- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
مؤتمر وارسو.. مهرجان للسلام في الشرق الاوسط ام مهرجان للتطبيع مع إسرائيل
بقلم: د. بشار قدوري
لا يخفى على احد شدة العداوة بين الشعوب العربية وبين إسرائيل المحتلة، ولكن في نفس النظرة نجد ان هذه الشعوب تنظر بشكل تواق لمقررات مؤتمر وارسو مادام موجهة ضد طهران لانه يحاكي الواقع وتحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة، حيث اصبح المواطن العربي في حيرة فمن جهة تجدها مهدده بوسائل الاعلام العالمية بان ايران هي القوى المارقة في المنطقة، ومن جهة أخرى تجد التطبيع مع إسرائيل على قدم وساق، وبين خوف العرب من طهران نهرب الى الامام نحو إسرائيل هل هذا يعقل!!
لكن اذكر القارئ الكريم من وقف مع القضية الفلسطينية عبر التاريخ المعاصر هل هي امريكا ام ايران ؟!
فالغريب مع طهران انها مع دعم حماس والفصائل الفلسطينية، حتى ايام الشاه عندما دعم انور السادات في حربه، والغريب مع امريكا موقفها في بناء المستوطنات الإسرائيلية واضح وكذلك نقل سفارتها الى القدس وواقفه وداعمة لتلك.
نسينا امريكا واسرائيل التي خلطت المنطقة بالربيع العربي ودمرت أدوات النهوض عندها وزرعت صراعات فكرية وخلقت دوامة من الدمار والخراب وادى الى مصرع الملاين من العرب في مصر و العراق وسوريا وليبيا وتونس واليمن، اما خطر ايران على تلك الدول العربية لايقاس بمثيلاتها لذلك تناسينا القضية الفلسطينية واصبحنا نفكر بالقضايا الداخلية بل لم نفكر لمصلحة بلداننا الام التي نعيش فيها.
للعرب والتطبيع حكايه حيث قال الاخوة العرب في وارسو ان لاسرائيل حق الرد والدفاع عن نفسها ونسو الاخوة العرب الشعب الغزاوي المحاصر منذ سنين والدماء التي تسيل يوميا وترجم القادة العرب في وارسو جلوسهم على طاولة واحدة مع نتنياهو بانها سياسة الفن الممكن حيث زيارة وزير الخارجية العماني لمقر إقامة نتنياهو وكذلك جلوس وزير الخارجية اليمني جنب نتنياهو و الصور الجماعية وعشاء الإفتتاح ويتوج ماصرح به نتنياهو بان إسرائيل تصنع التاريخ كل هذه الأمور تعد سابقة خطيرة في السياسة العامة للقضية الفلسطينية، وننتظر قابل الأيام لنرى رد فعل طهران على ظلال المؤتمر وكذلك رد فعل الشعوب العربية ومعها ارتدادات مقررات وارسو.
الشعوب العربية عائمة على نظرية المؤامرة وكل من الزخم الإعلامي الموجة نحوها لاجل قيادة عقولهم وجعلهم بؤساء وكذلك حالة التقسيم والبؤس التي تعيشها المنطقة من حروب وإرهاب وفقر وجهل تجعل الشعوب خانعة لنظرية المؤامرة، حيث منذ اربعين سنة وايران لم تدخل شبرا للاراضي العربية وفي المقابل دخلت إسرائيل الألف الهكتارات وهدمت واكتسحت المدن والقرى الفلسطينية، صحيح نحن نتكلم عن حرب أيدلوجية وتغيرات ديمغرافية في المنطقة لكن في الواقع لايوجد تغيير سوء ان إسرائيل هي التي تمسك التغيير، فالمسألة تكون واضحة اذا افترضنا انه لايوجد بلد اسمة ايران فكيف يكون موقف الدول العربية من القضية الفلسطينية هل يتحجج العرب في حينها بان عدائنا مع دوله المريخ الفضائية اخطر من عدائنا مع إسرائيل وهل ستقف الدول العربية مع التطبيع بحجة خوفنا من الغزو المريخي للعرب.
نحتاج مصارحة مع عقولنا وتحكيم الامثل ثم الامثل لعلاج الواقع ونعمل توازن بين الصراعات لتجنب الافراط بحدودنا والتفريط بقضيتنا الجوهرية القومية والعراق نموذج لتلك المشكلة حيث الشعب العراقي بعيد عن القضية الفلسطينية بل قريب من التطبيع اذا حسب الاكراد على العراق، وكذلك نجدها حاضرة في محافظات اخرى عراقية فعديد من المحافظات الوسطى والشمالية تعيش حالة فوضى من الناحية الخدمية والتنموية والاجتماعية مما يجعل المثل الدارج الغريق يتعلق في قشة فكيف اذا كانت هذه القشة هي التطبيع.