حجم النص
بقلم:سالم مشكور
في حوارٍ تلفزيوني أجريته مع المرحوم الدكتور أحمد الجلبي عام 2009، تحدث عن أزمة متفاقمة مسكوت عنها هي أزمة السكن، لكنَّه قال إنَّ الحلّ يكمن في قيام الحكومة ببناء مجمعات سكنية وبيعها الى محدودي الدخل بسعر الكلفة وبقروض مصرفية تدفع هي فائدتها.
الحل الممكن هذا كان وما زال يحتاج إلى إرادة إنجاز وبرنامج تنفيذي خالٍ من الفساد (وهنا مربط الفرس). مشروع واحد حدث لاحقا يمكن أنْ يقترب من هذا الحل هو مشروع مدينة بسماية الجديدة، الذي يوفر مئة ألف وحدة سكنية. هو مشروع لتوفير السكن لمحدودي الدخل، بمواصفات جيدة ورفاهية كبيرة لتوفر خدمات كهرباء وماء وغاز وشوارع وحدائق وملاعب ونظافة مستمرة من دون أي انقطاع بما يشعرك أنك خارج العراق.
مثل هذا المشروع يمثل الحل لمشكلة السكن ومشكلة “العشونة” التي أصابت كل أحياء بغداد والمدن لتقترب من العشوائيات الموجودة. هو مشروع متكامل بدل توزيع الأراضي التي ستتحول إلى عشوائيات جديدة. تخيلوا ما الذي يحصل لو أنَّ أطراف بغداد تشهد عدة مشاريع شبيهة ببسماية؟ سيجري امتصاص الزخم السكاني من داخل العاصمة بما يتيح فرصة استعادة رونقها وترميم خدماتها، وفي الوقت نفسه، يحصل الناس على بيئة نظيفة ونظام ونظافة وخدمات تترك تأثيرها على السلوك وبناء شخصية إيجابية لجيل الأبناء كما هو ملموس اليوم في مشروع بسماية، رغم حاجة الأخير لمزيد من الاهتمام من هيئة الاستثمار لربطها بمركز العاصمة بطريق سالك.
ولو تكررت هذه المشاريع في جميع مدن العراق (وبأسعار لا يرفعها الفساد) لشهدنا نقلة نوعية، ليس على صعيد حلّ مشكلة السكن وحسب، انما على صعيد الاستقرار الاجتماعي والبناء السلوكي. فالاكتظاظ السكاني في مساحات صغيرة وفي ظل انعدام الخدمات يخلق بيئة لمشكلات اجتماعية وسلوكية تضرب استقرار المجتمع ومستقبل أبنائه. كثير من سكان بسماية يتحدثون عن تغيير إيجابي كبير في سلوكيات أطفالهم، لأنهم يتعلمون في مدارس حديثة ونظيفة، ويمشون في شوارع نظيفة وسط المساحات الخضراء ويعيشون في بيت لا تنقطع عنه الكهرباء ويلعبون بملاعب جميلة ونظيفة وهذا كفيل ببناء شخصية إيجابية وهادئة بعيدة عن العنف.
مدينة بسماية نموذج يحتاج إلى تطويره وتكرار أمثاله حول بغداد وباقي المدن.
أقرأ ايضاً
- أكثر من تبييض السجون في البلاد
- الاسوء على المركز والأكثر نفعا للإقليم.. ملاحظات حول الموازنة العامة الاتحادية – الجزء الرابع
- الوضع أكثر من معقّد