بقلم: أياد السماوي
حين سقطت محافظة الموصل ومحافظة صلاح الدين وأصبح الغرب العراقي خلال ساعات بيد الإرهاب , أصبحت بغداد والمدن المقدّسة قاب قوسين أو أدنى من السقوط بيد داعش.. وكانت بقايا قطعات الجيش العراقي تترّكز فقط في بغداد والرمادي , وكان العبأ الأكبر في القتال على جهاز مكافحة الإرهاب الذي أنهكته المعارك مع داعش وكذلك الفرقة المدرعة التاسعة التي خاضت معارك التحرير جنبا إلى جنب مع فصائل الحشد الشعبي في فك الحصار عن محيط بغداد وفتح طريق بغداد سامراء.
وحين توّلى حيدر العبادي رئاسة الوزراء بانقلاب هو أقرب للمؤامرة , كانت فصائل الحشد الشعبي المجاهدة التي اندفعت للقتال كالسيل الهادر قد أبعدت شبح السقوط عن بغداد والمدن المقدّسة.. لا أريد أن أتحدث عن معنويات قطعات الجيش العراقي المنهارة في هذه الفترة , لأنّ الحديث عن هذا الأمر سيمس بكل تأكيد سمعة قواتنا المسلّحة.. لكنّي استطيع القول وبكل فخر أنّه لولا شجاعة وبطولة أبناء الحشد الشعبي في القتال ضدّ داعش , لما استعادت قواتنا المسلّحة الثقة بنفسها وانفعت مجددا لقتال داعش ببطولة جنبا إلى جنب مع قوات الحشد الشعبي.. وللتاريخ أقولها وهذا ليس انتقاصا من بطولات قواتنا المسلّحة , إنّ وجود قطعات الحشد الشعبي بالقرب من قطعات الجيش في كل المعارك كان سببا أساسيا للاندفاع والقتال بثقة وبطولة.
فكان الأولى برئيس الوزراء السابق حيدر العبادي أن يكون وفيا لهذا الحشد الذي حمى الأرض والمقدّسات والأعراض ويضع كلّ الإمكانات المادية والتسليحية في دعم هذه المؤسسة المجاهدة التي ولدت من رحم المحنة , لا أن يضيّق الخناق عليها ويخفض موازنتها ويمنع تزويدها بالمدرعات التي تقي المجاهدين من رصاص القنص , نزولا عند رغبة الأمريكان الذين جاؤوا به رئيسا للوزراء.. والتصريح الذي أدلى به العبادي بأنّ أعداد الحشد الشعبي 150 ألف مقاتل على الورق و 60 ألف مقاتل على الأرض , ليس افتراء وكذبا فاضحا فحسب , بل هو تصريح مقصود تقف ورائه ذات الجهات التي جاءت بالعبادي رئيسا للوزراء.
وربّ سائل يسأل ما الهدف من هذا التصريح في هذا الوقت تحديدا ؟
والجواب على هذا السؤال لا يحتاج إلى كثير من العناء.. فحين يكون ثلثي هذه المؤسسة هم من الفضائيين , فبهذه الحالة تصبح المطالبة بدمج الحشد وإذابته في المؤسسة العسكرية مطالبة مقبولة حتى وإن تكن غير مشروعة , باعتبار أنّ دمج مؤسسة الحشد الشعبي (الفاسدة) بمؤسسة وزارة الدفاع (النزيهة) سيقضي على فساد مؤسسة الحشد الشعبي.. وكأنّ وزارة الدفاع وغيرها من المؤسسات خالية من الفضائيين ولا يرتقيها الفساد من أمامها أو من خلفها.
ومن حقنا كمتابعين للشأن السياسي العراقي أن نسأل السيد العبادي عن مصير ال 60 ألف فضائي الذين اكتشفهم في خمسة فرق عسكرية بعد توّليه رئاسة الوزراء عام 2014 ؟ وهل ثبتت صحة هذا الاتهام لدى الهيئات التحقيقية التي تشّكلت بعد ذلك ؟ ألم يوّجه العبادي الاتهام بقتل الشهيد قاسم ضعيف لقادة الحشد الشعبي من أجل تشويه سمعة الحشد الذي دخل الانتخابات تحت قائمة الفتح ؟.. سيد حيدر العبادي.. لا أخجل أبدا أن اصفك بالكذّاب الأكبر.. ولو كنت صادقا لأثبت للشعب العراقي صدق ما صرّحت به بخصوص الفضائيين ال 60 ألف الذين اكتشفتهم بعد جلوسك على كرسي رئاسة الوزراء.. ولو كنت أيضا صادقا وشجاعا لأعلنت للشعب العراقي من هم قتلة الشهيد قاسم ضعيف ولماذا قتلوه ؟.. لكنّ الكذوب يا سيد حيدر لا يمكن أن يكون صادقا يوما حتى مع نفسه.. وها أنت يا حيدر تعود كما عادت حليمة لعادتها القبيحة القديمة.