- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
نحلة تنتج عسلا من نهيق الحمار
حسن كاظم الفتال
إن من الحكمة أن تحرز الحيوانات تقاسما أو نصيبا وافرا في مشاركة الكائنات الحية في الخلق. بل أن يكون لوجودها ضرورة قصوى في إشغال مساحات واسعة من الحياة البشرية وقد باتت تمثل جانبا حيا مهما ونافعا ومفيدا في حياة الإنسان. وغالبا ما تثير الحيوانات انتباه الإنسان في تصرفاتها أو حركاتها بل تستوقف الكثير منا وبذهول أحيانا لما تتمتع به من قدرات خارقة وحتى امتلاكها عادات معينة. وقد حبا الله عز وجل بعضها ملكة الألفة فأمست أليفة قابلة للتعايش مع الإنسان فضلا عن أنها سُخِرت تسخيرا تاما له الأمر الذي دعا لأن تولي المجتمعات إهتماما بالغا بتربية الحيوانات على اختلاف أنواعها وتدجينها وترويضها أحيانا على التعايش أكثر فأكثر مع الإنسان وكذلك الترويض والتمرين على التفاهم مع الإنسان.
واختزالا للدلائل والملامح نورد ذكر أشهر دليل أو ملمح وهو مخاطبة الحيوانات وفي مقدمتها النمل والطير لنبي الله سليمان على نبينا وآله وعليه السلام.
ناهيك عن أن أنبياءَ علمهم الله سبحان وتعالى لغة الحيوانات وأبرزهم النبيُ سليمان على نبينا وآله وعليه السلام وكذلك نبيُنا الكريم محمد صلى الله عليه وآله بصيغٍ ووسائل معينة وهذا ما يبرهن أن بوسع الحيوانات التفاهم فيما بينها وكذلك الحشرات هي الأخرى تشترك بهذا التوصيف. والشواهد جمة.
لذا فقد استبطن مأثورنا الشعبي قصصا تقدح بالحكمة والموعظة والعبرة منسوجة عن تعاطي الحيوانات فيما بينها أو بينها وبين الإنسان
لذا سنأتي بهذه القصة التي تقول:
تصاحب حمارٌ ونحلة وطالت صحبتهما حتى دعا يوما الحمارُ النحلةَ لوليمة فما كان منها إلا أن تلبي الدعوة ممتنة وإذا به يرمي أمامها أكواماً من الحشائش والأعشاب مختلفة الأصناف والأشكال.
فما أن صوبت النظر إلى الحشائش ارتدت إلى الوراء سائلة الحمار بدهشة: ما هذا ؟ ليجيبها بكل ثقة: هذا طعامي الذي أتناوله يوميا. فامتنعت عن تناوله وقالت له: شكرا لمبادرتك الطيبة واهتمامك إنما عذرا لا حاجة لي بطعامك هذا ليس بمقدوري تناوله. وقبل أن تنصرف دعته إلى وليمتها راجية حضوره عندها يوم غد. وفي اليوم التالي لبى الحمار دعوتها فرحبت به ومدت مائدتها ناشرة عليها طبقات من العسل اللذيذ السائغ شرابه. فمد الحمار لسانه وذاق ما قُدم له واستعذب العسل كثيرا دون أن يعرف عنه شيئا. فسألها: ما هذا ؟ فقالت: هذا عسل وهو غذائي. أقدمه للراجين شرابا عذبا.
وبينما هو يعتصره الذهول وبعد (صفنة طويلة) عاود استفساره: أنى لك هذا ؟ فقالت: أنا أصنعه بنفسي. تشنجت أذناه وهو يكرر سؤاله قائلا: كيف ومن أين تصنعينه ؟ فأشارت إلى الحقول مجيبة من الحشائش التي تتناولها أنت في طعامك.
أيها الجار الجحش:أنت تتناول الحشيش ولا تصدر إلا النهيق وأنا أمتص منه قليلا فاصنع عسلا (فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ) ـ النحل/69.
وشتان بين نهيق يعكر صفو الناس فينتابهم التذمر والإنزعاج وبين شراب سائغ يطيب النفس ويحسن المزاج.
أقرأ ايضاً
- وزارة التجارة تغش الفلاحين .. معجزة عراقية بذور القمح تنتج العدس
- هل يجعل السَّرْج المُذهَّب الحمار حصانا ؟!
- التنمية البشرية.. الحمار لا يكون اسداً.