عباس الصباغ
انتعش سوق الاشاعات على هامش الحراك الاحتجاجي التشريني المشروع والمكفول دستوريا بواسطة الجيوش الالكترونية الذين يتخذون الغرف المظلمة ملاذا لهم وبعيدا عن عيون الرقيب وسطوة الامن ، متخذين الاجندات التخريبية والمغرضة اهدافا وبوسائل مدفوعة الثمن ومعروفة المصدر والغاية .
الإشاعة ( Rumor
بحسب تعاريفها المقتضبة هي ترويج لخبر مختلق مجهول المصدر لا أساس له من الواقع ولكن معروف الهدف ، وهي تعمد في ذلك الى المبالغة والتهويل او التشويه حين تسرد خبرا فيه جانب ضئيل من الحقيقة وقد يكون مفبركا كليا وقد يكون فيه نوع من الصحة ،وذلك بهدف التأثير النفسي في الرأي العام او هي رواية تتناقلها الأفواه دون التركيز على مصدر يؤكد صحتها تهدف إلى البلبلة والقلق العام ، كما تلعب الإشاعة دوراً حيوياً في الحرب النفسية وتكون مفتاحا لتغيير الاتجاهات والقناعات واللعب بالعقول ثم السيطرة والتحوير الفكري وغسل الأدمغة وترجيح كفة الصراع لصالح الجهة التي تقف وراءها وتفعيلها في مجتمع ما بعد ان تقوم بدورها في تدمير القوى المعنوية كما تقوم بافتعال الأزمات وتبدأ بما يشبه كرة الثلج التي تنطلق صغيرة وتكبر تدريجيا لتدمر كل شيء امامها ، وقد اتخذت الإشاعة في الوقت الراهن صورا وأشكالا متعددة تشكّل معدلات خطورة وفعالية أكثر من السابق بفعل التقدم السريع الحاصل بوسائل الاتصال والحاسوب والانترنيت وتقنيات البث الفضائي وتكنولوجيا الإعلام بصورة عامة بعد ان كانت تتخذ وسائل شفهية في اغلب الأحيان والاعتماد على الطابور الخامس في الوقت الحالي، وهنا تكون المسؤولية مشتركة ما بين المواطن والأجهزة الحكومية التي تقع عليها المسؤولية الاولى في التصدي للإشاعة وتفكيكها وتحليلها وفكّ شيفرتها ومعرفة أسبابها والأهداف التي تتوخاها ,ومن ثم مكافحتها والردّ عليها وتفنيدها واحتواء آثارها السلبية ، والاهم من كل ذلك معرفة النتائج التي ستتركها الإشاعة في التأثير على متانة الجبهة الداخلية ومدى الضرر الذي ألحقته ، وذلك بالاستعانة بخبراء مختصين في الاعلام المضاد وفي الحرب النفسية لدحضها واسقاط المزاعم التي تتحجج بها اولا ، وثانيا لترصين الجبهة الداخلية من حدوث خروقات سايكلوجية لها فعل تدميري كاسح، كما حدث في أوج الازمة التي حدثت بين الولايات المتحدة وايران وتبادل الضربات الصاروخية فيما بينهما وعلى الاراضي العراقية وهي ازمة كبيرة كادت تسبب حربا ضروسا يكون العراق ساحة لها ناهيك عن خطورة انتهاك سيادة العراق والتجاوز على حرمة امنه القومي ،وكانت مواقع التواصل الاجتماعي بأنواعها لاسيما غير المنضبطة منها, اضافة الى بعض الفضائيات المغرضة والمواقع الاخبارية المنفلت مسرحا لتداول اخبار ومعلومات كانت اغلبها مفبركة وغير دقيقة وقد اشتدت هجمة الجيوش الالكترونية التي تتخذ من تلك المواقع منصات لها ومنابر مع اشتداد تداعيات تلك الضربات ومالحق بها من رد فعل عراقي غاضب بضرورة تجنيب العراق تداعيات اي صراع اقليمي وعدم جعل اراضيه ساحة لذلك الصراع كونه يمثل تهديدا للأمن القومي العراقي وعدم زج العراق في صراع لاناقة له او جمل ، وبدأ العالم من جديد يحبس انفاسه خوفا من حدوث حرب عالمية جديدة يكون الشرق الاوسط المتخم بالحروب والمنازعات منطلقا لها وفي هذا الاثناء كانت الجيوش الالكترونية تبث معلوماتها الكاذبة عن احتمال فرض عقوبات اقتصادية اخرى ستطال العراق تضاهي العقوبات التي فرضتها الامم المتحدة على العراق بعد الغزو الصدامي لدولة الكويت جعلت الكثير من العراقيين يسترجعون ذكرياتهم المريرة عن تلك الايام العجاف وتكلمت تلك الجيوش عن ردود فعل غاضبة من قبل الولايات المتحدة على القرار الذي اصدره البرلمان العراقي والذي خوّل الحكومة الغاء التواجد الاجنبي من الاراضي العراقية بكافة اشكاله ، مما سبب ارباكا كبيرا على سايكلوجية الشارع العراقي وتخلخلا واضحا في الاقتصاد والسوق المحلية ورجعت المخاوف من حدوث ازمات اقتصادية خانقة على خلفية التلويح بادخال العراق تحت وصاية البند السابع مجددا وفرض عقوبات اقتصادية باهظة ضده ، اسوق هذا الامر كمثال على التأثير السلبي للإشاعات التي بثتها الجيوش الالكترونية والاكثر سوءا هو مايتعلق بترشيح رئيس وزراء جديد لاتنطبق عليه المواصفات وهو موضوع حساس جدا للمتظاهرين السلميين والشارع العراقي عموما ما ساهم في تأجيج الشارع الرافض لأي شخصية سياسية مجربة سابقا ورفضه لتوليه شخصية من هذا النوع والمطلوب ان تتسلح الجماهير بالوعي الوطني الكافي لعدم تمرير تلك الاضاليل على الراي العام مرة اخرى لو حدثت ازمة ما لاسامح الله .
أقرأ ايضاً
- تأثير مشاهير المحتوى السلبي في مواقع التواصل الاجتماعي على المجتمع
- مجالس المحافظات بين الإيجابيات والسلبيات
- طوفان الأقصى و التأثير الاقتصادي على الكيان الصهيوني