- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
معنى الصيام من الناحية المادية والروحية / 2
بقلم: عبود مزهر الكرخي
الأعجاز العلمي في صيام ثلاثة أيام من الشهر:
وهذا الصيام هو صيام مخصوص في صيام ثلاثة ايام من الشهر وقد أكد على ذلك نبينا الأكرم محمد(ص) على ذلك حيث يقول صلى الله عليه وآله وسلم: (...وإن من حَسبِك أن تصومَ من كلِّ شهرٍ ثلاثةَ أيامٍ، فإنّ بكلِّ حسنةٍ عشْرُ أمثالِها، فذلك الدهرُ كلُّه، قال: فشدَّدْتُ فشُدِّدَ عليَّ، فقلتُ: فإني أُطيقُ غيرَ ذلك، قال: (فصُمْ من كلِّ جمُعةٍ ثلاثةَ أيامٍ). قال: فشدَّدْتُ فشُدِّدَ عليَّ، قلتُ: أُطيقُ غيرَ ذلك، قال: (فصُمْ صومَ نبيِّ اللهِ داودَ) قلتُ: وما صومُ نبيِّ اللهِ داودَ؟ قال: (نصفُ الدهرِ)،(1) فإن هذا الحديث يثبت فضل صيام الأيام البيض العظيم؛ فإن من يصم هذه الثلاثة أيام يتضاعف أجره، والحسنة بعشرة أمثالها، فإذا صام المسلم من كل شهر ثلاثة أيام، فكأنّه صام شهراً كاملاً، وبذلك يكون كأنه صام الدهر كله. ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه وصَّى المسلم بأن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر من غير تحديد لهذه الأيام، ولكن يُستحب من المسلم أن يكون صيامه أيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر هجري، قال قدامة بن ملحان رضي الله عنه: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يأمُرنا بصيامِ أيامِ البِيضِ ثلاثَ عشرَ وأربعَ عشرَ وخمسَ عشرَ قال وقال: هو كهيئةِ الدهرِ)(2) فوائد صيام الأيام البيض علمياً لصيام الأيام البيض فوائد عظيمة أكّدها العلم الحديث، ومن فوائد صيام هذه الأيام: (3) أثبتت أبحاث علميّة كثيرة أنّ القمر له أثرٌ في نفسيّة الإنسان تظهر عندما يكون بدراً، أي في أيام الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر من كل شهر قمريّ، حيث إنّه في هذه الفترة يزيد لدى الإنسان التهيّج العصبيّ والتوتر النفسيّ، ويرجع سبب ذلك وتفسيره علميّاً إلى أنّ جسم الإنسان يتكوّن من 80% من الماء، أما الباقي فهو فقط المواد الصلبة، تماماً كسطح الأرض، وبما أنّ قوة جاذبيّة القمر تسبب المد والجزر في البحار والمحيطات، فإنها تسبب أيضاً هذا المدّ في جسم الإنسان، وهذا يحصل عندما يكون القمر مكتملاً في الأيام البيض؛ فذلك يُدلّل على أن للقمر في دورته الشهرية أثراً ظاهراً وحقيقة ثابتة من حيث التأثير الفعلي في سلوك الإنسان، فتتأثر الحالة المزاجيّة عنده بناءً على حركة القمر، وقد تم وصف بعض الحالات عند الإنسان بناءً على ذلك باسم الجنون القمريّ، ففي هذه الحالات يبلغ اضطراب السلوك عند الإنسان أقصى مدى له في الأيام التي يكون القمر فيها مكتملاً، أي في الأيام البيض، وقد جاء في السنة ما يدل على هذه الحقيقة، فقد روت عائشة رضي الله عنها: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ نظرَ إلى القمَرِ، فقالَ: يا عائشةُ استَعيذي باللَّهِ من شرِّ هذا، فإنَّ هذا هوَ الغاسِقُ إذا وقَبَ)(4). ومن هنا كان التوجيه النبوي في صيام تلك الأيام كعلاجٍ لتلك الظاهرة، وحلٍّ لها إذ إنّ الصيام فيه امتناعٌ عن السوائل، وبالتالي خفض نسبة الماء في الجسم في الفترة التي يؤثر فيها القمر على الإنسان، وبالتالي يستطيع الإنسان السيطرة على قوى جسده ونزعاته، فيكتسب بذلك؛ صفاءً نفسيّاً، واستقراراً، وراحةً، وصحةً، وطمأنينةً. أثبتت الدراسات المعاصرة أنّ الصيام يؤدي إلى منع تراكم المواد السامة في الجسم، مثل: حمض البول، والبولة، والمنغنيزا، وفوسفات الأمونياك في الدم، فإن ما تؤدي إليه هذه المواد من تراكمات مؤذية تؤثر سلباً في أعضاء جسم الإنسان كالمفاصل والكلى، كما أنّ في الصوم وقاية من داء الملوك المسمى (النقرس)، وصيام يوم واحد فقط يؤدي إلى تطهير الجسم من فضلات عشرة أيام، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر يؤدي إلى تخليص الجسم من فضلات وسموم ثلاثين يوماً. إنّ للصوم أهمية حيوية؛ فبالصوم يتحرك المخزون الحيوي من المواد الضرورية لجسم الإنسان مثل الفيتامينات، والأحماض الأمينية، وبالتالي استهلاكه قبل أن يفسد، ثم يقوم بتجديده بعد صحيح.
ما رواه أبو ذر الغفاري قال: (أمَرَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ نصومَ منَ الشَّهرِ ثلاثةَ أيامٍ البِيضِ: ثلاثةَ عشَرَ وأربعةَ عشَرَ وخمسةَ عشَر، وفي روايةٍ عنه، قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إذا صُمتَ منَ الشهرِ ثلاثةَ أيامٍ، فصُمْ ثلاثةَ عشَرَ وأربعةَ عشَرَ وخمسَةَ عشَرَ).(5) هذا الحديث يثبت فضل صيام الأيام البيض العظيم؛ فإن من يصم هذه الثلاثة أيام يتضاعف أجره، والحسنة بعشرة أمثالها، فإذا صام المسلم من كل شهر ثلاثة أيام، فكأنّه صام شهراً كاملاً، وبذلك يكون كأنه صام الدهر كله.
وفي الأخير حيث أظهرت الأبحاث في الأعوام الأخيرة أن الصوم يضبط حركة السوائل والماء في الجسم ويخلصه من الماء والأملاح الزائدة التي قد تكون تخزنت في الجسم، وعند التخلص من الماء والأملاح الزائدة يتخلص الإنسان من التوتر العصبي والقلق النفسي، وكذلك فإن الصوم بمفهومه الإيماني وليس الصوم بحكم العادة يؤثر في فسيولوجيا وكيمياء الجسم فيقي الجسم من السموم ويطهر النفس من الهموم ويعمل على راحة الإنسان النفسية ويكسبه الهدوء والاستقرار والتماسك ويكون أفضل وسيلة لمقاومة هذه الاتجاهات السلوكية والتوتر والميل إلى الاندفاع والعنف.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
1 ـ البخاري » كتاب الْصَوْمِ » بَاب: حَقِّ الْجِسْمِ فِي الصَّوْمِ الإفطار. رقم الحديث: 1848. ورواه مسلم (1159). رواه الترمذي (761) والنسائي (2424). والحديث حسنه الترمذي ووافقه الألباني في " إرواء الغليل " (947).
2 ـ صحيح البخاري» كتاب الصوم» باب صيام أيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة. رقم الحديث 1880. سنن أبي داود - الصوم. سنن النسائي - الصيام. فتح الباري شرح صحيح البخاري – الصوم.
3 ـ عادل الصعدي (27-1-2013)،"صيام الايام البيض"، جامعة الإيمان، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2017.
4 ـ سنن الترمذي» كتاب تفسير القرآن » باب ومن سورة المعوذتين. لمستدرك على الصحيحين - تفسير القرآن مسند الإمام أحمد - باقي مسند الأنصار - باقي مسند الأنصار - باقي مسند الأنصار. قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه أحمد والنسائي والحاكم وصححه وابن جرير.
5 ـ رواه ابن حجر العسقلاني، في التلخيص الحبير، عن أبي ذر، الصفحة أو الرقم: 2/820، صحح عن أبي زرعة وقفه.
أقرأ ايضاً
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- ماذا بعد لبنان / 2
- الرسول الاعظم(صل الله عليه وآله وسلم) ما بين الاستشهاد والولادة / 2