- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
10 حزيران 2014.. اليوم الذي أسقط الأقنعة.
أحمد عبد السادة
ما جرى في مثل هذا اليوم قبل 5 سنوات لم يكن مجرد هجوم لتنظيم إرهــــابي متوحـــش أدى إلى احتلال الموصل ثم احتلال ثلث الأراضي العراقية تقريباً، بل أن ما جرى هو زلزال عسكري وسياسي واجتماعي ونفسي أيقظ كل حواسنا وأعاد تشكيل قناعاتنا وحساباتنا بشكل جذري وربما إلى الأبد.
ساكنو بغداد يتذكرون آنذاك الوجوم الذي خيم على الوجوه، ويتذكرون خوف الناس الذي عبرت عنه الشوارع المقفرة. كل شيء كان منهاراً وخاصة النفوس في ظل نزيف الأخبار الموجعة والمقلقة التي بدأ بعضها يؤكد بأن تنظيم (داعــ.ـــش) وصل إلى حدود بغداد وبأنه قد يجتاح بغداد في أي وقت.
رأينا في وقتها نظرات التشفي في عيون شيوخ عشائر وبرلمانيين وسياسيين (دواعــ.ـــش) وصفوا إرهــــابيي (داعــ.ـــش) بـ(الثوار) وتمنوا وصولهم إلى بغداد لإبادتنا ومحو أثرنا، ورأينا كذلك الفرح الخفي الذي يكاد يقفز من عيون (مثقفين) و(إعلاميين) كلامهم معنا وقلوبهم وسيوفهم مع (داعـــ.ــش)، واكتشفنا كذلك أن بعض المثقفين والشعراء والإعلاميين هيأوا أنفسهم لمبايعة (داعــ.ـــش) قبل وصوله إلى بغداد، إلى درجة أن أحد الشعراء البعثيين والصداميين اتصل من تكريت بالصديق الشاعر عمر السراي (ظناً منه أنه سني!!) وقال له: (نحن بخير. وأنت احذر من هؤلاء الكلاب ولا تخف. سنأتي ونخلصكم)!!. وذلك فضلاً عن قيام أحد الشعراء المداحين بدفع اثنين من أبنائه للقتـــال بصفوف (داعــ.ـــش) في تكريت متوعداً أمام أحد الأصدقاء بتحرير بغداد من الصفويين!!.
لقد أزال زلزال (داعـــ.ــش) كل الأقنعة وكشف الحقيقة عاريــــة من كل الادعاءات والتزييف، وكشف حتى الذين تخفوا بالصمت من أجل إخفاء فرحهم وترحيبهم بذبـــاحي (داعــ.ـــش)!.
بعد 5 سنوات من هبوب عاصفة (داعـــ.ــش) الســـوداء شاهدنا مصيرين حتميين لرهانين متناقضين:
المصير الأول هو المصير المظلم لكل من راهن على إرهـــــاب (داعــ.ـــش) فلم يحصد غير العــــار والدمــار والانكسار والهزيمة.
والمصير الثاني هو المصير المشرق لكل من ودع خوفه وانكساره وراهن على بنـــادق الشرف والبطولة ليدافع عن وجوده، بعد الفتوى التاريخية للمرجعية، وبعد أن نهض من مأساة سبايكر بطل أسطوري ومارد جبار اسمه (الحشد الشعبي) ليعيد صناعة التاريخ وليحبط المخططات الدولية والمؤامــرات الطائفية الإقليمية وليثبت للعالم أجمع بأن المأساة يمكن أن تتحول إلى قوة عظيمة لا تستسلم ولا يمكن قهرها.