حجم النص
يبدو أن التشاؤم قد عاد وحل محل التفاؤل الذي رافق تكليف مصطفى الكاظمي بتشكيل الحكومة المقبلة، اذ أبدى سياسيون مخاوف من تكرار شبح الإخفاق الذي رافق تكليف "علاوي" و "الزرفي" والعودة بالبلاد إلى المربع الأول، وبينما رجحت مصادر برلمانية أن المكلف سيقدم كابينته الحكومية الى مجلس النواب للتصويت عليها خلال الأيام القليلة المقبلة؛ كشف نواب عن خلافات جدية بين الكتل السياسية ورئيس الحكومة المكلف بشأن الحقائب الوزارية، كما أعلنت كتل سحب تأييدها للكاظمي الذي أعلنت عنه يوم تكليفه في التاسع من نيسان الحالي.
وقال النائب عن ائتلاف دولة القانون كاطع الركابي، إن "المفاوضات وجلسات الحوار لم تنقطع منذ اليوم الأول لإعلان التكليف، ولكن حتى الآن لم تخرج المفاوضات بنتيجة، حيث تبدأ وتنتهي في نفس النقطة".
وأضاف، ان "رئيس الوزراء المكلف لم يتعامل مع المكونات بالشكل الصحيح، فكان طابع الازدواجية هو الطاغي، وهناك بعض المكونات تعطى الحرية في اختيار ممثليها في الوزارات وتختار ما تريد من الوزارات، وفي المقابل هناك ضغوط على بعض كتل المكونات بعدم السماح لها بإبداء رأيها أو المطالبة باستحقاقها"، وفقاً للصباح.
تكرار سيناريو
وأعرب الركابي عن خشيته "من تكرار نفس سيناريوهات تشكيل الحكومات السابقة لمحمد علاوي وعدنان الزرفي، لذلك على رئيس الوزراء المكلف أن يغير منهجه خلال العشرة أيام المقبلة، والا فإن التكليف لن يمضي ولن تمر الكابينة الوزارية".
وبين ان "ما مر به الشعب العراقي من محن اقتصادية وأمنية واجتماعية وصحية؛ يجب أن يكون دعوة سواء كانت لرؤساء الكتل السياسية أو المكونات أن يلتفتوا للشعب العراقي الذي قدم الكثير من الدماء ولكنها لم تحصل على النتيجة التي يجب أن تضاهي هذه التضحيات"، موضحاً ان "بعض الكتل السياسية مع دعمها للتكليف وتواجدها أثناءه؛ لكنها تضمر الكثير من الأمور وتتعامل مع المكلف في الظاهر بشكل داعم ولكن في الواقع هي من تضع العصي في دولاب تشكيل الكابينة الوزارية".
وأضاف الركابي، ان "الازدواجية طابع متبادل بين الكتل والمكونات ورئيس الوزراء المكلف، لذلك يجب أن تتفق المكونات والكتل على صيغ معينة وتنهي التكالب على الكراسي والوزارات، لأننا بذلك لن نمضي بتشكيل حكومة وستبقى الامور كما هي عليه"، مبينا ان "المرحلة تتطلب شخصيات تشعر بما يعاني منه الشعب العراقي وحجم التضحيات والدماء التي قدمها للوطن".
أسماء واتفاق
رئيس كتلة بدر النيابية حسن شاكر الكعبي، قال في حديث صحفي: انه "وخلال بداية تكليف الكاظمي كان الاتفاق على أن تكون هناك عدالة كالمسطرة في التعامل بحوارات تشكيل الحكومة مع جميع المكونات والكتل السياسية"، مبيناً أنه "وبعد خروج تسريبات عن الأسماء التي يعتزم الكاظمي تقديمها فقد وجدنا أنها تختلف عما تم الاتفاق به معه، حيث وجدنا أن بعض الأطراف قد رشحت أسماء محددة وتابعة لها فيما كانت أطراف أخرى بعيدة عن أي تقديم للأسماء".
وأضاف، أن "بعض الأسماء التي قدمت كان عليها جدل والبعض منها لم تعمل من أجل العراق بل من أجل مكون معين، كما أن بعض الأسماء المرشحة عليها إشكاليات عديدة، كما أن بعض الأسماء رغم أنها تسلمت بعض المناصب لكنها لا ترتقي إلى مستوى تسنم حقيبة وزارية في هذه الظروف الحرجة والملفات الشائكة التي تواجه البلد"، متابعاً أن "القوى الشيعية أعطت مرونة للكاظمي في اختيار مرشحي كابينته، لكنه كان بالضرورة أن يخرج بكابينة عادلة وأن يعطي استحقاق الجميع فلا نقبل تهميش المكون الشيعي كما لا نرضى تهميش أي مكون عراقي أصيل".
ومضى الكعبي إلى القول إن "الأزمات متعددة، ونحن بحاجة إلى كابينة وزارية قادرة على إدارة تلك الأزمات بشكل احترافي ومهني، وأن تكون منسجمة مع مطالب المرجعية والمتظاهرين السلميين وأن تكون حكومة تنقذ العراق من وضعه المتردي وليس العكس".
اجتماع خاص
بدوره، أفاد النائب عن كتلة السند الوطني، فالح الخزعلي، بان "الاجتماع الذي جمع رؤساء وممثلي القوى الشيعية بالمكلف مصطفى الكاظمي تناول موضوعين، الأول النقاش بشأن التشكيلة الوزارية وإمكانية تغيير الأسماء التي يتم تداولها في الأروقة السياسية والإعلامية واستبدالها بشخصيات جديدة، والثاني البرنامج الحكومي ومحدداته".
وأضاف، أن "أسباب تحفظ الكتل الشيعية على الأسماء المقترحة من قبل الكاظمي للكابينة الوزارية تعود إلى تمسك القوى السنّية والكردية باستحقاقاتها الانتخابية، وبالتالي أما أن يكون الاختيار بشكل متساوٍ على جميع الكتل والمكونات أو أن يكون التوزيع حسب استحقاقات كل كتلة ومكون".
وأكد، "عدم وجود أي اتفاق على جميع الاسماء المقترحة للكابينة الوزارية، وكذلك لا يوجد اتفاق على تغيير الجميع"، لافتاً إلى أن "الساعات القليلة المقبلة ستكون حاسمة لتغيير كلي أو جزئي للأسماء المقترحة".
وتوقع الخزعلي، أن "يتم تغيير أسماء الكابينة الوزارية بشكل شامل، باستثناء اسم واحد أو اسمين، أو تغيير كلي من دون استثناء اسم من الأسماء المقدمة"، مؤكداً أن "السياسة لا يوجد فيها ثابت بل المتغيرات تحدث وتحصل في لحظات".
أحاديث برلمانية
من جانبه، قال النائب عن تحالف الفتح فاضل جابر: إن "بعض الكتل تبحث عن مكاسبها في الكابينة الوزارية التي سيقدمها مصطفى الكاظمي، حيث تطالب بعض الكتل بالحصول على مناصب في التشكيلة الوزارية"، وأضاف ان "الكابينة الوزارية لم تكتمل ولم ينشر لها شيء رسمي الى يومنا هذا، اذ إن بعض القوائم المنشورة غير صحيحة ولم يتم الاعلان رسمياً عن التشكيلة الوزارية التي سيقدمها الكاظمي".
النائب الثاني لرئيس مجلس النواب بشير حداد، كشف عن آلية التصويت على كابينة المكلف مصطفى الكاظمي في مجلس النواب.
وقال حداد في تصريح صحافي: إن "المكلف كان من المقرر أن يعرض كابينته قبل شهر رمضان؛ لكن بعض الأطراف السياسية سحبت تأييدها للكاظمي"، مؤكداً أن "مباحثات تشكيل الكابينة الوزارية جارية ولم تصل لغاية الآن إلى نتيجة".
وتوقع حداد "عقد جلسة منح الثقة في النصف الأول من شهر رمضان أو قبل المدة الدستورية إذا ما كان مصير الكابينة كسابقتها"، ولفت إلى أن "عقد جلسة منح الثقة ليس شرطاً أن يكون فيها التصويت إلكترونيا"، موضحاً أن "هنالك قاعة كبيرة في البرلمان يمكن من خلالها وضع مسافات بين النواب والمضي بعقد الجلسة".
في السياق نفسه، قال رئيس كتلة الرافدين النيابية يونادم كنا: إن "هنالك بعض الكتل السياسية حصلت على ما تبتغيه، أما البعض الآخر فيشعر بالغبن"، مشدداً على "أهمية أن يتعامل الكاظمي مع الجميع بالتساوي لتمرير حكومته".
أما رئيس كتلة وطن النيابية هشام السهيل، فأكد ان كتلته تقف داعمة لرئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي بتشكيل حكومة قوية بلا تدخلات وضغوطات سياسية تضعفها، وأضاف، ان "ما يدور حالياً في الأروقة السياسية من وجود ضغوطات على المكلف لتشكيل حكومة جديدة، ستضعفها وتضعها تحت رحمة بعض الكتل السياسية".
من جانبه، أكد النائب عن كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني شيروان ميرزا، أنه لا وجود لرغبة عند الكرد في تغيير وزاراتهم، وقال: إن "الكرد حصتهم ثلاث وزارات ولا وجود لنية في تغييرها"، مبيناً أن "الكتل الكردية ليست لديها أية خلافات بشأن بقاء أو تغيير وزرائها السابقين".
وأضاف، "نحن بانتظار إعلان الكاظمي برنامجه الحكومي والبدء بحوار مباشر مع الكتل الكردية"، داعياً إلى "تشكيل الحكومة بأسرع وقت والابتعاد عن المناكفات السياسية وعدم الدخول بمشكلات جديدة بشأن المناصب".
رؤية قانونية
إلى ذلك، قال الخبير القانوني حسين الأسدي: إنه في حال "إخفاق" رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة مصطفى الكاظمي، فإن حق ترشيح رئيس وزراء جديد يبقى للكتلة الأكثر عدداً في البرلمان.
وقال الأسدي في بيان تلقت وكالة نون الخبرية، نسخة منه: " ان فشل المكلف بات محتملاً؛ أثير تساؤل مشروع وهو ماذا بعد ذلك؟ فهل أن الخيار في الترشيح يبقى بيد الكتلة الأكثر عدداً؟ وهل أن المكون سيبقى مستمراً بالمسؤولية عن ذلك؟ أم أن الحق سينتقل الى رئيس الجمهورية؟ فيكون حق التكليف والترشيح بيده، بالتأكيد أن احتمال حل مجلس النواب ليس من صلاحيات رئيس الجمهورية كما بينا سابقا".
وأوضح، أن "حق الترشيح يبقى للكتلة الأكثر عدداً، فقد جاءت المادة 76 من دستور جمهورية العراق النافذ لترسم طريقة ترشيح رئيس مجلس الوزراء، فكانت الفقرة الاولى من المادة أعلاه تنص (أولا: يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددا بتشكيل مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوما من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية)، وهي المرحلة الاولى من آلية الترشيح حيث ترشح الكتلة الاكثر عدداً رئيس مجلس الوزراء الى رئيس الجمهورية".
وأضاف الأسدي: "وجاءت الفقرة الخامسة من المادة 76(خامسا: يتولى رئيس الجمهورية تكليف مرشح آخر بتشكيل الوزارة خلال خمسة عشر يوما في حالة عدم نيل الوزارة الثقة) وهي المرحلة الثانية حيث قد أخفق رئيس مجلس الوزراء المكلف في تشكيل الوزارة وهنا يوجد فهمان للترشيح هما كالآتي:
الأول: أن رئيس الجمهورية يقوم بعملية الترشيح بغض النظر عن رأي الكتلة النيابية الأكثر عدداً بدلالة المادة 76 أولا حيث أن المشرع الدستوري لم يقيد الفقرة هنا كما فعل هناك ولذا فهي مطلقة بيد رئيس الجمهورية.
الثاني: اننا نعود مرة أخرى الى الكتلة الأكثر عدداً وهذا ما نعتقده حيث ان المادة 76 خامسا جاءت في سياق المادة 76 أولاً ولذا فهي تبقي الحق للكتلة الأكثر عدداً وهو من العهد السياقي.
وبين الأسدي، أن "الفقرة بذاتها أشارت الى حق الكتلة الأكثر عدداً في الترشيح فبينت أن رئيس الجمهورية يتولى تكليف مرشح آخر ولم تعطِ الحق له في الترشيح مع انه كل عملية ترشيح تحتاج الى جهة مرشحة وحيث انه لم ينص على جهة بعينها فيبقى الحق للجهة المنصوص عليها في الفقرة أولاً، وهو من إبقاء ما كان على ما كان ما لم ينص على تغييره بنص جديد، وهذا الحق يبقى حقاً للكتلة الأكثر عددا مهما طال الزمن أو تعدد عدد المكلفين وليس لأحد أن يسلبها هذا الحق، فلا يجتمع حق الترشيح والتكليف في جهة واحدة وإلا لبينها المشرع بوضوح".
واختتم الخبير القانوني حسين الأسدي بيانه بالقول: "التأكيد من الناحية السياسية يحق لمجلس النواب أن يدعو الى انتخابات مبكرة ويحل نفسه على هذا الأساس وهو أمر مختلف".
أقرأ ايضاً
- حققت (15) الف زيارة طبية: العتبة الحسينية تنفق اكثر من "ملياري" دينار على علاج الوافدين اللبنانيين(فيديو)
- السياسيون يتبارون بـ"التسريبات".. والحكومة تشكو "الاستهداف"
- المجلس الشيعي الاعلى في لبنان: السيد السيستاني الداعم الاقوى والاكبر للشعب اللبناني في هذه المرحلة المصيرية(فيديو)