- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
مَن الذي حوَّل الإِحتجاجات السِّلميَّة اليوم إِلى عُنفٍ؟!
نـــــــــــــــــزار حيدر
١/ حسب معلوماتي الخاصَّة والدَّقيقة فلقد كان مقرَّراً أَن تحتج أُسر شهداء القصف الأَميركي الوحشي على عددٍ من مقار قوَّاتنا المُسلَّحة، بصورةٍ سلميَّةٍ وحضاريَّةٍ أَمام سفارة الولايات المُتَّحدة، لكنَّها فُجأَة تحوَّلت إِلى أَعمال عُنفٍ!.
السُّؤَال؛ مَن الذي غيَّر طبيعة الإِحتجاجات؟!.
ينبغي على السُّلطات المسؤُولة الإِجابة على السُّؤَال.
ولكن ما رشحَ لنا من معلوماتٍ يُشير إِلى أَنَّ عدداً من زعامات ميليشيات أَحزاب السُّلطة تسلَّلوا إِلى الإِحتجاجات السلميَّة وأَوعزُوا لعناصرهِم بذلكَ.
وهم أَنفسهُم، كما يبدو، الذين وجَّهُوا من قبلُ بكلِّ عمليَّات الحرق التي تعرَّضت لها القُنصليَّات الأَجنبيَّة.
٢/ كلُّ العالم يتعاطف مع هذه الإِحتجاجات إِذا كانت قد حافظت على سلميَّتها وحضاريَّتها على اعتبار أَنَّها رد فعل طبيعي على جريمةٍ وتجاوزٍ خطيرٍ على سيادة الدَّولة.
بمُمارستِها للعُنف تشبَّهت بأَخًواتِها.
٣/ حضور ومُشاركة عدد من قادة [هيئة الحشد الشَّعبي] [التي هي جزءٌ لا يتجزَّء من مُؤَسَّسات الدَّولة، سابقةٌ خطيرةٌ ربُما تكون الأَوَّل من نوعِها في العالَم.
معنى ذلكَ أَنها كانت إِحتجاجات دَولة ولم تكن عفويَّة، فالهَيئة التي تأتمر بأَوامر القائد العام للقوَّات المُسلَّحة، إِمَّا أَنَّ قادتها أَخذُوا الأَوامر من القائد العام قبل أَن يُشاركُوا، وهذا ما يجب أَن يوضِّحهُ لنا القائد العام شخصيّاً، أَو أَنَّهم تصرَّفوا كمُواطنين وليس كقادة في الهَيئة الرَّسميَّة، وهذا ما يجب أَن توضِّحهُ لنا الهَيئة.
٤/ من جانبٍ آخر فإِنَّ قادة الهَيئة خالفُوا القرار الرَّسمي الذي صدر يَوم أَمس عن المجلس الوزاري للأَمن الوطني والذي رئيس الهيئة أَحد أَعضائهِ، وهذا أَمرٌ خطيرٌ يتناقض وسيادة الدَّولة التي تتجلَّى بحماية قرارات مؤَسَّساتها.
٥/ دِماء الشُّهداء الأَبرار لا تُقاس ببضعة أَحجار تعرَّضت للحرق، فالذين يقولُون أَنَّهم أَخذُوا بثأَر الشُّهداء عندما أَحرقُوا عِدَّة أَحجار في السِّياج الخارجي للسَّفارة، واهمُون.
الثَّأر يتجلَّى أَوَّلاً ببناء دولة عصريَّة ذات سِيادة لا تُسيطر عليها ميليشيات أَو عِصابات ومن أَيِّ نَوعٍ كان.
دولةٌ لا تتقاذفها التدخُّلات الأَجنبيَّة، الدَّوليَّة والإِقليميَّة.
فمثل هذهِ الدَّولة هي التي ضحَّى من أَجلها الشُّهداء الأَبرار، لتُحقِّق الحياة الحُرَّة الآمِنة الكريمة لشعبِها، ولذلكَ فإِنَّ علينا جميعاً أَن نعملَ لبناءِ مثلِ هذه الدَّولة وعندها فقط سنفخر بأَنَّنا أَخذنا بثأر الشُّهداء عندما حقَّقنا حُلمهُم وهدفهُم السَّامي!.
وستذهب دماءهُم هدراً إِذا سارت البلاد بإِتِّجاه الدَّولة الفاشِلة!.
٦/ مرَّةً أُخرى وأُخرى وأُخرى يدعو الخِطاب المرجعي إِلى عدم تحويل العراق إِلى ساحةٍ لتصفيةِ الحِسابات الدوليَّة والإِقليميَّة.
السُّؤَال؛ مَن الذي يعمل على ذلكَ؟!.
الجواب واضحٌ؛ هُم كُل مَن يتجاوز على الدَّولة ولا يحترم سيادتَها، وعلى رأسهم ميليشيات أَحزاب السُّلطة التي باتت أَليد الضَّاربة للدَّولة العميقة.
٧/ لو سلَّمنا؛ ففي المرَّات السَّابقة كان [الجُوكر] يُدير اللُّعبة مِن تحتِ الطَّاولة مِن دونِ أَن يظهر في الصُّورة علانيةً، أَمَّا هذه المرَّة فأَدارها علناً وبِلا أَقنِعة!.
٨/ ظاهرة حرق القنصليَّات والسَّفارات في العراق شيءٌ خطيرٌ يُنذر بكارثةٍ على البلاد، وهو دليلُ سَيطرة الدَّولة العميقة على الدَّولة التي باتت عاجزةً عن حماية البعثات الديبلوماسيَّة الأَجنبيَّة.
٩/ برأيي فإِنَّ رد الفعل على ما حصل اليَوم سيكونُ واحداً من إِثنَين، أَو رُبما كلَيهُما؛
أ/ أَن تأخذ واشنطن وحليفاتها الغربيَّات الملف العراقي مرَّةً أُخرى إِلى مجلس الأَمن، فكما نعرف فإِنَّ العراق مازال تحتَ طائلة البند السَّابع مِن ميثاق الأُمم المُتَّحدة.
ب/ أَن يتعاطف المُجتمع الدَّولي مع واشنطن فتسحب أَو على الأَقل تقلِّص بقيَّة الدُّول بعثاتها الديبلوماسيَّة في العراق وهو أَمرٌ يضرُّ بالبلد الذي ينتظر أَن يدخلَ في مرحلةِ البناء والإِعمار والتَّنمية والإِستثمار.
١٠/ يُخطئ من يتصوَّر أَنَّ مجلس النوَّاب سيأخذ بعَين الإِهتمام مطالب المُحتجِّين اليَوم! فالذي عجز عن تلبية مطالب المحتجِّين الذين لازالُوا يملأُون ساحات التَّظاهر منذ [١٠٠] يوم إِلى جانب [١٢] خطاب مرجعي وعشرات آلاف الشُّهداء والجرحى، أَعجز من أَن يلبِّي شيئاً من مطالبِ هؤُلاء كذلك.
إِنَّهم عجزُوا يوم أَمس عن جمعِ العدد اللَّازم من تواقيع النوَّاب لإِدراج موضوع العُدوان الأَميركي الغادِر في جدول أَعمال جلسة مجلس النوَّاب القادِمة، إِذ لم يوقِّع أَكثر من [٢٧] نائباً فقط [كتلتهُم لوحدِها تحوي على [٤٦] نائبِ].
إِنَّهُ دليلُ النِّفاق والإِزدواجيَّة في المواقِف!.
وهُم يعرفُونَ جيِّداً ما الذي نصَّت عليهِ الإِتِّفاقيَّة الثُّنائيَّة بين بغداد وواشنطن، والتي تمنعهُم من فعلِ شيءٍ!.
١١/ شِعاران رفعهُما العراقيُّون يُلخِّصان فلسفة الصِّراع الإِقليمي الدَّولي على أَراضي بلادهِم؛
إِيران برَّا برَّا
أَميركا برَّا برَّا
على مجلس النوَّاب تشريع ما مِن شأنهِ تحقيق هذا المطلب فوراً فقد يكونُ سبباً لاستقرارِ العراق وحمايةِ سيادتهِ.
٣١ كانُون الأَوَّل ٢٠١٩
لِلتَّواصُل؛E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com