بقلم: حسن رفعت الموسوي
بعد اشهر من الانتظار وبولادة قيصرية أستطاع البرلمان منح حكومة الكاظمي الثقة، وبذات سيناريو الحكومة السابقة التي تبراء منها الجميع لاحقاً.
وصل الكاظمي في ظرف: الاموال لا يعلم مصيرها، وظهرت جائحة كورونا وتدنت اسعار موردنا الأول وهو وضع مثالي لجبهة المعارضة خصوصاً ان المقابل لا يمتلك منهج عمل واضح لتطبيقه على ارض الواقع وبالتالي هي حكومة هشه.
وفي ضوء هذه الصورة غير المشوهة وآلالية التي تشكلت بها الحكومة أعلنت دولة القانون بصراحة عدم مشاركتها بهذه الحكومة اعتراضاً على النهج المتبع من قبل الكاظمي وآلية اختيار الوزراء فقرروا التوجه نحو المعارضة بعيداً عن العنترية وتحشيد الشعب كوقود لفكرتهم والزج بهم بالصراع.
المعارضة ممكن تعريفها؛ انها جماعة او مجموعة افراد يختلفون مع الحكومة على اساس ثابت وطويل، وينطبق المصطلح بشكل اكثر تحديداً على الأحزاب في الأنظمة الديمقراطية داخل البرلمان التي تختلف مع الحكومةِ وترغب بالوصول الى السلطة بطرق سلمية.
عديد من الدول العربية حرمت المعارضة بكافة أشكالها وعملت على قمعها مثل: السعودية وليبيا سابقا، بينما دولاً اخرى مثل الجزائر شرعت المعارضة البرلمانية واطرتها دستورياً، اما الـعـراق فقد ظل العمل البرلماني عقيماً منذ عدة حكومات تشكلت. أسباب كثيره منها المحاصصة وحداثة التجربة لدينا بعد حقبة حكم الدكتاتور البعثي.
الخلل ليس بالنصوص القانونية كنقص تشريعي وإنما بتطبيق مفهوم المعارضة داخل قبة البرلمان. ان المعارضة النيابية واحدة من سمات الديمقراطية في أي نظام يتخذ من الديمقراطية مساراً وقراراً له، وإن النظام السياسي في العراق وشكل الحكم فيه نيابي وديمقراطي اتحادي على وفق ما جاء في ديباجة الدستور النافذ ثم أكدته المادة الأولى من الدستور، وهذا الأمر الذي حدد شكل نظام الحكم في العراق على أساس الديمقراطية، وقد بين شرعية المعارضة اذ لابد من توفرها نيابياً لأن الديمقراطية تستوجب وجود آراء حرة ومن المستبعد أن تتفق هذه الآراء إلى حد المطابقة كما لا يمكن للقوى المشاركة فيه أن تكون على خط أفق واحد ولابد أن تختلف في مشاربها ومصارفها مما يولد الاختلاف في الرأي والطرح والمعالجة فيظهر التعارض بين من يتولى تشكيل الحكومة وبين من يكون خارجها.
الدستور النافذ في طياته بالمادة (76) نص على تكليف مرشح الكتلة النيابية التي أصبحت مقاعدها النيابية في الجلسة الأولى لمجلس النواب أكثر عدداً من الكتلة أو الكتل الأخرى، ومن هذه اللحظة يتضح شكل المعارضة لأن من لم يكن من بين الكتلة النيابية الأكبر سيكون خارجها ويبقى دوره في مراقبتها ومعارضتها.
علاوة على ذلك المحكمة الاتحادية العليا وبحكم مهامها الدستورية في تفسير نصوص الدستور أوضحت بان مفهوم المعارضة يتمثل بالأعضاء غير المنضوين تحت لواء الكتلة النيابية الأكبر التي تولت تشكيل الحكومة وإنها أجازت لهؤلاء أن يشكلوا كتلة نيابية معارضة لها في منهاجها العملي وترسل أسماء هؤلاء الأعضاء إلى رئاسة مجلس النواب وإن ذلك القرار التفسيري لم يحدد شكلية معينة وإنما فقط أوصى بإشعار رئاسة المجلس وتعتبر الكتلة قد تشكلت اعتباراً من وصول الإشعار إلى رئاسة المجلس.
ان الدستور النافذ لا نجد في طياته إشارة واضحة على المعارضة الا اننا نستطيع الاستفادة من الوسائل التي منحها الدستور لمجلس النواب وذلك في المادة (61) منه والذي يحمل في طياته "حق الرقابة على اداء السلطة التنفيذية و مسالة رئيس الوزراء وتوجيه سؤال الى رئيس الوزراء او احد الوزراء والاستجواب وسحب الثقة" وكذلك نصوص بالنظام الداخلي للمجلس ترسم آلية عمل النائب بمواجهة الحكومة.
الديمقراطية في العراق ولدت شوهاء وعرجاء ولن تستقيم وتقف على قدمها ما لم نقضي على فكرة الحكم الشمولي المؤثر المهيمن على الثقافة العراقية السائدة.
آن الاوان للاتجاه نحو المعارضة البرلمانية الفعالة التي تقوم على تقويم الاداء وتفعل آليات الرقابة على السلطة التنفيذية من خلال تأشير الخلل في مشاريع القوانين المقدمة من قبل الحكومة او عمل الوزراء او اعتراضها على إهمال تنفيذ فقرات البرنامج الحكومي التي صوت عليه البرلمان. المعارضة لحكومة الكاظمي تمثل صحوة متأخرة قد تنجح في دفع عجلة العمل البرلماني الى الامام من قبل دولة القانون.
أقرأ ايضاً
- خارطة طريق السيد السيستاني
- خارطة طريق السيد السيستاني
- لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ ..اصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة