- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الحرية لا تقيدّها قيود ولا تحدّها قضبان
بقلم: عبير المنظور
مخطئون هم الطغاة والجبابرة، يظنون أن تكبيل الأحرار وتكميم أفواههم وتقييد حريتهم وسجن أجسادهم بين أربعة جدران يحقق لهم الطمأنينة ويمنحهم القوة، لا يعلمون أنهم يقومون بذلك ضعفاً منهم لأنهم لا يستطيعون مواجهة الأحرار بالفكر والعلم والمنطق.
لا يعلمون أنهم يقومون بذلك لإشباع غرورهم وأنانيتهم وغطرستهم وإسكات عقد نقصهم.
ولا يعلمون أن الأحرار لا يُسكتُ أرواحهم سجن ولا قضبان ولا قيود ولا تهديد ولا وعيد ولا تعذيب.
فالاحرار يبقون أحراراً بفكرهم وعقيدتهم ومفاهيمهم الحقة ونشاطهم الحركي في سبيل تحقيق أهدافهم مهما حاول الظالمون سجنهم وتقييدهم.
فالحرية تقبع في نفوس الأحرار الأبية التي تأبى الظلم والزيف.
لا في سكك الشوارع التي تغص بالسجناء!.
فكم من طليق يعيش سجناً وكم من سجين يعيش الحرية!.
فهناك من هو سجين الذات وسجين المال وسجين الجاه وسجين السلطة والمناصب وآخر سجين الشهوة ووووو.
الحرية لا تقيدها قيود ولا تحدّها قضبان، فالروح الحرة الأبية تبقى تسبح في فضاء حرية رأيها ومعتقدها وهدفها ورسالتها، مهما حاول الظالمون من أن يكبحوها تزداد جموحاً واصراراً وعزيمة، والأكثر من هذا فإنها تؤثر في الجماهير بشكل إيجابي ويعطيها الأمل والعنفوان لمواجهة الباطل،
وبلحاظ ما تقدم فإن الطغاة هم الخاسرون في المعركة بجميع الاحوال.
خمس وثلاثون عاما وإمامنا موسى الكاظم (عليه السلام) يتنقّل من سجن الى سجن، ومن طامورة الى اخرى مع ثقل حلق القيود، وهو هو ذات الروح الأبيّة التي لم تستسلم للباطل ولم تخضع لغير الله وأثّر في الأمة طليقاً وسجيناً،
لا القيود ولا القضبان منعته من إكمال رسالته وتربية شيعته في أحلك الظروف السياسية والاجتماعية.
ومما زاد من حنق ظلم بني العباس عليه (عليه السلام) هو تأثيره الحي الحاضرفي الامة وبقوة مهما أبعدوه عن قواعده الشعبية ومهما حاولوا أن يكسروه بتشريد أبنائه وتطريدهم والفتك بهم وبشيعته،ومهما ضيقوا عليه سجنه وإذا بالإمام الكاظم عليه السلام يتشامخ ويتسامق نحو العلياء عزاً وسمواً في فضاء حرية روحه الوثابة الحرة.
هذا هو الانسان الحر والأبّي. يحوّل سجنه وقضبانه الى فضاء للحرية والثبات والدعوة الى الله، فكم من سجّان غليظ القلب، وغانية متهتكة قد تحوّلوا تحولاً جذرياً من الإنحراف الى الإستقامة لتاثرهم بالامام الكاظم (عليه السلام) الذي كان سجينا ظاهريا وهم الطلقاء، فإذا به يحررهم من سجن ذاتهم نحو فضاء الحرية الحقيقية، كما تأثر من قبلهم بشر الحافي وتحرر من سجن ذاته الى الحرية الحقيقية.
ومن سيرة مولانا الإمام الكاظم عليه السلام نستخلص هذه العبرة لكل من سُجن ظلماً مادياً او معنوياً وفرضوا عليه قيوداً وقضباناً وقيدّوا حركته وأهدافه ورسالته وحبسوا أخلامه وآماله في طامورة تحت الأرض:
مهما حاول الظالمون إسكات أصواتنا الصادحة بالحق والمطالبة بالحقوق، وتقييد حركتنا وسجننا سواء كان سجناً مادياً أو معنوياً لن نستسلم فحريتنا في أرواحنا الرافضة للظلم، حريتنا أن لا نخضع للظالم، ولن تكسرنا القيود والعراقيل التي يضعوها في طريقنا.
سنستمر مهما ضيّقوا علينا سجننا المادي والمعنوي سننطلق بثوابتنا ومفاهيمنا وسنؤثر في الامة ما دمنا على طريق الحق.
فحرية ارواحنا تحلق في فضاء الامام الكاظم عليه السلام الرحب ولنا فيها القدوة والاسوة في مواجهة اقسى الظروف والتحديات واستلهام معان الثبات والصبر وكظم الغيظ.