بقلم: بركات علي حمودي
بعد اسابيعٍ وشهور من حكومة اتت على مضض الاحزاب وعكس رغباتها، بحكومةً كان الامل فيها ان يُعاد تدوير احزاب السلطة و مكوناتها، قلب رئيس الحكومة (رجل الظل السابق) الطاولة على من اتى به كما توقع الكثير ممن يعرف الرجل عن قرب او عن بُعد.
فمع اول بزوغ لفجر الحكومة الجديدة قام الكاظمي باعادة ضباط كبار كان لهم الاثر في تحرير العراق من دنس داعش الارهابي، قامت الحكومة السابقة (بركنهم في دوائر الامرة) التي تعني جلوس الضباط في بيوتهم بطريقةٍ لا تليق بتاريخهم البعيد والقريب، فكان استدعائهم من الحكومة الجديدة ووضعهم على رأس الاجهزة الامنية الحساسة.
وهو بذلك قام بدوره القانوني كرئيس للحكومة دون ان يعارضه احد من (الذين اتوا به) في 9/4/2020 المشؤوم عليهم.
وبعدها قام رئيس الحكومة بمسك المنافذ الحدودية التي هي منافذ للمال (الحرام) للبعض فقطع بذلك مليارات الدنانير عنهم التي كانوا يحصلون عليها ليمولوا فيها ميزانية احزابهم وماكناتهم الاعلامية الضخمة المتكونة من قنوات فضائية وجيوش الكترونية تحتاج لتمويل يوميي ولمشاريع اقتصادية لهم في الخارج -ويا ليتهم استثمروا اموال العراق في العراق-، وهنا لم يستطيع احدٌ معارضته الا بقولهم السمج (متى يحكم سيطرته على منافذ الاقليم ؟) و كأن عدم سيطرته على منافذ الاقليم يجب ان يقابله استمرار السرقات في منافذ الوسط و الجنوب !
ليقوم بعدها بتغيير رئيس شبكة الاعلام العراقي وما شابَ ذلك من لغط بسبب حساسية هذا المنصب الاعلامي الذي يؤثر على اعلام وتوجه الدولة ولم يستطيعوا كذلك مجابهة قرار الرئيس لما فيه من جنبة قانونية لا يستطيعون مقاومتها !
وغير ذلك من القرارات الكثيرة مما سبّب استياء (من اتوا به) بسبب فقدهم سطوتهم عليه كما مع اي رئيس وزراء سبقه .. وكيف كان الرئيس مجرد ديكور يأتمر بأوامر هؤلاء ومن خلفهم من ارادات الخارج !
وعندما اتجهت الحكومة للخارج بعلاقات متوازنة مع ايران، والولايات المتحدة الامريكية، والسعودية وسورية والاردن ومصر وحتى الصين، شعرَ هؤلاء ان لعبتهم قد قاربت على نهايتها لان رئيس الحكومة اقترب من لم شمل شتات الداخل و الخارج حوله.
فجميع المتناقضين الدوليين ابتداءاً من ايران و انتهاءاً بالولايات المتحدة الامريكية، مدوا للرجل ايدي المساعدة والتأييد له ولو بدرجات متفاوتة وبنوايا مختلفة، وكذلك الداخل العراقي الذي كسب فيه الكاظمي تأييد اغلب الشعب العراقي من الشمال الى الجنوب عدا (جماهير الاحزاب المتآكلة شيئاً فشيئاً) التي تحاول بشتى الوسائل الاستهزاء بالسلطة والتجني عليها وتشويه صورتها عبر ربط (مشاكل الماضي) بالحاضر بتخويف الناس البسطاء بأن الكاظمي (صدام جديد) يُراد منه صُنع (قادسية) جديدة ضد ايران !
بهذه السذاجة تسوّق الاحزاب هذه المخاوف بقلوب البسطاء الذي بلغوا من العمر عتيا الذين فقدوا زهرة شبابهم بشبق صدام لـ(الحروب المتلاحقة)، ولهذا هم يتوجسون خيفة من صدام جديد يروه امامهم لمجرد ان (الاخوة الاعداء) يروجون انه كذلك و دليلهم ارادته لعودة العلاقات مع العرب وامريكا.
نعم يحذرون الناس من عودة العلاقات مع امريكا، و كأنهم اتوا للحكم عبر ثورة شعبية اسقطوا بها صدام، و تناسوا انهم اتوا بعربات و دبابات المُحتل !
اليوم :
هم يعضون اصبع الندم لانهم اتوا به، و يبحثون عن اقالته او اسقاطه او اي شيء اخر، ويفكرون .. هل يسقطوه برلمانياً ؟ ام يسقطوه شعبياً وكما سقطوا هم؟
وهل هم قادرون فعلاً على اسقاطه او اقالته ؟ وما هو رد الفعل الشعبي والدولي عليهم في حال اسقاطه؟
الامر يبدو صعباً عليهم، فالعامل الدولي و الداخلي سيكون اصعب عليهم في حال اسقاطه او اقالته، ولهذا سيختارون طريق (احترام انفسهم) والابقاء عليه حتى الانتخابات القادمة التي لا يريدوها هم (مُبكرة) كما يزعمون لانهم يعرفون الان مستوى (اضمحلال شعبيتهم)، و لهذا سيسايرون (الكابوس) الذي جاءهم على حين غرة وسيحاولون املاء اراداتهم (الاعلامية) عليه كي يجمعوا من رصيدهم (المُتشتت) عسى ولعل ان يفيدهم في الانتخابات القادمة التي ربما لن تحصل في 6 حزيران 2021 !.