- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
عندما تكون الحكومات شريك بالفساد
بقلم: أياد السماوي
وثائق جديدة صادرة من الهيئة العامة للضرائب , تكشف جانبا مهما وخطيرا من جريمة ضريبة المبيعات العشرين بالمئة التي فرضتها حكومة (المحروس بالله) حيدر العبادي على مبيعات كارتات الهاتف النّقال وشبكات الأنترنت .. فبالرغم من أنّ قانون الموازنة العامة لسنة 2015 لم يحدد الجهة التي ستتحمّل أعباء هذه الضريبة المفروضة , إلا أنّ شركات الهاتف النّقال سارعت في اليوم الأول لإقرار هذا القانون برفع قيمة كارتات التلفونات وشبكات الأنترنت بنسبة 20% , محملّة المواطن المشترك أعباء هذه الضريبة .. حكومة المحروس بالله العبادي لم تعترض قط على تصرّف شركات الهاتف النّقال التي حوّلت أعباء هذه الضريبة على كاهل المشتركين .. صمت الحكومة عن تصرّف شركات الهاتف النّقال وعدم اعتراضها على تحميل المواطنين أعباء هذه الضريبة , يدّلل بشكل قاطع أنّ حكومة العبادي كانت على اتفاق مسبق مع هذه الشركات بتحميل المشتركين أعباء هذه الضريبة .. وأفضع ما في هذه الجريمة أنّ الحكومة قد أوكلت مهمة استيفاء هذه الضريبة المفروضة بموجب قانون الموازنة العامة إلى شركات الهاتف المتلكأة والمتهربة من دفع الضرائب والاستحقاقات المالية الأخرى الواجبة السداد بموجب عقد الترخيص المبرم بينها وبين وزارة المالية سنة 2007 .. حيث لم يكن لدى وزارة المالية والهيئة العامة للضرائب أيّة آلية لاحتساب المبيعات الحقيقية لهذه الشركات , ولا حتى كيفية استرجاع هذه الأموال التي تقدّر بمليارات الدولارات سنويا من هذه الشركات غير العراقية وهنا الطامة الكبرى.
الوثائق التي حصلنا عليها والصادرة من الهيئة العامة للضرائب توّضح أنّ شركة كورك المملوكة من قبل عائلة مسعود ونيجرفان برزاني لم تدفع دولارا واحدا من الضرائب الثلاث (دخل الشركات .. استقطاع مباشر .. مبيعات) إلى الهيئة العامة للضرائب منذ إبرام عقود الترخيص سنة 2007 وحتى هذه اللحظة .. أمّا شركة آسيا سيل المملوكة لمقرّبين من عائلة جلال الطالباني فهي الأخرى لم تدفع هذه الضرائب الثلاث للهيئة العامة للضرائب لعامي 2018 و 2019 .. والشركة الوحيدة التي تدفع هذه الضرائب الثلاث للهيئة هي شركة الأثير الكويتية, ولكن ليس على أساس الأرقام الحقيقية للمبيعات, بل على أرقام تقديرية تقوم الهيئة العامة للضرائب بتقديرها, وهذه الأرقام لا تعكس أبدا الأرقام الحقيقية للمبيعات, لأن الجهات الرسمية العراقية ليس لديها معلومات دقيقة عن هذه الأرقام, وهي تعتمد على ما تقدّمه شركتي الأثير وآسيا سيل من أرقام عن حجم مبيعاتها .. ومع كلّ هذا التلكؤ والتهرّب من دفع الضرائب والاستحقاقات المالية الأخرى, تأتي حكومة مصطفى الكاظمي لتجدّد عقود هذه الشركات ثمان سنوات أخرى تنتهي في سنة 2030, في واحدة من أكبر صفقات الفساد في حكومات ما بعد عام 2003 .. فعندما تكون الحكومات هي الشريك بالفساد, فلن تكون هنالك حرمة للمال العام, ولو كانت هنالك حرمة لمال الشعب العام لما استمرّت شركة كورك بالتهرّب من دفع ضرائبها واستحقاقاتها المالية الأخرى طيلة الثلاث عشرة سنة الماضية وكذلك شركة آسيا سيل .. فكان واجب حكومة المالكي وحكومة العبادي وحكومة عادل عبد المهدي , إلغاء ترخيص شركة كورك من السنة الأولى .. ورؤساء هذه الحكومات الثلاث ووزراء المالية ومدراء الهيئة العامة للضرائب ورؤساء هيئة النزاهة جميعا متواطئين مع هذه الشركات الثلاث في نهب مال عام الشعب, خصوصا ما يشاع عن حمادة الجرجفجي مالك شركة الأثير بتمويل الحملات الانتخابية لرؤساء هذه الحكومات, وكذلك عن علاقة مع رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي.