- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
حين يكون القضاء في موضع الاتهام !!!
بقلم: أياد السماوي
يتوّهم البعض أنّنا حين نهاجم فساد أحزاب السلطة الحاكمة , ننطلق من خلفيّات طائفية أو قومية أو حزبية .. والحقيقة أنّ الأمر ليس كذلك , فالحقيقة واضحة عندنا وضوح الشمس في رابعة النهار .. فالفساد المتّفشي في جميع مؤسسات الدولة والمجتمع هو فساد بنيوي متأصل في طبيعة النظام السياسي القائم .. فالنظام السياسي القائم بالنسبة لنا فاسد بأكمله قضاء وتشريعا وتنفيذا .. فهنالك علاقة طردّية بين نزاهة القضاء والفساد .. فكلّما كان القضاء نزيها ومستقلا , ضعف الفساد إلى أدنى المستويات والعكس صحيح .. وهذا الامر جلي وواضح في جميع بلدان العالم التي فيها القضاء مستقلا استقلالا تاما .. وحين ينتشر الفساد في بلد ما كما في العراق , فاعلم أنّ مؤسسة القضاء هي الأخرى قد نخرها الفساد ولم تعد قادرة على التصدّي له.
والحقيقة المؤلمة أنّ ما يجري من فساد في مؤسسات الدولة ووزاراتها يعود إلى ضعف القضاء في تصدّيه لهذا الفساد الجامح .. ولا أريد أن أرددّ ما يتداوله العامة من الناس بتوّرط رأس القضاء العراقي بهذا الفساد .. وإذا ما صّحّت هذه الأخبار المتداولة لا سامح الله عن العلاقة التي تربط رئيس مجلس القضاء الأعلى برئيس مجلس النواب .. فهنا الطامة الكبرى .. فالحديث عن هذه العلاقة في وسائل التواصل الاجتماعي والمنتديات السياسية بات أمرا مقلقا ويدعو إلى تفنيده من قبل رئيس مجلس القضاء الأعلى , ليس من أجل سمعته ومستقبله فحسب , بل من أجل سمعة القضاء العراقي التي انحدرت إلى مستويات لا يرضاها أي عراقي غيور.
إنّ ما يجري اليوم من فضائح فساد في وزارات الدولة ومؤسساتها خصوصا تلك الفضائح في الوزارات التي تخضع لنفوذ رئيس مجلس النواب كالتربية والصناعة والتجارة , قد فاحت رائحته إلى أعنان السماء وضجّت منه حتى ملائكة العرش .. وهذا يدعو إلى موقف جدّي من القضاء لإيقاف ما يجري من فساد ونهب منّظم للمال العام في كلّ مؤسسات الدولة ووزاراتها .. وتوجيه ضربة قاصمة لأوكار الفساد التابعة لأحزاب الفساد في كل الوزارات دون استثناء.
إنّ سمعة القضاء العراقي باتت اليوم على المحك أكثر من أي وقت مضى , فأمّا التصدي الحازم والشجاع للفساد وأسطاينه , وأمّا السقوط في مستنقع الفساد .. لقد كان للقضاء العراقي موقفا مشرّفا حين أعلن السيد رئيس مجلس القضاء الأعلى السيد فائق زيدان موقفه من قرار المحكمة الاتحادية العليا بحصر حق ترشيح رئيس الوزراء برئيس الجمهورية .. وهذا الموقف سيبقى علامة مضيئة ومشرقة في سجل رئيس مجلس القضاء الأعلى .. نطالب اليوم السيد رئيس مجلس القضاء الأعلى بدحض كل الأقاويل والإشاعات التي تتحدّث عن علاقة مشبوهة بينه وبين رئيس مجلس النواب , فهذه الإشاعات لم تعد سرّا وبات الجميع يتحدّث بها .. فسمعة أي بلد هي من سمعة قضائه .. فإذا صلح القضاء في بلد صلحت كلّ مؤسسات الدولة والمجتمع , وإن فسد القضاء فسدت الدولة والمجتمع.