حجم النص
جواد العطار
منذ ان اطلقت تركيا عملياتها العسكرية الواسعة في شمال العراق تحت مسمى " مخلب النسر" قبل ايام ضد حزب العمال الكردستاني ورافقتها عمليات عسكرية اخرى من ايران اقل محدودية ضد حزب الحياة الكردي ... وتثار الكثير من الاسئلة حول الوجود التركي الدائم في شمال العراق وقواعده الثلاث التي اكبرها قرب بعشيقة والمتواجدة منذ اكثر من ثلاث سنين... فهل هي مشمولة بقرار البرلمان العراقي القاضي بإخراج كافة القوات الاجنبية من البلاد!!! ولماذا لم يأتي احد على ذكرها؟ وما هو موقف الحكومة العراقية الحالي غير الادانة والاستنكار!!!! ولماذا سكوت اقليم كردستان عن هذه العمليات!!!!! وما هو موقف الولايات المتحدة من اتفاقية الاطار الستراتيجي وحماية العراق من اي عدوان!!!!!! وما هو موقف التحالف الدولي من هذه العمليات وهو الذي يضم 82 دولة تتواجد اغلب قواتها وعملياتها بالقرب من العمليات العسكرية التركية. خلاصة علامات التعجب اعلاه لا تقبل الا احد احتمالين:
الاول – ان الكل حكومة مركزية واقليم وامريكان وتحالف دولي اخذوا علما بالعملية التركية قبل انطلاقها او تم التنسيق لوجستيا مع بعض الاطراف؛ لذلك لم نلحظ ردا قويا عليها او ضغطا لإيقافها.
الثاني – ان جميع الاطراف تفاجئت بالعملية التركية وقد تأتي بعد انطلاقها ردودا قوية تؤدي لإيقافها ... وهذا الاحتمال سقط مع استمرارها لايام وتوسعها مما يؤكد ان العملية انطلقت بعلم الجميع... فلماذا سكت الجميع؟.
مما يؤسف له ان الجارة تركيا لم تراعي حقوق الجوار مع العراق بعد 2003 وهي الدولة المسلمة الكبيرة التي يفترض ان تربطنا واياها علاقات حسن جوار ، فقد استغلت اوضاع عدم الاستقرار الداخلي في الفترات الماضية لتحقيق اهدافا ستراتيجية على حساب العراق تعتبرها هي جزءا من امنها القومي ، فهي تحارب العراق على اكثر من صعيد فالمياه وسد اليسو وايواء الهاربين والارهابيين واختراق الحدود والاعتداءات والتواجد العسكري وبالذات في الشمال وتدخل سلبي في كركوك يهدد الاستقرار في المدينة المتعددة الاثنيات... كلها اوراق لعبت بها تركيا طوال السنين الماضية دون رد او تحرك من كل الحكومات السابقة. اما آن الاوان لردع التدخلات التركية والزامها بقواعد حسن الجوار وفقا للقانون الدولي؟ والزام كافة دول جوار العراق باحترام سيادته.
مما لا يقبل الشك ان للعراق اوراقا اقتصادية للضغط على تركيا لإيقاف تدخلاتها بحجة محاربة حزب العمال الكردستاني تارة او حماية الاقليات التركمانية والمصالح القومية تارة اخرى ... ومن هذه الاوراق: الضغوط الاقتصادية اولا؛ مثل غلق الحدود البرية وايقاف تدفق البضائع التركية التي تغرق السوق المحلية وايقاف كافة التعاملات المالية. وثانيا؛ الضغوط الدبلوماسية من قبيل تحريك شكوى في مجلس الامن او استدعاء السفير للتشاور. وضغوط ستراتيجية ثالثا؛ مثل قطع تصدير النفط العراقي الى ميناء جيهان التركي وتحويله عبر الخط الستراتيجي الى ميناء الفاو بالبصرة.
في المقابل على الحكومة المركزية اتخاذ اجراءات داخلية سريعة لمنع وقوع مثل هذه الخروقات مستقبلا ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
1. منع كافة الاحزاب المسلحة المعارضة لدول الجوار وبالذات حزب العمال الكردستاني المعارض لتركيا وحزب الحياة الكردي المعارض لايران من التواجد داخل العراق ، وايقاف كافة اعمالهم المسلحة المناوئة لمبادئ حسن الجوار ولإسقاط ذريعة الخروقات والتدخلات الخارجية.
2. الغاء كافة الاتفاقات التي تتيح للقوات التركية ملاحقة الاكراد داخل الاراضي العراقية والتي ابرمها النظام السابق.
3. حصر حماية الحدود مع كافة دول الجوار بالقوات المركزية وبالذات في شمال وشمال شرق العراق (اقليم كردستان) ، بالتنسيق مع البيشمركة التي تخلت عن واجبها في امرين:
- تخليها عن حماية الحدود والوقوف بوجه الخروقات من تركيا وايران.
- تغاضيها عن نشاط الجماعات المسلحة والسماح لها باستفزاز دول الجوار بالأعمال المسلحة وحرب العصابات.
كل هذه اوراق قانونية واقتصادية وسيادية يمكن ان يرافقها مراجعة التمثيل الدبلوماسي بين البلدين وهو افضل رد على الرئيس اردوغان الذي ساوى في خطابه الاخير بين الموصل وكركوك وحلب وادلب ومصراتة ، فالعراق ليس سوريا او ليبيا وان وحدة اراضيه بذلت في سبيلها الكثير من الدماء ، ولن يكون العراق وجبة دسمة لأي مخلب يريد به او بشعبه شرا.
أقرأ ايضاً
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الثاني
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الاول
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر