة الخوئي الغنية "التي يقال انه يسيطر عليها" في منزل ريفي مريح في مايفير، وهناك امر بإزالة السرير المزدوج ونام على فرشة على الأرض، طبعا التقرير كان يحمل الكثير من المعلومات عن الطريقة الخاصة التي يعيشها السيستاني، فمن يذهب إلى النجف يتفاجأ ان المنزل الذي يسكنه السيستاني من الطين في حي شعبي قديم "والذي لم يقم بتغيير معيشته قبل الاحتلال وبعده وهو الذي سد أبوابه أما المحتلين ولم يقابل أحدُ منهم وحتى بوجه السياسيين من الجميع لكي يعرب بصمته وانزواءه عن رفضه لكي ما يقوم به السياسيين من تصرفات وممارسات في مايحصل على العراق من وضع كارثي يعيشه الآن. وفي المقابل يعيش عيشة القادة الرمزيين ذوي الكارزمية الكبرى "لكي لا يتبيغ الفقير من فقره" تماما كما كان يعيش جده علي ابن أبي طالب "ع" فهو القائل "وهيهات ان يغلبني هواي او يقودني جشعي إلى تخير الاطعمة، ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له بالقرص ولا عهد له بالشبع". ويخاطبنا قائلا: "الا انكم لن تقدروا على ذلك ولكن اعينوني بورع واجتهاد وعفة وسداد". وفعلاً كان من يدعون الإسلام والأحزاب المتأسلمة قد أنغمسوا في ملاذ السلطة وفي صراع المناصب والكراسي والمنافع الشخصية، ولكنه كان بعيدا عنهم أقفل أبوابه بوجههم وصمت لكي يكون هذا الصمت هو أعلى صوت لرفض لكل ما يقومون به.
وقبل سبع سنين صدرت فتوى مباركة من هذا الشيخ المبارك الكهل المنزوي في بيت متواضع في النجف وقرب جده الأمام علي(ع) يراقب بدقة ما يجري من أمور والتي اصبح العراق فيها على حافة هاوية الدمار والتي اصبحوا الدواعش المجرمين على أبواب بغداد لتنطلق دعوة وفتوى من قبل هذا السيد المتواضع في كل شيء وهي دعوة الجهاد الكفائي لتختزل كل الأمور ولتعيد الأمور الى نصابها والتي كانت دعوة لم تقتصر على مذهب معين على اعتبار انه المرجع الاعلى للشيعة بل لتشمل كل العراقيين بمختلف طوائفهم واثنياتهم والتي كانت خالصة لوجه الله سبحانه وتعالى في الاول وفي التالي تخليص العراق وشعبه من هذا الخطر المميت الذي دخل فيه. والتي سرعان ما وجدت هذه الدعوة المباركة صدى واسع لدى كل الشعب العراق لأنها دعوة كانت بالهام رباني تأمر هذا الشيخ بإنقاذ البلد والعباد من هذا الزحف المجرم لأحفاد يأجوج ومأجوج من الدواعش.
وتدافع الخيرين من العراقيين لتلبية هذه الدعوة المباركة وباندفاع بطولي وبغض النظر عن المذهب والدين وكان الابطال من الجنوب والفرات الاوسط لهم الدور الأكبر في ترجمة هذه الفتوى على صعيد الواقع الفعلي مستشعرين الخطر القادم من هذا المد الداعشي وبأن هذه الدعوة المباركة صادرة من شخص كان همه الأول الحفاظ على بيضة الإسلام وعلى العراق والعراقيين فكان أن هب العراقيين صغار ورجال وشيبة وحتى نساء لتلبية هذه الدعوى وبغض عن الدين والمذهب والعرق ليسطر بهذا النداء الآلهي المبارك ملاحم وبطولات تسجل في سجل سفر التاريخ المشرف وليتسابق العراق في قتال الخطر القادم على البلد ويتسابق الشيبة قبل الشباب في تلبية هذه الفتوى وليسجل التاريخ هذا السفر البطولي لأحفاد سومر والبابليين والآشوريين والأمام علي والحسين والعباس(عليهم السلام)والتي سوف تفخر كل الأجيال القادمة بهذا السفر الخالد والذي كتب بدماء شعبنا العراقي الصابر الجريح ولتكون اول خطوة في ملاحم النصر الخالدة وليتم بعدها طرد كل عصابات الغدر والجريمة من أرض العراق وترابها العزيز ومن قبل أولاد الملحة من أبناء الأهوار والسلف وبيادر الرز والحنطة والشعير.
فالمجد والخلود لشهدائنا الأبرار الذي كتبوا بدمائهم الزكية هذه الملحمة الخالدة وهي نتاج لملحمة كلكامش.
وتحية حب وتقدير لكل مجاهد ومقاتل ساهم في هذا النصر العظيم. وطوبى لكل امرأة وكل عراقي ساهم في مد زخم المعركة من خلال الأموال وكل الأمور الأخرى ليعمل على مد المجاهدين بكل مستلزمات القتال من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة.
وليتجسد عندنا عراق واحد وليسحب البساط من كل الذين يريدون الشر بالعراق وشعبه.
وليبقى العراقيون بلد واحد بمختلف طوائفه واثنياته.
فتحية لهذا اليوم الخالد والذي يجب ان تسجل هذه الدعوة المباركة بأحرف من ذهب ونور وليقف العالم كله اجلالاً لهذه الدعوة المقدسة والتي حمت العراق وكل العالم من هذا الخطر على الإنسانية وعلى البشرية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.