- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
القنوات الفضائية الدينية ومنهجية التجهيل ـ الجزء الأول
حسن كاظم الفتال
أولا: نقول ليس فينا من ينكر أن لوسائل الإعلام دورا مهما في التأثير المباشر على المتلقين فردا ومجتمعات. ويزداد هذا التأثير كلما أحسن المختصون والمكلفون اتقان استخدام الوسائل المتاحة والتقنيات والآليات بدقة متناهية وباستخدام أفضل الوسائل والأساليب مع مراعاة اعتماد الجانب الأخلاقي في العملية.
وكلما كانت آلية الإستخدامات سليمة ومعقولة وصائبة في التعامل وتجري بتوازن وبتجرد تام كلما كان التأثير أكثر وقعا على النفوس وعلى سلوكيات الفرد والمجتمع.
وبما أن الإعلام يصنف بأنه رسالة عالمية إنسانية ثقافية حضارية فلا شك أن أبرز مهمة من مهامه هو إشاعة الثقافة الجادة والسعي لنشر الوعي وإنماء الروح القيمية والتحرر من الفكر المنحرف ودرء الخطر ورفد الفكر الصالح وحتى لو كان إيمانيا عقائديا. على أن يتم دعمه بآليات الصقل والتهذيب والتشذيب. ولا ضير من الميل إلى بعض العادات والتقاليد التي ترتبط بالحضارة ارتباطا مباشرا والحرص في العمل على تنقية البيئة الإنسانية والمجتمعية من أي تلوث فكري منحرف يهدف إلى هدم صروح الثقافة العامة.شريطة أن تسير هذه الآلية بمنأى عن النزعات القومية أو الإقليمية أو الإثنية
والتقيد بالصورة الأنفة الذكر وشروطها وسلوك المسار الصحيح ربما يسهل على الإعلام تحقيق السعادة للفرد والمجتمع.
الإستحداثات لآيدلوجيات الإعلام
ثانيا ً: في مرحلة ما بعد عام 2003 اكتظ سجل قيد القنوات الفضائية أو حتى الإذاعات التي سرعان ما تهافتت في التسابق الأحزاب أو المكونات أو حتى الأشخاص والميسورون على تأسيسها وقد ضاق هذا السجل بالتسميات والعناوين وكل منها يرمز إلى ملمح معين فضلا عن الشعارات البراقة. ولعل تسمية (الإسلامية) أخذت الحصة الأكبر من هذا الكم الهائل في التزاحم من تلك التي تعذر علينا ليس مشاهدتها أو سماعها فحسب بل حتى حفظ أسمائها , وانقسمت الإسلامية سنية وشيعية. وهذا ما لا يخفى على أحد.
ولعل القسم الأكبر من هذه القنوات تمحور أو انصهر بقالب أعده وجهزه وقولبها بها المؤسس أو المؤسسون غير أن بعضها سرعان ما انحرف عن المسار حين داهم على حين غرة العاملين فيها التماهل أو التناهي عن التطويق والتقيد والقولبة فبدأت القوالب تتمدد تلقائيا لتسيح الأفكار وتطفح وتفيض على الجوانب من ها هنا وها هناك فتتغير الصيغ والأنماط والأشكال.وتكتسي كساءً غير الكساء الذي فُصِلَ لها في البداية ويختلط الحابل.
وقد بلغ الحال إلى أن تصبحَ بعض الأسماء والعناوين لبعض القنوات ما هي إلا مجرد غطاء وهمي أو غلاف ينطوي على مآرب وأهداف يسعى أصحابُها أو مؤسسوها لتحقيقها.
ومما لا يخفى على أحد إن قسما من القنوات الفضائية أو حتى الإذاعات عناوينها وأسماؤها التي تزين واجهات مقراتها أو شعاراتها (اللوگة) التي تظهر على أركان شاشاتها توشي إلى أنها تحمل صبغة إسلامية.فسميت (قنوات فضائية إسلامية) بشطريها السنية منها والشيعية ولوحظ أن القسم الأكبر منها انتهجت منهجية دغدغة المشاعر بطريقة سلسة ناعمة لمحاكاة عقليات بسيطة محدودة المدى وبوسائل جذابة تتماشى مع مجريات التسطيح الفكري أحياناً لا لشيء إلا من أجل أن تستقطب أكبر عدد من المتابعين أو المناصرين لها لتتخذ منهم زبائن تمرر بهم مآرب معينة وبهم ترفع مؤشر بوصلة العامل النفسي وتجعلهم مصداقا لمزاعمها وإدعاءاتها لعلها تقنع بهم الآخرين أو ترمم بهم بعض الصور وتحسنها وتسلك بهم سبيل الخيلاء.
إلى اللقاء في الجزء الثاني
أقرأ ايضاً
- القنوات المضللة!!
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- مراقبة المكالمات في الأجهزة النقالة بين حماية الأمن الشخصي والضرورة الإجرائية - الجزء الأول