الخدمة الكربلائية
هذا الموكب توارثناه عن اجدادنا واجدادهم ومرت علينا مئات السنين وبيتنا يخدم زوار الحسين، ومع بيتنا قدمت بيوت الحميري وخليل الخفاجي وبيت مكي وحجي حسن الحيدري وبيت الصفار وبيت الوزني وبيت صاحب النجار وباقي بيوت كربلاء التي خدمت الزائرين، واستطيع القول ان اقدم واكثر خدام للحسين هم اهالي كربلاء فقد استمروا منذ مئات السنين او اكثر بتقديم الخدمة واستقبلوا ملايين الزائرين عبر تلك السنين، وكنا نسكن في منطقة المخيم الحسيني وكان لدى جدي ابو شاكر تكية حسينية تقام فيها الشعائر وكانت تركز على المجالس الحسينية التوعوية، وان يكون للزائر هدف ان يخرج من المحاضرة وهو يعرف شيئا عن قصة الحسين عليه السلام، فضلا عن الإطعام هكذا يصف السيد علاء الموسوي حال بيت والده سيد حسين الصائغ ويضيف لان قضية الحسين تعرضت الى هجمات اعلامية من السلطة الاموية الغاشمة حينها ومن تلاها من الحكومات الظالمة، وكذلك مورست ضدها حملات تشويه وحتى على محبيه ممن يمارسون الشعائر الحسينية والى يومنا هذا.
سقاية الزائرين
والملفت للنظر بحسب الموسوي ان المواكب القديمة كانت تركز على سقاية الزائرين وهي وصية اهل البيت لمحبيهم لما عاناه الحسين واهل بيته من العطش، فكان اجدادنا يهيئون عشرة اشخاص او اكثر وهم يحملون القراب الجلدية المملوءة من ماء نهر الفرات والطاسة التي كان ساقي الماء للبيوتات حينها المسمى (السقا) يحملها ويقفون على طريق حركة الزائرين ليسقوهم بالماء البارد ويسقون الاف الزائرين، ونقلا عن جدي ابو شاكر ان مجالس حسينية كثيرة كانت تقام منذ قرون من الزمن لانهم توارثوا الخدمة الحسينية ابا عن جد وتقام ايضا مواكب لطم وزنجيل تسير في المدينة وفي اضرحة الامام الحسين واخية ابي الفضل العباس عليهم السلام.
الموسوي ادرك ما يفعله اهله في سبعينيات القرن الماضي حيث كان يرى اشخاص غرباء يبيتون عندهم ونساء ايضا تبيت مع النساء وكان اهلنا يطلقون عليهم مفردة (زوار ابو عبد الله) ورسخوا في عقولنا هذا الشرف الذي لا يدانيه شرف، متذكرا كيف كان ازلام السلطة البائدة، يحاربون الشعائر ويطاردون الخدام، وكانوا يعملون مجالس داخلية سرية وكانوا يرسلون الطعام الى المشاية في البساتين عبر السيارات او الدراجات النارية، وهذا بستان جدي كنا نؤيهم فيه، وبعد سقوط النظام قمنا ببناء مجموعة ابنية وبنى تحتية في هذا البستان الذي تبلغ مساحته 1500 متر مربع لخدمة وايواء الزائرين.
صداقات متجذرة
شقيقه السيد حيدر الموسوي يكمل الحديث لوكالة نون الخبرية، عن الخدمة الحسينية في بيت الكربلائي الصائغ حسين الموسوي بالقول، كما توارثا الخدمة للحسين (ع)، ورثنا ايضا العلاقات الحميمة، فقد تكونت صداقات عميقة مع الكثير من العائلات العراقية والعربية والاجنبية، ومنها كثير من عائلات كان لآبائهم واجدادهم صداقات مع ابائنا واجدادنا، وكنا نخدم في بيوتنا ونستقبل الزائرين وبعد منعنا من قبل النظام البائد، كنا نستقبل خفية عدد قليل من الزائرين ونضع الماء امام محلنا وكثيرا ما جاء زبانية النظام ومنعوه، وبعد سقوط النظام سرنا على مسيرة اجدادنا وابائنا بالخدمة الحسينية فحولنا بستان جدنا ونحن الورثة الى خمس بيوت تخدم الزائرين يخدم فيه اهالي الكوت، فنقدم وجبة الفطور مع صلاة الفجر فنضع الجبن والقيمر والشوربة والبيض اشبه بالبوفية، اما في الغداء فنقدم الرز والمرق بانواع متعددة لانها وجبة العراقيين المفضلة، وفي العشاء نقدم مشويات ومقليات، ونقدم معها خبز حار يصنعه الخبازين طوال اليوم وينتج يوميا 1500 قرص خبز، مضيفا ان الموكب يستقبل زائرين من جميع المحافظات وكذلك من دول الباكستان والهند وايران ولبنان من الجنسين ولدينا قاعات وبيوت داخل البستان خاصة للنساء.
بيت الحميري
حسين عبد الصاحب فتاح من عائلة معروفة ببيت الحميري يقول لوكالة نون الخبرية، ان هذا البستان هو بيوت اجدادنا منذ مئات السنين، رضعنا الخدمة الحسينية من اهلنا وكنا نختص بالطبخ في يوم العاشر من المحرم ونطعم الزائرين وهذا ما سار عليه اجدادنا وابائنا اما في الاربعين فكانت المواكب تتكفل بذلك وكنا نهيئ لهم الامكنة ونساعدهم في كل شيء، وكان اجدادنا يخرجون مبالغ كل عام من موارد بيع المحاصيل الزراعية لبساتيننا ويخصصونها الى خدمة الحسين، وفي زيارة الاربعين كان البستان هو مضيف بكامل مساحته، ويستذكر الحميري ايام المنع من قبل النظام المباد ويؤكد كنا نضع مشاعل ليلا على الارض في البساتين وهي دلالة يعرفها المشاية يسيرون عليها اما الى مواكبنا او يستدلون على الطريق بعيدا عن عيون السلطة الغاشمة، مبينا ان الخدمة الحسينية شربناها مع حليب امهاتنا ويعتبرها اهل كربلاء واجب حتمي وشرف ومن تخلى عنها لا يستطيع نوم ليلته، وفي كل الضروف اقمناها وسنستمر بتقديمها.
ويبين بعد وفاة اجدادنا وابائنا وتغير عدد الزوار الذي اصبح بالملايين وتغيرت كثير من الامور اتفقنا نحن الاخوة وقمنا بتشييد قاعات وحسينيات ومرفقات بنيت باقى الاشكال الهندسية وجهزت بافضل الخدمات على شكل زقاق كامل، منها للنساء واخرى للرجال تستقبل بحدود 80 الف زائر سنويا وتقدم لهم خدمات متواصلة على مدى 15 يوما في زيارة اربعينية الامام الحسين عليه السلام، كما تحيى فيها مناسبا ايام شهر رمضان والعاشر من المحرم وعيد الغدير الاغر.
قاسم الحلفي - كربلاء
تصوير: عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- فقدت (200) من احبتها.. "سكينة النبطية" سيدة لبنانية دفنت والدها وشقيقها الشهيدين بيديها
- قدمت لهم (550) الف وجبة طعام :العتبة الحسينية تأوي (8300) وافد من العائلات اللبنانية في كربلاء المقدسة
- حققت (15) الف زيارة طبية: العتبة الحسينية تنفق اكثر من "ملياري" دينار على علاج الوافدين اللبنانيين(فيديو)