- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
المرجعية الدينية العليا والمظاهر العاشورائية
بقلم: حسين فرحان
إعتاد الشيعة في العراق وفي سائر البلدان على استقبال شهر الأحزان بمظاهر عاشورائية متنوعة، قد تختلف في طبيعتها وفي حجمها من بلد إلى آخر بحسب الظروف المحيطة بأبناء الطائفة في هذه البلدان، وقد شهد العراق -وهو البلد الذي وقعت على أرضه فاجعة الطف فاحتضنت كربلاء تلك الأجساد الطاهرة والأرواح التي حلت بفناء السبط الشهيد عليه السلام- أزمنة تفاوتت فيها المظاهر العاشورائية من حيث الظهور بالشكل المراد لها ان تكون عليه لتناسب حجم المصيبة التي حلت بالأسلام وأهله، ولطالما تعلق هذا الأمر بمدى تحرر هؤلاء الشيعة من ضغوطات وممارسات الأنظمة الحاكمة المخالفة لما عليه اعتقاد الشيعة الإمامية بأنها من جملة شعائر الله التي ينبغي تعظيمها والتعبد بإحياءها بقصد القربة المطلقة في سلوك طريق مودة القربى، وهذا أمر لا يوافق هوى الكثير ممن كان لهم سهم الخلافة المزيفة والسطوة والنفوذ أوالملك والرئاسة.
وليس ببعيد عنا عبث البعث وحربه على هذا الشعائر عموما وعلى المظاهر العاشورائية كرايات الحزن واللافتات ونشر السواد وهي مظاهر كانت تشكل إيذانا ببدء موسم الحزن والمواساة، فكانت الممارسات القمعية تطال كل من رفع راية حسينية على سطح داره أو ارتدى ثوبا أسودا أو كتب لافتة أو فعل أي شيء من شأنه أن يجعل من شهر محرم شهرا مميزا عن غيره من الشهور، وكم من إنسان فقد حياته بأحكام جائرة وعلق على أعواد المشانق بسبب نشره لهذه المظاهر، فمرت العقود ثقيلة على الشيعة وهم ينظرون إلى شعائرهم وهي تعدم معهم وتسجن معهم، حتى انتكث فتل الطاغية وأجهز عليه عمله وتهاوى صنمه فاتخذ من الجحر مأوى بعد البروج المشيدة التي بناها، فكانت نهايته كنهاية أسلافه الذين حاربوا الحسين وشعائره فحلت عليهم اللعنات.
إنطلق شيعة العراق بمجرد سقوط الصنم إلى إحياء الشعائر الحسينية حتى ذهل الأعداء لذلك، فلم يكن أحد يتوقع أن القضية الحسينية ستجد لها متنفسا بعد الكبت البعثي لها لمدة قاربت الأربعين عاما، وبعد كل حالات الإعدام والسجن والإضطهاد، ليفاجأ العالم بأسره بمظاهر عاشورائية لم يعرف لها مثيل وزيارة مليونية تخطت كل التوقعات.
اليوم وبعد ١٧ عاما من الخلاص ورغم اعتياد الناس على أداء هذه الشعائر بل الإجتهاد في تعظيمها والعمل على الحفاظ عليها، إلا أننا نرى التأكيد من المرجعية الدينية العليا على جانب مهم منها وهو جانب (المظاهر العاشورائية) ذلك الجانب الذي يعد استهلالا مهما للحدث ومقدمة ضرورية لتمييز شهر محرم عن غيره بل هو تمهيد معنوي كبير لأداء سائر الشعائر الأخرى فيه.
وقد رأينا ذلك في جواب استفتاء موجه لمكتب سماحة السيد السيستاني دام ظله حول اقتراب حلول شهر محرم مع الواقع الذي نعيشه في ظل تفشي وباء كورونا فكان مما أجيب به السائل بعد بيان ما ينبغي فعله مع هذا الواقع وانتشار الوباء نقطة مهمة تتعلق بالمظاهر العاشورائية ونصها: (نشر المظاهر العاشورائية على نطاق واسع من خلال رفع الأعلام واللافتات السوداء في الساحات والشوارع والازقة ونحوها من الاماكن العامة مع مراعاة عدم التجاوز على حرمة الاملاك الخاصة أو غيرها وعدم التخلف عن رعاية القوانين النافذة في البلد. وينبغي أن تشتمل على مقاطع من كلمات الامام الحسين (عليه السلام) في نهضته الاصلاحية العظيمة وما قيل في فاجعة الطف من روائع الشعر والنثر).
والملاحظ في هذه الفقرة المهمة أمور منها:
١- نشر المظاهر العاشورائية (على نطاق واسع) من خلال (رفع الأعلام واللافتات السوداء).
٢- تحديد مكانها وهو (الشوارع والأزقة ونحوها من الأماكن العامة).
٣- وضع شروط لذلك وهي: (مراعاة عدم التجاوز على حرمة الاملاك الخاصة أو غيرها وعدم التخلف عن رعاية القوانين النافذة في البلد).
٤- ينبغي أن تشتمل على مقاطع من كلمات الامام الحسين (عليه السلام) في نهضته الاصلاحية العظيمة وما قيل في فاجعة الطف من روائع الشعر والنثر.
هنا نرى ان المرجعية العليا تدعو إلى أن تشتمل هذه اللافتات على مقاطع من كلمات الإمام عليه السلام في نهضته الإصلاحية وما أكثرها ولو بحثنا عنها فإننا سنجدها دون عناء مع ما توفره لنا وسائل الاتصال الحديثة والمواقع المعتبرة التي تعنى بهذا الشأن، وهو الأمر الذي ينطبق على تحصيل روائع الشعر والنثر التي قيلت في واقعة الطف ونشرها كمظهر من المظاهر العاشورائية.
المرجعية العليا تدعونا اليوم لما ينبغي أن يكون عليه واقع هذه المظاهر العاشورائية فلنعمل على ذلك حيث تكون: نشر على نطاق واسع وهي تحمل كلمات الحسين عليه السلام وما قيل من روائع الشعر والنثر في فاجعة الطف.
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- المرجعية وخط المواجهة مع المخدرات
- ثورة الحسين (ع) في كربلاء.. ابعادها الدينية والسياسية والانسانية والاعلامية والقيادة والتضحية والفداء والخلود