- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
حكومة الكاظمي بين حملات التشويه وتحديات المرحلة الراهنة
قيصر الصحاف
لا يختلف اثنان على أن حكومة الكاظمي كانت نتاج انسداد سياسي أعقب حركة الاحتجاجات الواسعة التي انطلقت في تشرين الأول من العام ٢٠١٩ والتي كانت الاعنف والاكثر ضغطاً على النظام السياسي في العراق من كل الاحتجاجات التي بدات بوادرها منذ عام ٢٠١١، والتي كانت سبباً رئيسياً في استقالة حكومة السيد عبد المهدي وتشكيل حكومة السيد الكاظمي بعد مخاض عسير وتوافق اغلب الكتل السياسية على تشكيلها، والتي اشترطت على السيد الكاظمي حفظ هيبة الدولة واحتواء حالة التوتر التي يشهدها الشارع العراقي والتحضير لانتخابات مبكرة وضمان إجرائها في ظروف مناسبة.
وما ان باشرت هذه الحكومة مهامها ونجحت نسبياً في احتواء الاحتجاجات الشعبية وحددت موعد الانتخابات المبكرة حتى بدات حملات التسقيط والتشويه والتشكيك تتصاعد تدريجياً عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، في حرب إلكترونية واضحة المعالم والتوجهات.
اعتقد ان هذه الحكومة لم تستلم السلطة في اجواء مثالية ومناخات هادئة بل باشرت عملها في ظل ظروف معقدة جدا، فعلى المستوى الداخلي ورثت تراكمات ثقيلة ممتدة لاكثر من عقد ونصف كانت آخرها الاحتجاجات الواسعة التي شهدها الشارع العراقي مؤخراً، أما على المستوى الخارجي فإنها كانت في مواجهة التوتر الامريكي الايراني المتصاعد وارتداداته العنيفة التي شهدت انفجارا بركانيا بعد حادثة المطار التي لا تزال تداعياتها تتفاعل محلياً وإقليمياً ودولياً واثارت جدلا واسعاً في العراق بشأن طبيعة العلاقة مع الجانب الامريكي بين مطالب بالتصعيد واللجوء الى الخيارات العسكرية وداعياً الى سلك الطرق الدبلوماسية وفقا لعقد اتفاق جديد بديلا للاتفاقية الاطارية وهو ما يعرف بالحوار الاستراتيجي لخروج القوات الامريكية من العراق، والى جانب ذلك برزت أزمة وباء كورونا الذي ضرب كل دول العالم وخلّف خسائر بشرية هائلة، وافرز تداعيات اقتصادية خطيرة على المستوى الدولي، اذ انه ادى الى تعطيل عجلة الاقتصاد والحق الضرر بكبريات اقتصاديات العالم ناهيك عن الدول ذات الاقتصاد الضعيف والريعي، وكان العراق في طليعة الدول المتضررة اقتصاديا من هذا الوباء لهشاشة نظامه الاقتصادي احادي المورد.
في ظل هذه الظروف المعقدة والمتشعبة على الصعيدين الداخلي والخارجي وضعت حكومة الكاظمي منهاجها الوزاري المختصر والذي جاء منسجما مع مهامها المحددة ووفقا لاولويات واسبقيات حددتها طبيعة المخاطر والتهديدات التي تواجه البلد.
وبدات الحكومة مسرعة للتحرك على عدة مستويات لخفض التصعيد الايراني الامريكي ومواجهة تداعيات جائحة كورونا واحتواء الارتدادات السلبية للازمة الاقتصادية المرافقة للوباء الا انها وجدت نفسها أمام معرقلات جمّة اختلقتها ذات الكتل السياسية التي توافقت بالامس على تشكيلها!!
هذه المواقف وغيرها تكشف بما لا يقبل الشك ان التوافق الذي حصل بالأمس على تشكيل الحكومة لم يكن نابعاً من شعور بالمسؤولية تجاه الوطن والمواطن بل كان يهدف إلى كسب الوقت واقناع الشارع العراقي بفشل المشروع الإصلاحي الذي بدأته الجماهير الغاضبة في تشرين الثاني من العام ٢٠١٩ وتقويض مستوى التاييد الشعبي له خشية ان تخسر مواقعها ومغانمها وحصانتها المزيفة!!
والا أليس من المناسب في ظل الظروف الراهنة ان تتظافر الجهود الوطنية لمساعدة الحكومة على تجاوز التحديات التي تواجهها بدلا من حملات التسقيط والتشهير والتخوين التي تمارسها بعض الجهات؟؟
كيف يمكن للحكومة تجاوز الازمات المتراكمة والمعقدة في ظل حالة الاستعداء هذه؟ ثم من المستفيد فيما لو اخفقت هذه الحكومة في انجاز مهامها الرئيسة؟
ينبغي ان نفكر بعمق وبموضوعية في الموقف من الحكومة الانتقالية، فانها اذا ما فشلت في تجاوز المرحلة الراهنة وإجراء انتخابات نزيهة فسيكون الجميع مشاركاً في اطلاق رصاصة الرحمة على النظام السياسي وانزلاق البلد في مرحلة جديدة عنوانها الفوضى والاضطرابات واراقة الدماء.
أقرأ ايضاً
- مستقبل البترول في ظل الظروف الراهنة
- نصيحتي الى الحكومة العراقية ومجلس النواب بشأن أنبوب النفط الى العقبة ثم مصر
- لماذا تصمت الحكومة أمام عقود أندية دوري "لاليغا" ؟