- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
من الذاكرة الرمضانية الكربلائية.. الجزء الاول
حسن كاظم الفتال
بسم الله الرحمن الرحيم (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)ـ البقرة / 185 أهنئكم بأقدس التهاني وأجلها لمناسبة حلول شهر الخير والبركة شهر الله شهر رمضان المبارك ، شهر الطاعة والغفران والله أسال أن يتقبل طاعاتكم وصيامكم وقيامكم وأن تُدرجَ أسماؤكم في سجل الرابحين والفائزين بالزلفى لديه ويُعدَكم من الصائمين القائمين الذين يعطَوْن الأجر والثواب بما لا يعطى غيرهم وأحييكم بتحية الإسلام وأقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وعلى الخير والبركة . وأقول: ربما بات من المعتاد أن أي حديث عن شهر رمضان المبارك يبدأ باقتطاع جزء من خطبة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله التي استقبل بها شهر رمضان المبارك وخاطب الناس بها وقال صلى الله عليه وآله : أيّها الناسُ قد أقبلَ اليكم شهرُ اللهِ بالبركةِ والرّحمةِ والمغفرةِ، شهرٌ هو عندَ اللهِ أفضلُ الشّهورِ، وأيامُهُ أفضلُ الأيامِ، ولياليهِ أفضلُ اللّيالي، وساعاتُه أفضلُ الساعاتِ، وهو شهرٌ دعيتُم فيه إلى ضيافةِ اللهِ، وجعلتُم فيهِ من أهلِ كرامةِ اللهِ، أنفاسُكُم فيهِ تسبيحٌ، ونومُكم فيهِ عبادةٌ، وعملكُم فيه مقبولٌ، ودعاؤُكم فيه مستجابٌ، فاسْألوا اللهَ ربَّكم بنيّات صادقة، وقلوب طاهرة، أن يوفّقَكُم لصيامِهِ وتلاوةِ كتابهِ، فانّ الشقيَّ من حُرِمَ غُفرانَ اللهِ في هذا الشهرِ العظيمِ، واذكروا بجوعِكُم وعَطَشِكُم فيه جوعَ يومِ القيامةِ وعَطَشَه، وتصدّقوا على فقرائِكم ومساكينِكم، وغضُّوا عمّا لا يحلُّ النّظرُ إليهِ أبصارَكم، وعمّا لا يحلُّ الإستماعُ إليه أسماعَكم، وتحنَّنوا على أيتامِ النّاسِ يُتحنّنْ على أيتامِكم، وتوبوا إلى اللهِ من ذنوبِكم، وارفعوا أيديَكم بالدعاءِ في أوقاتِ صلاتِكم، فإنها أفضلُ الساعاتِ، ينظرُ اللهُ عزّ وجلّ فيها بالرحمةِ إلى عبادِهِ، يجيبُهم إذا ناجوْه، ويلبِّيهم إذا نادَوْه، ويعطيهِم إذا سأ لُوه، ويستجيبُ لهم إذا دعوْه. إلى آخر الخطبة وقد روي عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما انصرف من عرفات وسار على منى دخل المسجد فاجتمع إليه الناس يسألونه عن ليلة القدر فقام صلى الله عليه وآله خطيبا فقال بعد الثناء على الله عز وجل : أما بعد فإنكم سألتموني عن ليلة القدر ، ولم اطوها عنكم لأني لا أكون بها عالما ، اعلموا أيها الناس : انه من ورد عليه شهر رمضان وهو صحيح سوي فصام نهاره وقام وردا من ليله وواظب على صلاته وهجر على جمعته وغدا إلى عيده فقد أدرك ليلة القدر ، وفاز بجائزة الرب . فقال أبو عبد الله عليه السلام فاز والله بجوائز ليست كجوائز العباد . وروي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام : إنه قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان على المنبر فسمعه الناس قال : آمين ، ثم سكت ، ثم قال آمين ، ثم سكت ، ثم قال آمين فلما نزل سأله بعض الناس فقالوا: يا رسول الله سمعناك تقول : آمين ، آمين ثلاث مرات ، فقال صلى الله عليه وآله : إن جبرئيل عليه السلام قال : من ذكرت عنده فلم يصل عليك فأبعده الله ، قلت : آمين فقال عليه السلام : ومن أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فأبعده الله ، قلت : آمين قال عليه السلام : ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يغفر له أبعده الله ، قلت : آمين الترابط الزمني في التراث الرمضاني الكربلائي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ هنالك بقعتا ضوءٍ لابد أن أسعى لتبيان توهجهما وتسليطه ونشره . البقعة الأولى : ترتبط بجوهر خصوصية شهر رمضان المبارك وصيغة تمايزه عن الشهور الأخرى فقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال : إن لله خيارا من كل خلقه ، فله من البقاع خيار وله من الليالي والأيام خيار ، وله من الشهور خيار وله من عباده خيار ، وله من خيارهم خيار ، فأما خياره من البقاع فمكة والمدينة وبيت المقدس ، وأما خياره من الليالي فليالي الجمع ، وليلة النصف من شعبان ، وليلة القدر ، وليلتا العيد ، وأما خياره من الأيام ، فأيام الجمعة والأعياد ، وأما خياره من الشهور فرجب وشعبان وشهر رمضان فإنه أفضل منهما ، وإن الله عز وجل ينزل في شهر رمضان من الرحمة ألف ضعف ما ينزل في سائر الشهور ، ويحشر شهر رمضان في أحسن صورة في القيامة ، على تلة لا يخفى وهو عليها على أحد ممن ضمه ذلك المحشر ، ثم يأمر فيُخلعُ عليه من كسوة الجنة وخلعها وأنواع سندسها وثيابها ، حتى يصير في العظم بحيث لا ينفذه بصر ، ولا تعي علم مقداره أذن ، ولا يفهم كنهه قلب ، ثم يقال للمنادي من بطنان العرش : ناد ، فينادي : يا معشر الخلائق أما تعرفون هذا ؟ فيجيب الخلائق يقولون : بلى لبيك داعي ربنا وسعديك ، أما أننا لا نعرفه ، ثم يقول منادي ربنا : هذا شهر رمضان ، ما أكثر من سعد به منكم ، وما أكثر من شقي به ، ألا فليأته كل مؤمن له ، معظم بطاعة الله فيه ، فيأخذ حظه من هذا الخلع ، فتقاسموها بينكم ، على قدر طاعتكم لله وجدكم ، قال صلى الله عليه وآله : فيأتيه المؤمنون الذين كانوا لله مطيعين فيأخذون من تلك الخلع على مقادير طاعتهم ،... إلى آخر الحديث بقعة الضوء الثانية ــــــــــــــــــــــــــــــ لا شك أن كل البلدان الإسلامية تستقبل هذا الشهر الكريم بشكل يختلف كثيرا عن بقية الشهور ولكل بلد عاداته وتقاليده وطريقته لتقديس ورعاية حرمة هذا الشهر الكريم ولعله الشهر الوحيد الذي يستعد له الجميع من المسلمين . فالأشهر الباقية من سواه لا يتساوى استعداد الناس لها . مثلا ليس الجميع يستقبل شهر محرم الحرام أو شهر رجب ولا حتى شهر شعبان بالتوق والشوق والحنين نفسه أما شهر رمضان المبارك فإن القاسم المشترك بين الناس كيفية أو صيغة إستقباله وبشوق وحنين متقارب إن لم نقل متساويا وكل مجتمع إسلامي له طقوسه التي يمارسها في هذا الشهر الكريم ولعلها تتشابه في بعض الأحيان بين شعب وآخر وبين طائفة وأخرى . والمشتركات بين الشعوب الإسلامية كثيرة لا سبيل الآن للحديث عنها . فالإستعدادات لهذا الشهر متماثلة في أغلب بلدان العالم الإسلامي .ونقصد بالاستعداد النفسي والمعنوي والمادي . أما أن ثمة خصوصية تتميز بها صيغة وكيفية استقبال هذا الشهر تقتصر على مدينة كربلاء المقدسة حيث أن هنالك علقة معينة بين المدينة والشهر المبارك تقرنهما القداسة وبما أن حديثي سيقتصر على مدينة كربلاء المقدسة فسوف أتناول بعض الذكريات من الموروث الشعبي الكربلائي في هذا الشهر المبارك . هذه المدينة المقدسة يحل بها شهر رمضان المبارك فتتحد القداسة وتقترن والبركة والخير الوفير والرحمة والغفران والعنفوان والزهو العقائدي معا جميعا . إلى اللقاء في الجزء الثاني
أقرأ ايضاً
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- مراقبة المكالمات في الأجهزة النقالة بين حماية الأمن الشخصي والضرورة الإجرائية - الجزء الأول
- البكاء على الحسين / الجزء الأخير