قدموا من عمق الصحراء من مسافات بعيدة جدا عن المدن تتراوح بين 200 ــ 500 كيلومترا لينصبوا بيوت الشعر التي يسكنونها على طريق الزائرين في قضاء الخضر بمدينة السماوة مركز محافظة المثنى وسط العراق، لم يتركوا طباعهم في نصب دلال القهوة العربية ذات النكهة المميز واطعموا الزائرين من الذبائح التي جلبوها معهم، انهم البدو الرحل الذين يقضون عامهم متنقلين بحثا عن العشب والمتاع لهم ولانعامهم، فجاؤوا يبحثون عن الأجر والثواب في طريق الزائرين بأربعينية الإمام الحسين عليه السلام فقاموا بنصب مواكبهم التي ينتقلون بها في اربع محافظات واشركوا نسائهم واطفالهم في الخدمة لتقديم افضل الخدمات لقاصدي ابي عبد الله الحسين سيرا على الأقدام.
الشعائر في الصحراء
جاء جبار مزعل (ابو حسين) الفرطوسي قبل 15 عاما مع موكبه الإمام علي عليه السلام من بادية السماوة من مسافة تمتد لاكثر من مئتي كليومترا عن مدينة السماوة لينصب موكبا في قضاء الخضر على طريق الزائرين، ويقول انهم كانوا يقيمون عزاء للإمام الحسين في العاشر من المحرم لايام عدة تتخلها محاضرات دينية ولطميات وتوزيع الطعام هناك في البادية، في عمق الصحراء في حقبة النظام الدكتاتوري، وكانت تقام تلك الشعائر بالخفية خشية عيون السلطة الغاشمة التي لم يسلم منها احد من العراقيين والتي كانت تعاقب بشدة من يقيمها، ثم وبعد سقوط النظام انتشرت الشعائر بين مناطق البدو في الصحراء وصار عندنا مواكب مركزية يجتمع فيها محبي الحسين عليه السلام من البدو من ارجاء الصحراء رجالا ونساء واطفال ليقيموا شعائر الإمام الحسين عليه السلام.
مواكب بدو وخدام
ابو حسين يبين لوكالة نون الخبرية، انه كانوا يسيرون في الزيارة الاربعينية سيرا على الأقدام على شكل مجموعات من مركز مدينة السماوة وشاهدوا حجم الخدمات الكبيرة التي تقدمها المواكب للزائرين فتولدت عندهم فكرة نصب مواكب للبدو على طريق الزائرين منذ العام 2005، واصبح لديهم 15 موكبا يعمل فيها مئتي شخص من الرجال والنساء والاطفال يقدمون خدمات كبيرة للزائرين ولكونهم معتادون على التنقل وحركتهم خفيفة وسريعة فأنهم ينتقلون من محافظة المثنى الى محافظات القادسية وبابل وصولا الى كربلاء المقدسة ويقدمون الخدمة لمدة عشرون يوما منذ حلول شهر صفر حسب التوقيت الهجري الى يوم الزيارة الاربعينية في العشرين منه ويقدمون الطعام بثلاث وجبات ومبيت، وليزيدوا الخدمة الحسينية قاموا ببناء حسينية على الطريق لايواء الزائرين ممن يبيتون لتوفير اكبر قدر ممكن من الراحة لهم، مشيرا الى انهم تعلموا من المواكب التي تجاورهم من اهل المدينة ماهي رغبات الزائرين.
شفاعة الحسين
تعلقت قلوبهم بالمسيرة الحسينية للسائرين نحو قبلة الأحرار كربلاء وتمنوا ان يكونوا خداما للحسين عليه السلام لنيل الشفاعة يم لا ينفع مال ولا بنون واستفسروا من اصحاب المواكب المنصوبة على الطريق ماذا يحتاج من يروم نصب موكبا للخدمة فوجدوا الامر عندهم هين لانهم جبلوا على الترحال وتكيفوا مع المعيشة في ضروف قاسية فقطعوا 500 كيلومترا من عمق البادية وجاؤوا منذ ثلاث سنين لينصبوا بيوت الشعر في طريق الزائرين بقضاء الخضر التابع الى محافظة المثنى، ويؤكد سلمان حسين عجة آل توبة من عشائر بيني حجيم انهم تجمعوا هو واخوته وابناء عمومته وجمعوا اموال بطريقة التكافل ليباشروا بنصب بيت شعر واحد ويقدموا وجبتين يوميا، ثم تعرفوا على اذواق الزائرين واوقات التوزيع حيث يتناول الزائرين افطارهم في تلك المناطق بعد صلاة الفجر مباشرة الى الساعة السابعة صباحا ثم تقدم وجبة الغذاء من الساعة التاسعة والنصف صباحا الى الحادية عشرة، ولانهم يعيشون حياة البداوة والنساء هي التي تتكفل باعداد الطعام قاموا باشراكهن بالخدمة الحسينية فيطبخن في بيوت شعر تعتبر بيوتهم وتنقل الاطعمة الى الموكب، كما التفتوا الى ضرورة زرع القضية الحسينية في نفوس اطفالهم فجعلوهم يشتركون في الخدمة الحسينية، ولم يكتفوا بذلك انما استغلوا مواقع التواصل الاجتماعي فقاموا ببث مباشر لاهلم واخوتهم وعشائر البادية لتعميم المشاركة في العزاء الحسيني.
قاسم الحلفي - المثنى
تصوير: خضير فضالة
أقرأ ايضاً
- 400 مليون دولار خسائر الثروة السمكية في العراق
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- "بحر النجف" يحتضر.. قلة الأمطار وغياب الآبار التدفقية يحاصرانه (صور)