عمار جبار الكعبي
ان نظريات الفكر السياسي الغربي والإسلامي، تتفق على ان السلطة تنحى بأتجاه الانحراف لا الاستقامة، من خلال التسلط والاستبداد، او التهاون والانجرار لمسارات تختلف عن المسارات المرسومة والمتفق عليها اما عرفاً او عقداً.
تعاملت النظريات الغربية مع هذه الحقيقة التي أثبتتها الممارسة التأريخية للحكام، من خلال وجوب تقييدها بأدوات تحد من هذا النزوع، ومن هذه الأدوات هي توازن السلطات وإيجاد سلطات منفصلة عن الحاكم ولكنها مؤثرة فيه، والاعلام الذي يسلط الضوء على سلوك الحكومة ومؤسساتها وتعرية اَي سلوك انحرافي عن العقد، وكذلك الرأي العام المجتمعي، الذي يعلن الرفض قولاً للسياسات الخاطئة، او فعلاً من خلال حق التظاهر المقنن.
اما الفكر الاسلامي وخصوصاً مدرسة أهل البيت (ع)، فانها ذهبت الى الحل الجذري لهذه المشكلة، وهي ان يكون الحاكم معصوماً، وهذا ينهي كل مخاوف الانحراف او الاستبداد، كوّن المعصوم يملك المناعة ضد الانحرافات او النزعات الشخصية الدافعة لاستغلال السلطة.
عصر الغيبة في الفكر الاسلامي، جعل النظريتان تلتقيان في الاتفاق على وجوب تقييد الحكومة ومراقبتها ومحاسبتها وعدم إطلاق يدها، لان الانسان غير المعصوم يكون مدفوعاً باتجاهات تجعله يميل يميناً او شمالاً.
ان ميل المتصدي في الحكومات الحديثة، يكون في اعمه الأغلب خاضعاً الى ضغوط الداعمين للحكومة وأقطابها، بما يمثلونه من مطاليب ورغبات واتجاهات ومكاسب، وبالتالي يغيبون ويظهر الحاكم، وكأن كل ما تقدم إنما يمثل رغبته الشخصية، وهذا ما يريده الداعمون، بل حتى انهم احيانا يتظاهرون بعدم الاتفاق معه للتغطية وإبعاد الأنظار عن معادلتهم التي تسيره!.
ان تعرية الجهات والضغوط التي تسلط على رأس هرم السلطة، امام الرأي العام يعتبر ضرورة مهمة، لان الكشف عن المعادلة الحقيقية، يكشف عن التوجه الحقيقي للحكومة المتصدية، لان المقدمات لطالما تجعل النتائج من جنسها، ومن يسلط الضوء على هذه المعادلة او يكشفها، فانه عميل لجهات خارجية يجب الاقتصاص منه، فهذه المعادلات يجب ان تبقى مخفية عن الأنظار، لانها مما لا يجب إظهاره او تسليط الاضواء عليه، لتبقى مسؤولية الفشل مغيبة، يرميها الكل على الكل!.
ان ما يحصل منذ أسبوعين من تزاحم وتقاطع وتقاتل سياسي، إنما يعكس حالة التهديد التي يشعر بها اقطاب السلطة، لانهم كالخفافيش يخافون الضوء، بل ويمنعونه من ان يصل لغيرهم، بالتشويش والتشويه والتسقيط، كلها محاولات لتغطية وجر الرأي العام لوجهة غير التي يجب عليه الذهاب اليها.
ان لم تفلح الدبلوماسية في إقناعهم بأطفاء المصباح، فأن للإعلام المأجور كلمته في تزييف حقيقة ما يكشف عنه الضوء، وان لم يكتمل ذلك، فأن قاطع الطريق الذي اصبح ذا سلطة داخل الدولة، قد انشأ سلطتين تتلبس احداهما بالأخرى، ليتم اختطافك من قبل عصابة بأمر قضائي!.
أقرأ ايضاً
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القنوات المضللة!!
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!