بقلم:سامي جواد كاظم
مستشرق كلمة متداولة بكثرة تعني ان الشخص الذي يخوض او يتخصص في علوم الشرق وهذا التعريف يقود الى متاهات واستفهامات ، ماهي علوم الشرق هل هي الديانة ام العادات والتقاليد الاجتماعية ام اللغات، ومن يدرسها بغية الاطلاع عليها ليتخصص بها او لكي يعمل بها سواء اعتناق دين او تغيير عادات ؟ والشرق بحكم جهة الشرق عكس الغرب، ولكن الذي نقف عنده من هو هذا الذي يمنح لقب مستشرق ؟ هل بشرط الديانة ام القومية ؟ ان قلتم الديانة فهذا يعني المسيحي العربي لو قرا علوم الاسلام هل يقال عنه مستشرق ؟ كلا لانه يسكن الشرق ، ولو هاجر وسكن في الغرب وقرا علوم الشرق هل يقال عنه مستشرق ؟ الامر الاخر اين يقرا علوم الشرق في دولته ام في الشرق ؟
هذا المصطلح يتضارب مع المستغرب ، لان المستغرب هو من يتقمص عادات الغرب حتى وان تضاربت مع عادات الشرق بل وحتى مع الديانة الاسلامية .
المستشرق وحسب نواياه المفروض لا يرضى ان يقال عنه مستشرق ، البعض منهم يمتهنون مهنة اخرى غطاؤها الاستشراق ، منها مثلا التلاعب والدس بما امكنه من معلومات مزيفة في تاريخ الاسلام ، او يمارس مهنة التجسس بحجة العلم ، وقد تمكنوا من ذلك وتلاعبوا ببعض الثوابت واثروا على العقول المنغلقة .( يشهد الله كتبت هذه العبارة ولم اطلع على راي المفكر المرحوم ادوارد سعيد الذي توافق مع راي ) .فمن يبحث في الثقافة الاسلامية بنزاهة يسمى باحثا اسلاميا وهذا ما اكده الأستاذ الجامعي الأميركي جون إسبوزيتو في أحد حواراته يقول "لا أود أن أُسمى مستشرقًا؛ لما تحمله كلمة الاستشراق من انطباع سيء، فادعوني باحثا إسلاميا". والمثير كذلك المستشرق الشهير برنارد لويس يرفض وصفه بالمستشرق!
عندما يقتنع المستشرق بمفاهيم الاسلام ويعتنق الاسلام يقال عنه مسلم ولا يقال عنه مستشرق ، واذا نقل الثقافة الاسلامية بامانة يقال عنه باحث اسلامي ، واذا شرقي مسلم غير ديانته يقال عنه مسيحي او يهودي ولا يقال عنه مستغرب واذا تخصص بالثقافة الغربية ونقلها بامانة يقال عنه باحث بالشان الغربي ، اما العادات الشرقية الاجتماعية او التراث الشرقي من ملبس وماكل فهذا لا جدل وخجل من دراستها والتعرف عليها بل البعض يرغب بممارستها من باب المتعة وحتى الشرقي عندما يرغب بممارسة عادات الغرب شرط ان لا تتعارض مع الشارع المقدس فلا باس في ذلك .
هنا التفاتة استوقفتني وهي عبارة الاستشراق الالماني ، وعند الاطلاع على حيثياته وجدته حقا يختلف عن الاستشراق الانكليزي والفرنسي والامريكي لان الدراسة في المانيا لا تدعمها الحكومة وليس موظف فمن يريد ان يطلع او يدرس ثقافة الشرق يتحمل اتعاب البحث ماديا وجهدا ، اما البقية فكانوا بدعم حكوماتهم وتبين انهم جواسيس جاءوا لكي يعبثوا بتراث الشرق من جهة وان يكونوا عيونا لحكوماتهم في بلدان الشرق ، وهناك من كتب يرفضهم بشدة لانهم خانوا الامانة وبالفعل بعضهم وضع اكاذيبه في تاريخ الاسلام واعتمد على الاكاذيب في التاريخ الاسلامي لتثبيتها وتكوين صورة سلبية لدى مجتمعاتهم حتى لايتاثروا بالاسلام .
فالدارس الحقيقي لثقافة الشرق يرفض ان يقال عنه مستشرق . واتفق جملة وتفصيلا مع المفكر ادوارد سعيد بنقده الاستشراق
أقرأ ايضاً
- المجتهدون والعوام
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟