بقلم: عادل الموسوي
الشاطر: - بحسب الدارج - التلميذ المجتهد، الناجح، الذي يُحضّر دروسه، يرفع يده للإجابة دائما، وغالبا ما يكون موضع عناية المعلم واهتمامه.
ربما تكون كلمة "الشاطر" - الدارجة- قد استعملت لمعنى غير الذي وضعت له، فمن معانيها في اللغة: الداهية، المكير، الخبيثٌ الماكر، وهو ما لا ينطبق على فئة واسعة من الشطّار من ذوي الاخلاق الحميدة.
وربما يكون الاستعمال -الدارج- صحيحا ايضا لان بعضا من هذه المعاني قد اتصف بها بعض "بعض" الشطّار فعلا.
اذكر ان بعضا من الشطّار الذين صادفتهم في جميع مراحل الدراسة، كانوا دهاة خبثاء ماكرين، كان بعضهم يحرض التلاميذ على "الطفرة" من السياج، يحرض على عدم القراءة وتحضير الدروس، على عدم الالتزام، يحبط المعنويات باثارات خبيثة عن صعوبة الاسئلة، او عدم أهمية مواضيع معينة، او ينفي مرشحات اسئلة مهمة، ويعمل ما بوسعه لرسوب التلاميذ او ضعف درجاتهم، وربما سرق من بعض المنافسين كتابا، او كرّاسا او قلما بهدف تعطيل متابعتهم للدروس او تأخيرها.
يدعي انه لم يقرا شيئا ولم يحضّر للدرس، يدعي انه لم يجيب عن الاسئلة، او انه نسي الاجابة عن سؤال او سؤالين، وان طلب منه كسول غشا، غشه بمعلومة غير صحيحة وعندما توّزع النتائج "الشهايد" يكون هو "الاول عَ الصف".
كم صادفتَ مثل هؤلاء في سنوات الدراسة؟
هل صادفتَ مثل هؤلاء في سنوات الانتخابات؟
شطّار الانتخابات يحرِّضون على العزوف عن الانتخابات، بدعوى عدم جديتها، او نزاهتها، او جدواها، يرددون: لا احد كفوء، لا احد شريف، لا احد نزيه، "كلهم حرامية"..
قد يكون ما يقوله الشطّار هذه المرة صحيحا مطابقا للواقع!!
لكن في الواقع فان الشطّار الذين حملوا المواطنين على العزوف عن الانتخابات كانوا سبّاقين الى المشاركة فيها وقد انتخبوا فسّادهم، وربما اشاروا على الناخبين المترددين بانتخاب مرشحين فاسدين او غير كفوئين..
بعد العزوف وسوء الاختيار او عشوائيته في الانتخابات السابقة واسقاط فرضها وما تبع ذلك من ابعاد وتداعيات، لابد من الجد والاجتهاد لتصحيح المسار..
لا أهمية لكذبة الانتخابات المبكرة، فما بين موعدها الذي حُدد وتأجل الى تشرين من هذا العام وموعدها الطبيعي في العام المقبل اشهر معدودات.
الاهمية تكمن في تغيير "تلك الوجوه التي لم تجلب خيرا للبلد"، ولا مناص من المشاركة فالمعادلة قد تغيرت فـ"لن يكون ما بعد هذه الاحتجاجات كما كان قبلها، في كل الأحوال..".
في الانتخابات المقبلة لن تكون خيارات الناخبين محصورة بـ "تلك الوجوه"، فالامل معقود على وجوه جديدة، "وإذا تمّ إقرار قانون الانتخابات على الوجه المقبول يأتي الدورُ للنُّخب الفكريّة والكفاءات الوطنيّة الراغبة في العمل السياسيّ، لتنظّم صفوفها وتعدّ برامجها للنهوض بالبلد وحلّ مشاكله المتفاقمة في إطار خططٍ عمليّة مدروسة، لكي تكون على استعدادٍ لعرضها على الناخبين في أوان الانتخابات، ويتمّ التثقيف على التنافس فيها لا على أساس الانتماءات المناطقيّة أو العشائريّة أو المذهبيّة للمرشّحين، بل بالنظر الى ما يتّصفون به من كفاءة ومؤهّلات، وما لديهم من برامج قابلة للتطبيق للعبور بالبلد الى مستقبلٍ أفضل، على أمل أن يقوم مجلسُ النوّاب القادم والحكومة المنبثقة منه بالدور المطلوب منهما في إجراء الإصلاحات الضروريّة، للخلاص من تبعات الفساد والمحاصصة وغياب العدالة الاجتماعيّة في المدّة السابقة" - خطبة الجمعة ٢٠١٩/١٢/٢٠ -
جميع الشركاء يتسابقون للمشاركة في الانتخابات المقبلة والكل يستعد للمنافسة الا الجزء الاكبر ممن لا ينتمون لجهات وتيارات سياسية، وليس لهم دوافع طائفية، زاهدين حقهم في التمثيل، غير مدركين ان مفتاح التغيير وتصحيح المسار بايديهم، متأثرين بحرب الشطّار الناعمة..
لابد من دعم "الوجوه الجديدة" من الكفاءات والنخب وحمايتها من حمى الصراع مع " تلك الوجوه التي لم تجلب خيرا للبلد"، ولكي لا تكون "هذه الوجوه" ك"تلك الوجوه"، او ان تلبس الوجوه القديمة اقنعة جديدة، لابد من حسن الاختيار بأخذ "المواصفة القياسية" للنخب والكفاءات - والتي حددتها المرجعية الدينية العليا في بيانها المبلغ في خطبة الجمعة الانفة- بعين الاعتبار.. كي لا يخدعنا الشطّار مرة اخرى.