- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الغيرة من براءة الطفل إلى توجسات المرأة
بقلم: حسن كاظم الفتال
الغيرة يصنفها بعض المختصين بأنها من المشاعر الفطرية أو حالة أو سمة ذاتية أو أنها تنسب لفصيلة الطباع التي يتعذر أحيانا على الفرد التخلص منها . ولا ريب في أن يشترك الكثير من البشر بهذا التطبع دون أن تقتصر على جنس أو عمر معينين فمثلما فيها للصغار حصة فللكبار أيضا حصة .ويعدها العلماء بأنها حالة إنفعالية يشعر بها الفرد إنما يسعى بعضنا للتنكر لها أو إخفائها ورغم ذلك فإنها تبرز من خلال سلوكيات الفرد وتصرفاته مع الآخرين .
ويحسبها البعض بأنها مسألة طبيعية أو من جملة المشاعر الطبيعية لدى الإنسان إنما تضاعفها حالة حب التملك سواء حب النفس أو حب الآخرين والأشياء ويعرفها البعض بأنها مزيج من الإحساس بالفشل والانفعال والغضب .
وحين يود بعضنا أن يجمل صورتها يعرفها أنها حافز على المنافسة للوصول إلى مراتب التفوق .
ورغم أن هنالك ثمة اقتران بين صفة الحسد وصفة الغيرة لكن وأن اجتمعتا ربما يتسنى لنا الفصل بينهما فربَّ غيرة دون حسد .
وبما أن مؤديات الغيرة كثيرة إنما في مقدمتها الشعور بالضعف وفقدان الثقة فضلا عن الإفراط والمبالغة بالتمنيات والرغبة الجامحة في تحقيق مطامح كثيرة لذا فإن الغيرة تتولد من خلال نظرة الفرد إلى أفراد آخرين يبدو تفوقهم وسمو مراتبهم واضحا كل الوضوح مما يدعو للرغبة في إنزالهم لما هو عليه أو مساواتهم .
والغيرة هي التي تفتح أوسع أبواب الحسد على مصاريعها. وتبدو من اقبح القبائح عندما تتمحور في الرجاء بإزالة النعم من الآخرين .
وبما أنها شعور ذاتي . فوجودها لدى الكبار لا يختلف عما هو لدى الصغار وكذلك بين الذكور والإناث إنما الإختلاف يكون بتباين درجات الإحساس والتحسس وتفاوت الخطوط البيانية فيها وربما تتساوى أحيانا بين الكبار والصغار .
ورغم أن الغيرة مكنون تواجدها في الذات لكن يمكن إكتشافها من خلال السلوكيات أو التصرفات والممارسات الواضحة لدى بعض الأفراد ويظهر تواجدها في النفس من خلال ما تفرز من إنعكاسات أو آثار وربما يسهل علينا اكتشافها لدى الأطفال بشكل أسرع من الكبار حيث وجود البراءة.
إذ أن الطفل يظهرها أحيانا من خلال التصرفات أو السلوك العدواني والأنانية والنقد أحيانا أو الرفض لأي أمر والثورة والإنتفاضة على بعض الأشياء خصوصا حين يتسم بالسلوك الإنطوائي أو ربما الشعور بالنقص أو ما يشابهه كما هو معروف.
فتارة تكتشف الغيرة من خلال التصنع في التعامل فنجد الطفل الأكبر يتصنع بإظهار حركات تظهر غير ما يخفي في سره للطفل الأصغر الذي يتصور بأنه سيحتل مكانه ويختزل كل عطف وحنان من أبويه ويحرم هو من ذلك العطف والحنان .وهذا ما يشير إلى مفهوم حب التملك .
ويشير الكثير من المختصين إلى أن هاجس الغيرة يزيد سيطرته وهيمنته على النساء أكثر بكثير من الأشخاص الآخرين حيث أن المرأة تفيض في ذاتها المشاعر والأحاسيس رقيقة كانت أم غير ذلك .
وتترسخ في المرأة سمة حب التملك لذا فليس من السهل أن تتخلى عما تملكه بسهولة ولعل ذلك مسألة طبيعية جدا ولم تكن سبة أو مثلبة تسجل دائما ضد المرأة فالملكات الإنسانية التي تكمن في ذات المرأة هي التي يتجلى فيها هاجس الغيرة فكلما توهج شعور المرأة بالخوف من فقدان الأشياء تجلت مراتب الغيرة في مكامنها وغالبا ما يكون هاجس الخوف على الزوج أو الحبيب أو الأولاد مؤدى للغيرة .
فحين يكون أي من هؤلاء وفي مقدمتهم الزوج أعز وأثمن ما تمتلك فإن الغاية تبرر لها الوسيلة في الحفاظ على ما تملك وذلك ما يوفر لها المشروعية والأحقية في تمكينها للدفاع بكل ما أوتيت به من قوة ولعل ذلك يزين لها فكرة وصورة الغيرة ويحسنها كصفة ملازمة لها .
حتى حين لا تكون من المبررات المقبولة ولم تكن مقنعة للآخرين.
أقرأ ايضاً
- مكانة المرأة في التشريع الإسلامي (إرث المرأة أنموذجاً)
- الدعوة إلى تجديد الخطاب في المنبر الحسيني.. بين المصداقية ومحاولة تفريغ المحتوى
- لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ ..اصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة