بقلم: واثق الجابري
استقطاع دولار من كل برميل نفط، وتوزيعه على المواطنين؛ كلام جميل يصدر من مسؤولين وبرلمانيين، لم يفكروا بالتنازل عن دينار واحد من مخصصاتهم وإمتيازاتهم لصالح المواطن، بل لم يترددوا من دفع الأموال الطائلة لشراء المناصب، وعملوا طيلة فترة مسؤوليتهم من زيادة الفوارق الطبقية، وهم في قمة الإمتيازات والمواطن في وادي الحرمان.
صراع محموم على السلطة، وتنازل عن قيم ومبادئ، ومزايدة في حقوق المواطن، ومتاجرة باحتياجاته، وتدمير المصلحة العامة، بأدوات لثراء لم يتصورها حتى في الأحلام.
ماذا تتوقع من الذين يفكرون بالثراء والجهوية والإرث الفاحش، ويتميزون بكل ما يمكن، ومنها الحقوق الأساسية، فتذهب معظم الثروة بين الهدر والفساد وامتيازاته، حتى مخصصات الزوجية والنقل والأطفال والسكن يختلفون بها عن الموظف، فما بالك بمواطن دون وظيفة أو فرصة عمل، ولذا لا يمانع هؤلاء من المزايدة والمتاجرة بحق المواطن، وإطلاق الشعارات، التي جدواها، تخدير لتمرير مأرب أكبر.
الحديث الذي يتكلم به بعض النواب عن استقطاع دولار من النفط لا يخلو من المزايدة، ومن العزف على هموم مواطن فقد الثقة بمعظم الطبقة السياسية المتاجرة، تلك التي تدور مشكلاتها بعواطف واحتياج مواطن، أصبح يحلم بنيل جزء يسير من الحقوق.
المطالبة بتوزيع أموال النفط على الشعب، وجهة نظر غير واقعية ولا مدروسة، بل عاجزة عن فهم إدارة الإقتصاد والتنمية وتوزيع الثروات، وهذه الأموال التي تأتي من النفط لا يمكن أن توزع ريعاً، ويتحول ما يخرج من الأرض الى ما يعود لها، بل يحتاج نظرة اقتصادية تعالج مشاكل جمة لا يمكن لدولار أن يخفف كم تراكمات وطبقية عن الشعب، ويمكن استثمار هذا الدولار ليصبح عشرة نهاية العام، وتقدم به خدمة ومدارس وصحة وتعليما وحدائق ومعملا ومزرعة.إن النفط والغاز ملك الشعب العراقي حسب الدستور، لكن الدينار عند تاجر كبير أن استخدمه بالشكل الصحيح، أفضل من دينار الفقير؛ فالأول يُفكر في وضعه موضع الإستثمار، وسيزداد بمرور الوقت، وربما سيكون بابا لمشاريع تدر ملايين الدنانير.
والثاني في موقع الإستهلاك، وفي اليوم الثاني سيبحث عن دينار جديد، وهكذا في نهاية العام أو في نهاية اليوم لا يملك دينارا سوى بالبحث مجددا، والدولة تاجر كبير، بينما المواطن مهما كان فهو فقير قياساً لواردات وإمكانيات الدولة. يشكو العراق من تشوه الاقتصاد، وعدم الاستفادة من الواردات سيما النفط منها، وكل ما يصل الخزينة يقسم بين موازنة تشغيلية بشكل رواتب وإعانات تصل الى ما يقارب 65%، والمتبقي استثمارية ولمشاريع غير منتجة، فيما لم يخصص منها للمشاريع الإنتاجية، والخدمات البنيوية التي تؤدي الى الإنتاج، فالمجتمع المتعلم والصحيح، أكثر إنتاجاً من الجاهل المريض، لذا لو استقطع دولار واحد من كل برميل مقابل كل مواطن، وتحول الى مشروع إنتاجي وصحي وتعليمي، وبذلك سيكون عشرات المشاريع الإنتاجية سنوياً، وآلاف الكفاءات، والمشاريع ستنتج مشاريع، وتُشغل عشرات الآلاف من العاطلين، وكل دولار يستقطع للمواطن، سيتضاعف أضعافا.
أقرأ ايضاً
- ارتفاع سعر صرف الدولار .. استمرار الغلاء الفاحش
- الأولويّةُ للمواطنِ وليسَت للحاكم
- الماء والكهرباء والوجه الكليح !