سامي جواد كاظم
سلاطين السياسة وسلاطين الدين والسلطان ليس بالضرورة هو السيء بل فيهم الصالح ولكن عندما تختلط مفاهيم الدين بمفاهيم سياسة العصر وليس الماضي فانها تنتج خلطة عجيبة كالزئبق لا يمكن مسكها والمادة الاولية للزئبق هي اللغة والدين .
اللغة اليوم تختلف عن الامس من حيث مفرداتها ومنها على سبيل المثال سابقا يقال عن الكلمات هنالك من اتحد مبناه واختلف معناه اي ان حروف الكلمة نفسها يتغير معناها باستخدام الحركات مثل (مَلِكْ) تعني منصب الملوكية و( مَلَكَ) فعل ماضي يعني استحوذ او اصبح مالك لشيء، فالحروف نفسها ولكن الحركات اختلفت ، وهنا اضيف لها قاعدة جديدة وهي اتحد مبناه واختلف نطقه ـ ويقال عنها في البلاغة مدح بقصد الذم او ذم بقصد المدح ولكن اسلوب نطقها يؤثر على معناها فالكلمة تقال بمحبة ونفسها تقال باستهزاء واستصغار .
المشكلة في اللغة العربية انها مرنة وسهولة الهروب من ادانتها وكم من سياسي يقول كلمة غامضة تاخذ اكثر من وجه في المعنى بحيث يجعلها في سوق الاعلام ليعلم اي معنى سيتبادر الى ذهن المتلقي ؟
والدين هو الاخر الذي له قدسية ومكانة محصنة لدى نفوس الناس ولان الدين يعلمنا التسامح والايثار وعدم سوء الظن لذا استخدم الدجالون هذه الصفات ليدخلوا هذا المجال ويستغفلوا البسطاء بل يصبح البسطاء جنود دجلهم وهيهات لمن يوخزهم كي ينبههم .
ومما زاد في ضبابية ووحولة الوضع هو دجل السياسي وتشبثه بالدين وحماقة من تلبس بلباس الدين واقتحم السياسة ، والمعيار لتقييم الطرفين غير سليم فالسياسي يتم شتمه بينما رجل الدين يتم شتم الدين وكل من يعمل في مجال الدين .
شواهدنا كثيرة على واقعنا العربي عموما والعراقي خصوصا كم من تصريح لمسؤول تبين انه كذب والذي يثبت عليه يستغل المرونة في اللغة العربية ليفلت من تبعيات تصريحه ، وهنالك من ارتدى الزي الديني وجعل نفسه مفتي المنصب الذي هو فيه فتصدر منه الكلمات شططا باسم الدين ، ولا يستبعد الاتفاق بين السياسي ورجل الدين في المصالح الشخصية الضيقة ودفاع احدهم عن الاخر عند السقوط فالسياسي يتلاعب بالقرارات السياسية والديني يتلاعب بالمشاعر الدينية
ولكن هذا لا يعني ان الدين عاجز عن ادارة الدولة بل ان الدين هو العقل السليم للادارة السليمة وفق مفاهيم سياسية خالية من النفاق والكذب ، ولان رجال سياسة اليوم لا يفقهون في الدين فتجدهم يستحدثون مصطلحات لغوية ينعتون بها الدين مثلا الاسلام السياسي او التشيع السياسي او شيعة السلطة وكلها مفاهيم غايتها التسقيط .
التنكلوجيا الاعلامية جعلت من اللغة والدين مادة اساسية للتلاعب بمصير من تشاء، حاكم، رجل دين، مفهوم سياسي، حكم شرعي، مذهب، طائفة، قومية، وهكذا ، يضاف له الاعلام الشعبي وهو اعلام التويتر والفيسبوك الذي اصبح متاحا لمن هب ودب ولمختلف الثقافات فزاد من قوة نظرية تشتت المفاهيم ، وعندما يسقط المتهم السياسي في قبضة العدالة تبرأ ساحته ليتهم الدين بدلا عنه .
رجل الدين ليس معصوما ولكن خطاه اخطر من خطا السياسي لان السياسي قضيته دنيوية يمكن تلافيها بكذبة ولكن خطا رجل الدين نتيجته تسقيط الدين وكل من يشتغل بالدين وباجندة سياسية تتربص بالدين لان الدين يتقاطع مع اكاذيبهم، لذا فالحذر كل الحذر عند اقتحام المجال السياسي المحفوف بمصطلحات الغش والخداع والمراوغة والشخصنة .
استشهاد
عندنا احضر مؤمن ال فرعون ليتهموه امام فرعون بانه يؤمن برب غير فرعون فقال لجماعة فرعون من ربكم فقالوا فرعون فقال انا بريء ممن لا يؤمن بربكم .
واخر اتُهم امام خليفة اموي بانه يسب ابا بكر فقال لهم اليس ابا بكر احد الخلفاء الراشدين فقالوا نعم فقال انا بريء ممن يسب احد الخلفاء الراشدين