- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الكاظمي .. ربما يكون اللاعب معهم في شوطهم الاخير !
بقلم: بركات علي حمودي
كثيرة هي المدارس والدوريات الكروية التي يعرفها العراقيون جيداً ويحبون اثنين على الاقل منها الا وهي ( المدرستين والدوريين الانكليزي والاسباني ) لما فيهما من اثارة و تشويق واداء هجومي مما يثير اعجاب العراقيين.
غير ان العراقيون لا يميلون للدوري (الايطالي) لما فيه من اداء دفاعي لا يروق للعراقيين .. فالعراقيون بطبيعتهم ميّالون لمصطلح (الهجوم خير وسيلة للدفاع).
ولهذا دائماً ما نرى ان الاعجاب بريال مدريد وبرشلونة ومانشستر وليفربول، ولا نجد الا نادراً مشجعين او معجبين بـ"انتر ميلان ونابولي" بالرغم من عراقة الكرة الايطالية !
وهذا ما يقودني للاداء السياسي العراقي والذي هو مثار جدل العراقيين لما فيه من مشاكل ومصلحة آنيه ومستقبلية للشعب العراقي، وما يريده العراقيون من رئيس حكومة ما بعد حكومات 2003 التي لا يشبه اداءها الرياضي (السياسي) اداء اسوأ دوريات الدرجة الرابعة في البلدان النامية وقد لا نقارنه بدوريات الفرق الشعبية على الملاعب الترابية !
نعم .. فالعراقيون يريدونَ اداءاً لرئيس الحكومة الحالي شبيهاً باداء مدربي فرق الدوريات الاسبانية والانكليزية، لا بل انهم طامحون ان لا يكون اداءاً شبيهاً كمدربي الدوري الايطالي المُفعم بالاداء (الدفاعي) البارد المعتمد على التكتيك المتأني البعيد عن الهجمات المتتالية المثيرة والاهداف الكثيرة في اسبانيا وانكلترا.
( الكاظمي ) ان لم يكُن كسابقيهِ من رؤساء الوزراء الذين هم كمدربي الاندية الشعبية واندية الدرجة الرابعة (و تلك كارثةً ان كان مثلهم) و ان لم يكن كذلك .. فأنهُ من المؤكد من طراز مدربي (الدوري الايطالي) يعتمد على اللعب البارد والتكتيك البطيء والتراتبية البطيئة في الاصلاح.
الكثير من العراقيين مُستعجلين على حسم الامر وانهاء الفساد الان و ليس بعد قليل، وانهاء سطوة الاحزاب و السلاح المُنفلت، والكثير منهم كان ينتظر بعد اعلان الكاظمي رئيساً للوزراء او سلفه الذي رُفض (عدنان الزرفي) الكثير كان ينتظر ان يجيء بفلان وفلان من الفاسدين وكذلك العديد من قتلة المتظاهرين الى قاعة المحكمة، والكثير كان يعتقد ان السلاح المنفلت ستجمعه الدولة بين ليلة وضُحاها وان مقار الاحزاب المسلحة ستُغلق معها.
هذه كلها احلام (مشروعة) ومن الضروري ان تحدث لكن ليس بهذه السرعة التي يتوقعها البعض، فالكاظمي ليس نتاج (انقلاب عسكري او رئيساً للجمهورية كاردوغان مثلاً).
الكاظمي نتاج توافق حزبي جيء به على مضض وكأنهم ( تجرعوا السم الزُعاف ) بالمجيء به بعد ثورة شعبية احدثت زلزالاً عنيفاً في الساحة السياسية .. زلزالاً اجبر الاحزاب على الرضوخ للشعب والاتيان بشخصية نستطيع ان نقول انها كانت بمعزل عن (جميعهم) واستطيع ان اقول اكثر ودون تردد انه الاقرب (لساحات التظاهر) ولو (بمصلحة له على الاقل) كي يستطيع الضغط بالجماهير على الاحزاب للاستمرار باصلاحاته المزعومة.
العراقيون غير ملومين لاستعجالهم وغير مستعدين لاعطاء فرص اخرى لرؤساء حكوماتهم المتعاقبة كما اعطوا مثلاً لذلك الرئيس الذي اراد (100) يوم مُهلةً من الشعب كي يُصلح فما كان منه الا ان (اعطى الموصل لداعش بسبب سياساته) !
الكاظمي الان ليست بيده حيله غير اللعب مع الذئاب حتى ترويضهم، ان كان جاداً بالاصلاح .. ولستُ متاكداً طبعاً بنواياه نحو الاصلاح، فالله وحده يعلم بسرائر الانفس .. لكن كل البراهين تؤكد ان الرجل ماضٍ بهذا الطريق حتى تحقيق ما يصبوا اليه من وضع القطار على السكة الصحيحة، واعتماده بذلك اولاً على الاصلاح الاقتصادي الذي لو صلح فعلاً فان باقي الاصلاحات السياسية والامنية التي هي اصعب ستكون أسهل، لان نجاح اي بلد سياسياً وامنياً لا يكتمل دون وجود اقتصاد صحيح.
في الاقتصاد امام الكاظمي مشكلة تقليل الانفاق والتي ابتدأها (كُفراً) حينما حاول الاستقطاع من رواتب المتقاعدين قبل ان يعود ويتراجع (رغم اني مع تخفيض الرواتب وتقليل عديد الموظفين) لكن طبعاً لستُ مع تقليل رواتب المتقاعدين التي هي قوت لا يموت ..
ان اراد الكاظمي ان يعمل اقتصادياً .. فليتجه نحو اقفال بعض السفارات والقنصليات التي لاداعي لها والتي تستنزف ملايين الدولارات شهرياً وكذلك عدم السماح لعودة مجالس المحافظات، والتي يحاول احزابها اعادة الحياة لها من خلال القضاء بعد الغاء هذه المجالس نتيجة ضغط الشارع (الثوري).
كلنا يعلم ان المنافذ الحدودية وتهريب النفط وشركات الاتصال هي موارد مهدورة وكل ذي بصيرة يعرف ان الكاظمي يعطي رسائل مشفرة للشعب بأنه سيحين وقت انهاء مظاهر الفساد فيها .. بيد ان الرجل ربما ينتظر مساندة شعبية صعبة الان بوجود الوباء (بالرغم اني مثلاً واتحدث عن نفسي بتُ لا اعول على مساندة شعبية من شعب اكثره متحزب عقائدياً لشخص غير متحزب عقائدياً) !
فـ 17 عاماً من التوظيف الاعمى والرواتب بمسميات شتى وشعارات عقائدية ومذهبية كانت كفيلة ان يكون 50% من هذا الشعب تقريباً اكثر او اقل (متحزباً) بطريقة عقائدية ضد اي مشروع، بعيداً عن الطائفية (وما نراه في هذه الايام من تحشيدات الكترونية ربما ستكون قريباً في الشارع كمحاولة لاسقاط الكاظمي لاسباب شتى منها انه سيأتي بالبعث عبر قطع او تحجيم رواتب البعض) !
اذاً .. الكاظمي سيكون مُجبراً على اللعب بتكتيك بارد و لن يُرضي الكثير بذلك فادواته قليله وحيلته لا تتعدى المناورة (قانونياً) مع ذئاب الاحزاب التي معها الشرعية السياسية (شئنا ام ابينا) والتي اكتسبتها بانتخابات مزورة.
اما نحن كتشرينيون فيجب علينا ان نلملم شتات افكارنا واهوائنا كي نوحدها في تيار سياسي جديد لندخل انتخابات صحيحة يُحضّر لها الكاظمي الارضية السياسية الصحيحة البعيدة عن السلاح ومال الفساد الحزبي .. و النظر لادائه السياسي ولعبه مع الذئاب .. فهل سيكون الكاظمي مدرباً (للفرق الشعبية) ام مدرباً مرموقاً (للفرق الايطالية) ؟
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً