بقلم فاطمة فرمان
أسير في الطرقات ليلاً بلا قنديل، أرى النّجم يتصدق عليّ بضوء خافت مثل ضوء السيجارة، و اليوم المشؤوم زاد ليلي تعاسة، بالرغم من جمال عينيه الساحرتين! و اواكب السير، لمحت عجوزا ينام في الطريق.. السماء تغيثه بالمطر! و الأرض برطوبتها! و البرد يدور حول جوارحه المبللة، سألته: أيّها العجوز ألديك مظلة! قال: أجرتها مقابل سيجارة أشربها في الصباح.. المستأجر مثلي حظه مثل الطحالب! اواصل الخطى و اذا بشباب في المقهى و دخان سجائر الذي يخرج من أفواههم.. يصل الى العجوز المبلل الذي استأجر مظلته مقابل سيجارة واحدة!! و قد تركوا لذة جمعتهم وتسمّروا امام هواتفهم النقالة الغبية! بالقرب منهم مطعم نفاياته يتحسر على شذرات منها العجوز و أمثاله من المشردين في الشوارع! رأيت كوخاً فرحت كثيرا و بدأت استذكر الماضي و انا اقترب منه تطوف في مخيلتي حكايات جدتي.. طرقت باب الكوخ، و اذا برجل ينادي: من الطارق ؟ اليوم الانترنت متوقف الخلل من وزارة الاتصالات!! حتى الكوخ الذي يرمز الى الإنسان القديم وتراث البشر اضحى مركزا لهذه التكنولوجيا اللعينة! على بعد فرسخ المنزل الذي اقصده، جلست في زاوية منحدرة على نهر، اجمعت الحطب وبدأت بالحجارة أوقد النار عندها تذكرت جدتي و أناملها المشققة كالصحراء المتفطرة و هي تكّسر الحطب و تضعه في النار، عندما تهفت و تصبح جمرات تضع الشاي و يلتم الأهل و الأصدقاء.. و السمر طويل الذكريات لا تعود و لا شاي جدتي! لكن اللحظات تعود ونستطيع ان نجيء بأجمل منها.. لو _ تآلفت القلوب _ الهجر الجزئي للهاتف _ الزيارة المستمرة للأقارب _ الأهتمام بالجيران _ الأهتمام بالصلاة في المسجد الخاص بالمنطقة و هناك الكثير من الأشياء أن عملنها تعود لنا نكهة الماضي و نعيش الحاضر بأبهى صوره..
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!