- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
ما زال سقوط الموصل.. إصبع اتهام يُشير الى أطراف محلية وإقليمية ودولية ! - الجزء الاول
بقلم: نجاح بيعي ـ ج1
قبل يوم 10/6 من عام 2014 كانت جميع الأطراف السياسية المحلية, والإقليمية الفاعلة, والدولية صاحبة النفوذ والقوة, تعلم جيدا ً بأن شعب العراقي سيُذبح من الوريد الى الوريد, وأنه سيُقتّل ويُنكل به بلا هوادة أو شفقة أو رحمة. وأنه سيفقد أرضه ومُقدساته دفعة واحدة, من قبل عدوّ إجراميّ متوحش هو (داعش).
والأنكى من ذلك أن تلك الأطراف (المحلية والإقليمية والدولية) لم تفعل شيئا ً لمنع ذلك مع امتلاكها القدرة والصلاحية, وتنصلت عن المسؤولية الوطنية, والمسؤولية الشرعية, والأخلاقية والتاريخية حتى, بل الجميع كان يرقب ويرمق الشعب العراقي بعين التواطؤ, ويُباشر بيد الغدر والتورط, وهم يعلمون جيدا ً ما كان يُخبأه ويضمره ويُكيده, تنظيم تكفيري ـ إرهابيّ ظلاميّ همجيّ مثل تنظيم عصابات (داعش), للعراق الجريح ولشعبه الأعزل, وللأسف كانت تلك الأطراف على مستوى من المراوغة والمُماطلة والتسويف, بعدم إطلاع الشعب العراقي بالحقيقة المُبيّتة له, ولم يبوحوا له بالمصير المشؤوم الذي كان ينتظره, وبقدره المحتوم الذي حيك له بدقة, في مطابخ دوائر تأمين سلطاتهم ومصالحهم الخفية, وفي أروقة تأمين نفوذهم وقوتهم السرية, وبطريقة مُحكمة لا تسمح معها فراره منه.
وبعد يوم 10/6 من عام 2014م وبعد أن وقعت الطامة الكبرى, وغزت (داعش) مدينة الموصل, واستولت عليها وعلى أكثر من ثلثي أراضي البلاد بالحديد والنار والدم, وعاثت فسادا ً بأرض العراق وشعبه ومُقدساته, وبعد أن انطلقت فتوى الدفاع المقدسة من النجف الأشرف, تلك الفتوى التي لم تكن لتذهل الجمع (المحلي والإقليمي والدولي) فقط, بل وأسقطت مشاريعهم الخبيثة المبيّتة, وأفشلت خططهم السريّة المُدمرة, وكادت المرجعية الدينية العليا التي كانت ترقب الأحداث وتراقب بدقة الخطط والمشاريع التي تهدف للنيل من العراق وشعبه, أن تفصح عن أسماء ومسميات تلك الجهات والأطراف المتورطة بتلك الكارثة العظمى التي حلت بالبلاد, والتي شكلت سابقة تاريخية سوداء لم يعهدها بلد أو شعب آخر منذ أن وجد الإنسان على وجه البسيطة, ولكن لولا حكمتها التي اضطرتها لأن ترجح المصلحة العليا للعراق وشعبه ومقدساته, وحقنا ً للدماء وسترا ً للأعراض, إكتفت بالتلميح دون الإشارة (والشواهد كثيرة سنذكر منها لاحقاً), فرأت المرجعية العليا أن تصبر, والصبر على هاتا أحجى، فصبَرَت وفي (العين قذى وفي الحلق شجا), حتى صار الجمع المتورط بأقطابه الثلاثة (المحلي والإقليمي والدولي) بعد يوم 13/6/2014 تاريخ انطلاق فتوى الدفاع المقدسة, أبطالا ً شرفاء, ومُنقذين نجباء, ومُحررين أوفياء, للعراق وشعبه ومُقدساته, من خطر عصابات تنظيم داعش التدميري.
والمرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف, ولكي لا يتمادى (الجمع) في غيهم, قد ثبتت بتاريخ 20/8/2015م موقفها من النهج المنحرف وبالضد من حكمتها, ومن الإلتفاف على الفتوى المقدسة لتفريغها من محتواها الديني والوطني, فأكدت بـ(أنّه لولا استشراء الفساد في مختلف مؤسسات الدولة ولاسيّما المؤسسة الأمنية، ولولا سوء استخدام السلطة ممن كان بيدهم الأمر لما تمكن تنظيم داعش الارهابي من السيطرة على قسم كبير من الأراضي العراقية، ولما كانت هناك حاجة الى دعوة المرجعية العليا للعراقيين الى الإلتحاق بالقوات المسلحة للدفاع عن الأرض والعِرض والمقدسات)(1).
في إشارة واضحة الى (سابقة) تورط الطرف (المحلي), والمتمثل بالفرقاء السياسيين عبر الحكومات المتعاقبة, وبالخصوص الحكومة في أبان غزو (داعش) وسقوط مدينة الموصل, وفي ذات السياق أشارت وبوضوح لا لبس فيه, الى تورط الطرفين (الإقليمي والدولي) من خلال نص المعادلة الشرطية (الحتمية) التي أدرجتها المرجعية العليا والمتمثلة بـ(إذا لم يتحقق الإصلاح الحقيقي من خلال مكافحة الفساد بلا هوادة وتحقيق العدالة الإجتماعية على مختلف الأصعدة, فإن من المتوقع أن تسوء الأوضاع أزيد من ذي قبل، وربما تنجرّ الى ما لا يتمناه أي عراقي محبّ لوطنه من التقسيم ونحوه)(2). وكلنا يعلم بأن تقسيم (الوطن) كمخطط خبيث يقف وراءه العامل الخارجي (الإقليمي والدولي), وذلك بتدخلهم في الشأن العراقي, ولا يتم ذلك إلا بالتخادم والتناغم مع الطرف المحلي مما لا يخفى.
ومن هذا المنطلق فإن المرجعية الدينية العليا ومن خلال موقعها الديني والإجتماعي, والمسؤولية االمُلقاة على عاتقها, في الحفاظ على المصالح العليا للبلد, تكون قد راقبت الأحداث بدقة متناهية, ورصدت النشاط المتنامي للفكر التكفيري وانتشار المجاميع الإرهابية بالذات, المصاحبة لمجمل التغيرات التي حدثت في العراق وعموم المنطقة, في ما يُعرف بـ(ثورات الربيع العربي) والإضطرابات الدموية الطائفية والقومية وغيرها المصاحبة لها, وتنامي المجاميع الإرهابية في أغلب البلدان. وخصوصا ً في العراق بعد خروج القوات الأميركية وانتهاء حقبة الإحتلال عام 2011م, وتزايد حدة الصراع السياسي بين الفرقاء السياسيين, والذي أخذ شكله الدموي في أغلب الأحيان مما دفع ضريبته ولم يزل أبناء هذا الشعب الجريح, لا لشيء سوى الحصول على المكاسب والإمتيازات وهم منغمسون في حالة (التشرذم) و(التناحر) و(التفكك) و(اللامبالاة)(3) بما جرى ويجري في العراق وشعبه الذي يعيش أسوء الظروف وأحلكها, وينزف الدماء جراء تزايد العمليات الإرهابية والتفجيرات, مع إصرار الفرقاء السياسيين وبلا اكتراث على المضي بنهج المحاصصة السياسية المقيتة و(الطائفية والعرقية والمناطقية) في إدارة دفة الدولة, خصوصا ً بعد أزمة نهاية كانون أول من عام 2012م, المتمثلة بتداعيات اعتقال عناصر حماية (وزير المالية الأسبق), بتهم تتعلق بالإرهاب والقتل والتفجير, ذلك الحدث الذي كانت تداعياته مُدمرة جدا ً, وذات وقع متسارع خرج عن المألوف, مما اضطرت المرجعية العليا لأن توجه لهم بتاريخ 18/1/2013م تنبيها ً قويا ً يُنبأ بما ستؤول اليها تلك التداعيات مستقبلا ً, مُلمحة الى (ظهور داعش) حيث قالت: (إن هذه العمليات ـ الإرهابية ـ قطعا ً تريد أن تؤسس لشيء, تريد أن تدفع بالبلاد الى اتجاهات لا تحمد عقباها)(4).
ـ يتبع..
ــــــــــــــــ
ـ الهوامش:
ـ(1)و(2) أجوبة مكتب السيد السيستاني على أسئلة وكالة الصحافة الفرنسية في 20/8/2015م:
https://www.sistani.org/arabic/archive/25159/
ـ(3) خطبة جمعة كربلاء في 22/3/2013م:
https://alkafeel.net/inspiredfriday/index.php?id=100
ـ(4) خطبة جمعة كربلاء في 18/1/2013م:
https://alkafeel.net/inspiredfriday/index.php?id=91
أقرأ ايضاً
- الصيد الجائر للأسماك
- ضمانات عقد بيع المباني قيد الإنشاء
- إدمان المخدرات من أسباب التفريق القضائي للضرر