- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
جورج فلويد، والإمبريالية الأمريكية، وعقولنا الصدئة، و مساميرنا المُستدامة
بقلم: د. عماد عبد اللطيف سالم
كثيرون من بيننا يكتبون ، وكثيرون يتحدّثون ، وكثيرون "يُفكّرون" .. أنّ مقتل "رفيقنا" ، وصديقنا ، وشقيقنا "الأسمر" العزيز جورج فلويد ، على يد شرطي "أبيض" في مدينة مينيابوليس/ولاية مينيسوتا ، سيكونُ آخرَ مسمارٍ يتمُّ دقّهُ وتثبيته في "نعش" الإمبريالية الأمريكية ، والنظام الرأسمالي العالمي !!.
العالمُ مايزالُ يتذكّر ثلاثة مسامير من هذا النوع ، وهي "حديثة" تاريخياً ، ولم تصدأ بعد ، تمّ تصنيعها في هذه المدينة ذاتها(مينيابوليس) ، لم يخدش أحدها "خشب" الإمبريالية الأمريكيّة ، ناهيك عن المساهمة الفاعلة في صناعة تابوتها.
ففي عام 2015 تم قتل جامار كلارك . وفي عام 2016 قُتِلَ فيلاندو كاستيل . وفي عام 2017 قُتِلَت جوستين داموند .. وجميعهم قُتِلوا بإطلاق النار عليهم من قبل أفراد في شرطة مينيابوليس.
وفي قضايا القتل الثلاث هذه ، تمت تبرئة أحد عناصر الشرطة "القاتلة" ، وحُكِمَ على الآخر بالسجن لمدة 12.5 عام ، بينما لم تُوَجّه أيّ إتّهامات في القضية الثالثة.
وفي جميع حوادث القتل هذه ، تناثرت "المسامير" قبل وصولها إلى صانع "التوابيت" ، الذي يسكن ويعمل ، فقط ، في عقولنا ، ويعتاشُ على نمط تفكيرنا البائس، وسذاجتنا المُطلقة.
أمّا "أنا" ، فأتذَكَّرُ شخصياً (بحكم كوني طاعِنٌ في السِنّ) ، الكثيرَ من هذه "المسامير" التي "زنجَرَتْ" في ذاكرتي ، وشاركَتْ في "نجارة" الكثير من "التوابيت" ، التي كانت في معظمها "توابيتنا" ، والتي لم يكن من بينها يوماً ، لا نعش "الإمبرياليّة أعلى مراحل الرأسماليّة" ، ولا نعش النظام الرأسمالي العالمي .. بل ولن يكون من بينها، ولو "تابوتٌ" واحد ، لدونالد ترامب ، رئيس الولايات المتحدّة الأمريكيّة.
في "الإحتجاجات" العراقيّة الأخيرة تمّ قتل أكثر من 600 "مُحتَجّ" ، و جرح وإعاقة آلافٍ غيرهم ، دونَ أن نعرفَ من قام بكلّ ذلك ، ودونَ أن يَدُقّ ذلكَ "مسماراً" واحداً في "نعش" النظام العراقي الديموقرطي - التوافقي - المكوّناتي - التعدّدي - الإتّحادي .. ولا في "قصر"، أو "حصانة" ، أو امتيازات أيّ مسؤولٍ عن تلك المجزرة (ناهيكَ عن تابوته) .. ومع ذلك يأتيكَ من بين العراقيّين من يعتقِد (بل ويؤمِن) ، بأنّ مقتل شخصٍ واحد إسمهُ جورج فلويد ، في مدينة إسمها مينيوبوليس ، وفي ولاية إسمها مينوسوتا .. سيُنهي هيمنة الإمبرياليّة الأمريكيّة على العالم ، و سيدقُّ المسمار الأخير في نعش النظام الرأسمالي العالمي ، وسيغلقُ غطاء التابوت بإحكام ، على الرئيس دونالد ترامب.