بقلم: هشام الهاشمي
بعد أن تأكدت القناعة التامة بضرورة إصلاح حملات ملاحقة فلول ومفارز شبكات تنظيم داعش في مناطق شرق ديالى وغرب صلاح الدين وجنوب كركوك وجنوب وغرب نينوى وجزيرة وصحراء الانبار وحزام بغداد، التي نادت بخطرها وضرورة معالجتها جهات كثـيرة، جـاء إعـلان القيادة المشتركة العراقية عن القيام بثلاثة حملات بمساعدة سلاح الجو للتحالف الدولي وقوات جهاز مكافحة الإرهاب، بتاريخ ٨ نيسان، ابريل ٢٠١٩، وفي مناطق شرق ديالى وجنوب كركوك وغرب صلاح الدين، حملات تعتمد على قوات خاصة ومعلومات استخباراتية ومصادر مناطقية من الحشد العشائري والمناطقي، لتحدد خطة القيادة المشتركة العراقية لتمكين الاستقرار والأمـن والاهتمامـات الخاصة بعودة النازحين وتسليح نوعي للحشد العشائري وهذا ما حدث خلال الأسبوع الماضي حيث قررت القيادة المشتركة العراقية بتسليح 50 قرية من قرى البادية والجزيرة غرب العراق، وهناك إجراءات بدأت امنية الحشد الشعبي بالقيام بها وهي غلق المكاتب الاقتصادية التي تنسب نفسها الى ألوية وفصائل الحشد، وايضاً على الحكومة المحلية ودوائر الأمن احترام حقوق الإنـسان وتنفيذ الاعتقالات وفق مذكرات قضائية واضحة وتمكين الشرطة المحلية من إدارة هذا الملف.
شهر على انطلاق الحملة وكانت النتائج كتالي قتل نحو ٣٩ إرهابيا، والقاء القبض على نحو ٦٥ مطلوبا، وتدمير ٧ مخازن كبيرة، والعشرات من الانفاق والكهوف والخيم التي كانت تستعملها مفارز داعش كمقرات للتحكم والسيطرة، ومصادرة أكثر من ٩ طن من المواد المتفجرة، وتدمير ٣٤ عجلة و٧٣ دراجة نارية.
نتائج متواضعة قياسا مع الجهد والانفاق العسكري والوقت، والخطير ان هذه الحملات دفعت شبكات تنظيم داعش الى نقل عملياتها الإرهابية من المناطق المفتوحة والمهجورة الى عمق احزمة المدن في ديالى وبغداد والفلوجة وكركوك وبيجي والشرقاط ويثرب، وبحسب بيانات تنظيم داعش الرسمية انه نفذ بمعدل ١٧ عملية إرهابية أسبوعيا، أي ٦٨ عملية خلال الشهر الماضي، وكانت تركز بمعدل ٣٠ عملية في ديالى و١٤ في صلاح الدين و٨ في حزام بغداد وتوزعت باقي العمليات على نينوى وكركوك والانبار.
وتعتبر مزامنة عمليات التطهير مع عودة النازحين والتدقيق الأمني وإعادة الاعمار وطرد المكاتب الاقتصادية التابعة للأحزاب والفصائل، فرصة هامة لتحسين تمتـع القرى والمدن المحررة باقتصادها وبحقـوق الإنـسان، ولـن يـتم تحقيق النصر الكامل على تنظيم داعش بطريقـة مستدامة ما لم تحترم وتقوى التزامات الحكومة المركزية في مجال تمكين الاستقرار وصناعة السلام ضمن الاستراتيجيات التي ترمي إلى تحقيق الأهداف.
الحكومة الاتحادية مسؤولة على دعم الحكومات المحلية في المناطق المحررة والتي تعاني من انتكاسات متتابعة، في دمجها لآليات تمكين الاستقرار في المؤسسات المحلية واعطائها المزيد من اللامركزية والصلاحيات، لاسيما عن طريق إنشاء لجان التنفيذ المباشر للمشاريع الخاصة بالإعمار ورفع الأنقاض ومخلفات الحرب، وطرد مكاتب الهيئات الاقتصادية التي تسيطر على اقتصاد وثروات تلك المدن، وتعتبر المصدر الأساسي للفساد وعرقلة الاعمار ومنع عودة النازحين.
واتخـاذ قرارات لكفالة احترام وحماية حقوق المواطن، والقـضاء عـلى أفعـال الطائفية والقومية والعنصرية في تلك المدن، وتعزيز زيادة التعايش والتسامح، وتشجيع الحكومات المحلية على وضع وتنفيذ البرامج التي تدعم الاستقرار والتعددية الثقافية.
حماية الوسائل الإعلامية ومنظمات المجتمع المدني لكي تؤدي دورها الأساسي، وضمان حق الصحافة ومراكز الابحاث في الحصول على المعلومات.
وبالتالي حماية المواطن والمساعدة على تمكينهم من إعمال حقوقهم هي الآفـاق الأساسية لتمكين الاستقرار.
وتتضمن برامج تمكين الاستقرار بيانا مجملا بالأهداف التي يراد تحقيقها من اجل التعايش والتسامح وانهاء ملفات النازحين والتعويضات وعودة الخدمات الأساسية.
وحتى تقوم الحكومة الاتحادية بدورها في هذا الصدد، فإنها سوف تسعى إلى تحقيق هدفين رئيسيين، هما المراقبة والإسناد، المراقبة: على الحكومة في بغداد ان تبذل جهودا متضافرة للتركيز عـلى حمايـة تنفيذ برامج الاستقرار من مافيات الفساد، وكفالـة احـترام حقـوق المواطن بطـرق ملموسـة بالنسبة لسكان المدن المحررة.
الاسناد: تدل التجارب الماضية لمشاريع اعمار المدن المحررة أن اقتصاد وثروات تلك المدن لم تحترم او تحظى بالحماية وتسيطر عليها مافيات مسلحة وأحزاب على نحـو يمنع المواطن من العمل وازدياد نسب الفقر والبطالة، فينبغي إذن أن يوجه عمل الحكومات المحلية نحو تمكين المواطن من حقوقه. والاسناد يعني أيضا تزويد الحكومات المحلية بالقرارات والاموال وبالوسائل التي تمكنهم من القيام بذلك.
تاليا الجهد الأمني والاستخباري لن ينجح بدون جهد حكومي ومدني شمولي وتظامني لعلاج ظاهرتي الفساد والإرهاب.